الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

الإنسان لا يستطيع أن يعيش وحيدا ومنعزلا في هذه الدنيا، وخير دليل على كلامي هذا هو أن الله عز وجل عندما خلق البشر، لم يخلق سيدنا آدم فقط بل خلق من ضلعه حواء، ليؤنسا بعضهما البعض. كما تدعونا كل الأديان إلى الرحمة والأخوة والتسامح مع الءخر، لذا فمن الواجب على كل من يقدم النصيحة أن يقدمها بكل رفق ولين، وأن يكون هو ذاته يعمل بها ويطبقها فى حياته. 

لكننا أصبحنا اليوم أساتذة في إعطاء النصائح للآخرين، بينما نحن في أمس الحاجة إلى هذه النصيحة، وإذا استطاع كل واحد منا أن يوفر نصيحته لنفسه لكان كل فرد منا قد استفاد من نصائحة المبعثرة وأفاد الآخرون أيضا منها، وذلك لأن "فاقد الشيء لا يعطيه".

المضحك والغريب عندما تجد طبيبا مدخنا و ينصح المريض بمقولة "التدخين ضار جدا بالصحة ويسبب الوفاة"، والكارثة تأتي من الشخصية" الجهبز" الذي يحمل لقب مدرب ومحاضر عندما يكون عنوان محاضرته هو "كيف تصبح مليونير"، فى حين أنه لا يمتلك سوى ما تحمله جيوبه من عرق قوت يومه، أو بعض الجنيهات التي يستطيع من خلالها أن يحجز مكانا له في المواصلات من أجل العودة إلى المنزل. 

لذلك يجب على كل شخص منا أن يلتزم بالنظر في ورقته، ولا يشغل باله بإمعان النظر والتركيز في ورقة غيره طالما ورقتك تحتاج أن تعتني بها، ركز في ما تفعله وليس فيما يفعله الآخرون، اهتم وأبدأ بنفسك وحاول أن تصلح من نفسك لأنها البداية في إصلاح العالم. وعندما تكون أهل بإعطاء النصائح للآخرين فعليك أن تنتبه إلى الطريقة الأمثل في النصح، حتى لا يتحول الأسلوب إلى نقد لا يتقبله الآخر، ربما تحمل النصيحة الإرشاد السليم المفيد وصاحبها يفشل في إيصالها أو تحقيق  الاستفادة والهدف منها، في هذه الحالة تصبح النصائح مهدرة وتبحث عن مستفيد. 

كل إنسان يحمل بداخله نظارة يرى من خلالها ما حوله، ووضوح الرؤية مبني على صفاء ضمير الشخص، كما تختلف شفافية عدسات النظارات الداخلية من شخص إلى آخر، هناك من لديه مصالحة مع ذاته ومع الآخرين فيرى ما حوله بوضوح ونقاء وفي أجمل صورة.

في حين تجد أشخاصا لا يشاهدون ما حولهم نظرا لصعوبة الرؤية وتعتم نظاراتهم الداخلية، حيث يرون الصورة سوداء، ويستمرون على هذا الحال إلى أن يتمكنوا من مسح وتنظيف نظاراتهم حتى يستطيعوا أن يروا الحياة بألوانها الطبيعية والحقيقية، ذلك لأن أصحاب النفوس الكارهة يتعايشون مع الوهم لا يعرفون طريقا للسعادة الحقيقة، حيث يفتقدون مذاق الحياة الجميلة الصادقة النابعة من صفاء النفس ونقاء القلوب، أما من يتمنى الخير للغير  يأتيه الخير من أوسع أبوابه، أحسن نيتك للناس وأبعد عن قلبك الغضب والحقد والكراهية والبغضاء، تفائل فيما هو قادم "تفاءلوا بالخير تجدوه".

رغم أن هناك حالة من التخبط قد أصابت العديد والكثير من البشر، فهناك من يصدر الوجه المتجهم أمام وجوه من يقابلهم من البشر، في حين تجد هؤلاء أنفسهم يبتسمون أمام عدسات الكاميرات أثناء التقاطهم الصور التذكارية أو أمام كاميرات الإعلام، مشاهد تعكس كم الجمود في المشاعر والأحاسيس الإنسانية لدى هذا الشخص الذي تراه كالمصاب بمرض ازدواج الشخصية، لأنهم في النهاية لا يعرفون أنهم يضحكون على أنفسهم وينافقون الآخرون أمام عدسات الكاميرات.

نصيحتي لكم أيها الأحباب أن لا تخطف عدسات الكاميرا ابتسامتكم حتى يستطيع من هم حولكم التمتع بها، "تبسمك في وجه أخيك صدقة". كما يجب أن تهتم بمسح نظاراتك الداخلية باستمرار لكي تتمكن من رؤية الحقيقة التي تتمنى أن تشاهدها، كن حريص على صفاء ونقاء ضميرك وابتعد عن حب الذات والأنانية حتى يسود بين مجتمعنا المودة والرحمة وتسمو المعاملات الإنسانية بيننا.

أما إذا كنت من الذين يتباهون بإعطاء وتوزيع النصائح للآخرين دون الاستفادة منها أو تطبيقها على نفسك أولا، او إذا كنت لم تستطع أن تصل الى مرحلة التسامح الداخلي والتصالح مع النفس، فانصحك بهذه النصيحة، وهي "امسح نظارتك الداخلية.. ووفر نصيحتك لنفسك".

تم نسخ الرابط