"السايس"، هو مسمى يطلق على الشخص المسؤول عن تنظيم حركة وانتظار المركبات "ركنة السيارة"، وأيضا من يقوم بمهمة نظافة وغسيل السيارة أثناء فترة انتظارها، ظهرت هذه المهنة في بادئ الأمر وانتشرت من خلال الجراجات العمومية أو الخاصة.
"الشارع" هو طريق عام ممهد لسير المركبات وتعود ملكيته إلى المنفعة العامة، حيث يقع على جانبيه رصيف خاص بالمشاة، ولا يجوز استغلال الشارع أو الرصيف في المشاريع الخاصة "غير القانونية"، التي تعوق حركة المرور وتمثل تعديا على أبسط حقوق المواطنين.
تطورت سيطرة "سايس السيارات" وأصبحت على نطاق أوسع، حيث قام باغتصاب الطريق والهيمنة على الشارع والرصيف، وانتشر بالشوارع والميادين، وأمام المطاعم والمحلات التجارية الكبرى، وغيرها من مناطق وأحياء بشتى المحافظات دون رقيب أو حسيب، وقام بفرض مبلغ مالي مقابل انتظار كل سيارة، هناك من يحاسب بالساعة أو باليوم، وتقدر التسعيرة على حسب رقي ومستوى الحي أو المنطقة التي يعمل بها والمبلغ الذي يحدده السايس.
برغم صدور القانون رقم 150 لسنة 2020 ولائحته التنفيذية رقم 5 لسنة 2021 بشأن تنظيم انتظار المركبات في الشوارع وإصدار رخصة لمزاولة مهنة منادي السيارات "السايس"، إلا أنه مازالت هناك شوارع ومناطق متفرقة بالمحافظات تحت سيطرة أشخاص يستغلون تلك المناطق والأماكن المشار إليها مسبقا لصالحهم الشخصي، هناك من يفرض سيطرته وهيمنته على شوارع رئيسية وفرعية بأسلوب أشبه بالاتاوة، التي يقوم من خلالها بابتزاز مقنن في شكل اكرامية أو مبلغ مالي مقابل "ركنة العربية"، من أجل حمايتها من أي ضرر قد تتعرض له من سرقة أو صدمة، وللأسف الشديد كل هذا يحدث أمام مرأى ومسمع المسؤولين دون تحريك ساكن.
مما لا شك فيه أن تحويل الأماكن المخصصة كجراجات للسيارات إلى محال ومصانع أو مخازن، وعدم التزام العمارات والمنازل الجديدة بإنشاء جراج بناء على متطلبات وشروط رخصة البناء الحديث لضمان خدمة أفضل لقاطنيها، كان سببا رئيسيا في أزمة ندرة الأماكن المخصصة لانتظار السيارات، ما أسفر عن لجوء أصحاب وسائقي السيارات إلى الشوارع والأراضي الفضاء التي تحولت إلى جراجات خاصة، بالإضافة إلى استسلامهم لسايس السيارات "الفهلوي"، الذي يستغل قائدي وأصحاب المركبات الخاصة، ويتقاضى مبالغ مالية مقابل المحافظة على سيارتهم بالشارع.
كل ما تم ذكره من توابع سيطرة "السايس" على الشوارع، كما كان دافعا لكثير من أصحاب المنازل والمحلات بوضع الكاوتش والحديد لحجز أماكن لسياراتهم الخاصة، هذا بالإضافة إلى زيادة انتشار ظاهرة قيام بعض الأشخاص من سكان الشارع باستغلاله وتأجيره لانتظار السيارات مقابل مبالغ مالية لحسابهم الخاص، الأمر الذي ساهم في اغتصاب الشوارع ذات الملكية العامة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من السوء بل زادت أطماع السايس، وأدت رغبته في تحقيق المزيد من المكاسب إلى عدم اقتناعه بوجود صف واحد من العربات، بل زاد أيضا من عدد الصفوف في الشوارع الأمر الذي أدى إلى تشويه المنظر الجمالي للطريق، وحدوث اختناقات مرورية ينتج عنها تعطيل المصالح، وإهدار الوقت دون جدوى، كما نتج عن ذلك حدوث اشتباكات بين سائقي الحافلات سواء أكانت عامة أو خاصة، بالإضافة إلى إعاقة حركة المواطنين فى الطريق، وعدم وجود مكان أمن للسير خصوصا للأطفال وكبار السن، حيث تجد السيارات على الرصيف والعامة على الطريق. لذلك لا بد من تخصيص أماكن بعينها لركن السيارات وفرض غرامات كبيرة على المخالفين.
مما لا شك فيه أن الإدارة العامة للمرور حريصة كل الحرص على أمن وسلامة الجميع، حيث تقوم بدورها التوعوي في الإعلان عن الأرقام الخاصة لتلقي الشكاوى الخاصة بالتعرض لمضايقات السايس وحوادث الطرق، وذلك في إطار دورها في القضاء على مظاهر الفوضى والعشوائية بالحركة المرورية بالشوارع.
في النهاية أتمنى أن يتم تقنين وضع "سايس السيارات" بمحافظات الجمهورية بشكل قانوني، من أجل الحفاظ على المنظر الجمالي لشوارعنا ومدننا من خلال محاربة والقضاء على أشكال الإهمال والفوضى في الشوارع والأرصفة التي تم انتهاكها واغتصابها دون وجه حق، فضلا على ضرورة ردع المخالفين وتطبيق الغرامات الرادعة لمنع أي اعتداء على الرصيف أو الشارع، واستعادة حق المواطن والدولة بشكل حاسم من أجل فرض هيبة الدولة والقانون على الجميع دون استثناء.



