عاجل
الخميس 2 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
الاعلان الدستورى .. ( المكبل)

الاعلان الدستورى .. ( المكبل)

بقلم : محمد هيبة



 

 

مهما كانت النوايا حسنة.. والأهداف نبيلة.. تلك التى استند إليها الرئيس مرسى فى إعلانه الدستورى الأخير الذى فجر بركان الغضب فى الشارع المصرى والقوى السياسية والثورية والليبرالية عدا التيار الدينى طبعا.. إلا أنها لا تبرر بأى حال من الأحوال تجاوز الصلاحيات المحددة لرئيس الجمهورية ولا تجعل سلطاته مطلقة.. وأيضا لا تحصنها وتجعلها من أعمال السيادة التى لا يجوز الطعن عليها إلا إذا كنا فى حالة الحرب أو الحرب الأهلية.. ولا يمكن أن نجعل هذه الصلاحيات بمنأى عن سيادة القانون.. وإعمال دولة القانون التى نسعى لترسيخ قواعدها جميعا.

 

 

ومهما قيل أيضا من تفسير وطمأنة بأن هذا الإعلان هو مؤقت لحين صدور الدستور أو عودة المجلس التشريعى لممارسة صلاحياته، فإنه أيضا لا يبرر انفراد الرئيس بسلطة التشريع وإصدار الإعلانات الدستورية على هذا النحو الذى قلب الأمور رأسا على عقب.. فاستخدام سلطة التشريع مع غياب مجلس الشعب يكون فى أضيق الحدود وفى حالات الضرورة القصوى، وبدلا من أن يحل هذا الإعلان الأزمات التى تعيشها الأمة جراء الانقسامات وتعنت الأغلبية الدينية ضد القوى الليبرالية وقوى الثورة فى مشروع الدستور.. عقد الأزمات أكثر وأكثر وأدخل جهات ومؤسسات أخرى كانت على الحياد مثل مؤسسة القضاء وأدخلها حلبة الصراع السياسى ليتكتل الجميع ضد إعلان الرئيس ومن ورائه الداعمون له وعلى رأسهم الإخوان والحرية والعدالة، والغريب ومن المضحكات أن إعلان الرئيس وحد قوى الثورة.. وأعداء الثورة ووضعهما على مصاف واحد وبوتقة واحدة.. وهو ما يثبت جليا أن الإخوان بسياستهم يخسرون الشارع والأرضية التى حصلوا عليها يوما بعد يوم.. الرئيس عالج الأخطاء والأزمات..

 

بأخطاء وأزمات أفدح وأقوى، ولست أدرى بالضبط من هم المستشارون القانونيون الذين يشيرون عليه بهذه القرارات التى تفجر الأزمات ضده وينصبون له الأفخاخ التى تقلص من جماهيريته وشعبيته وتجعله رئيسا فقط لجماعة الإخوان، وليس رئيسا لكل المصريين كما قال، وهذه ثالث مرة يشيرون عليه بقرارات غير دستورية وغير قانونية.. الأول عندما أعاد مجلس الشعب رغم حكم الدستورية العليا، والثانى إقالة النائب العام، والثالث الإعلان الدستورى «المكبل».. والدليل على ما أقول أنه بدلا من أن يتعامل الرئيس مع مشكلة الجمعية التأسيسية بالتعامل الموضوعى للانسحابات المتتالية نتيجة تعنت التيار الدينى إخوان وسلفيين، بالإصرار على صياغة مرعبة لمواد بعينها.. ومواد يريدون فرضها بالقوة تقوض مدنية الدولة.. وبدلا من أن يتدخل الرئيس لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر.. إذا به يحصنها من الحل إذا أصدرت المحكمة قرارا ببطلان تشكيلها..

 

وهو بهذا تخيل أنه حل المشكلة حتى لا يعيد مشروع الدستور إلى نقطة الصفر.. إلا أنه عقد المشكلة أكثر وازدادت الانسحابات بعد قرار الرئيس.. فالمشكلة يا سيادة الرئيس ليست فى تشكيل الجمعية ومد عملها.. ولكن المشكلة فى إصرار تيار معين على خروج دستور مشوه ناقص يقوض الحريات والحقوق.. ويخلق من بعض قوى المجتمع وتياراته قوى موازية للدولة مثل جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.. والغريب أن الرئيس يضطر لهذا مع أنه الوحيد الذى يملك سلطة إعادة تشكيل التأسيسية إذا ما تم حلها، لكنه لا يريد أن يبدأ من نقطة الصفر.. المقصد والهدف جميل ونبيل، ولكن الطريقة غير صحيحة وغير سليمة بالتحصين ضد الإلغاء بأحكام القضاء.. والحقيقة قد يكون الإخوان قد خشوا عند إعادة تشكيل التأسيسية أن يخضع الرئيس لضغوط التيار المدنى بإعادة التوازن لهذه الجمعية وتغليب مبدأ المشاركة لا المغالبة.. فهم يريدونها مغالبة لا مشاركة وهذا واضح من أدائهم وتصرفاتهم وسلوكهم السياسى.

 

الأمر الثانى: ما سر هذا العداء والموقف الغريب من النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود ولماذا يضع رئيس الدولة رأسه برأس أى منصب فى الدولة مع أنه رأس الدولة.. ولماذا يُظهر الأمر كأنه فى خصومة شخصية معه.. وحتى لو كانت إقالته مطلبا شعبيا وجماهيريا، فالدستور والقانون يحصنان المنصب ليحمى استقلال القضاء.. الرئيس المفترض فيه أن يكون حكما بين السلطات لا أن يكون خصما وحكما فى الوقت نفسه.

 

ثالثا: إذا كان الرئيس قد اتخذ عدة قرارات لها قوة القانون بالقصاص لشهداء الثورة وإعادة المحاكمات.. وإعطاء حقوق للشهداء والمصابين فهذا فى حد ذاته أمر جيد.. وكان يكفى الرئيس ذلك لكن بالطبع هناك مواد أضافها الرئيس تثير الريبة والشك.. وهو الصدام مع السلطة القضائية.. فلماذا يدخل الرئيس فى صدام مع السلطات الموجودة دون أن يتم بناء أركان الدولة بوجود دستور دائم.. وبوجود مجلس تشريعى فلم يبق من السلطات العاملة التى تمارس دورها بشكل فعلى على أرض الواقع سوى سلطة القضاء.. وهى سلطة مستقلة وتحقق الضمانة القانونية وتحد من تغول السلطة التنفيذية القائمة حاليا حتى يتم انتخاب مجلس الشعب.

 

الأمر الغريب الذى أثار الفزع لدىَّ هو أن بعض الذين يروجون لقرارات الرئيس وإعلانه الدستورى هم أساتذة قانون دستورى ورجال قضاء لهم باع طويل فى سلك القضاء ثم نجدهم يستبيحون الاعتداء على القضاء والدستور والقانون والحريات بدعوى الظروف الاستثنائية والضرورة الملحة.. وأعتقد أنه ليست هناك ضرورة ملحة تستدعى أن يتدخل الرئيس بإعلانه الدستورى المكبل والمقيد لأنه ليست هناك حالة حرب تستدعى صدور هذا الإعلان وتحصين قرارات الرئيس.

 

إننا كلنا ثقة فى أن يتدخل الرئيس لحل هذه الأزمة التى تفجرت وأشعلت نارا ستأتى على الأخضر واليابس فهو الوحيد الذى يملك حلها.. وأتمنى أن يئد الرئيس الفتنة فى مهدها على الأقل فيما يتعلق برقابة القضاء وتحصين التأسيسية ومجلس الشورى.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز