في سابقة غير معهودة في عمل المنظمات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان، وجدنا المفوض السامي لحقوق الإنسان يتدخل بشكل سافر في الشؤون الداخلية لمصر بصفة عامة، وفي أعمال السلطة القضائية بصفة خاصة، وأخذ من قمة المناخ المنعقدة في شرم الشيخ وسيلة للضغط على مصر، لإجبار القيادة السياسية على الإفراج عن أحد المسجونين في قضية جنائية، وليست قضية متعلقة بحرية الرأي، كما ادعى هذا المفوض السامي، ولا تمت بأي صلة بقضايا حقوق الإنسان، لكنها جريمة جنائية بنسبة ١٠٠%، وتمت معاقبة المتهم وفقًا لكل القواعد، والإجراءات، والضمانات المتعلقة بحقوق الدفاع في القانون المصري!
ودعوني أسأل السيد فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان، هل تسمح في بلادكم بأن يحرض شخص معين على قتل رجال الجيش والشرطة؟ وهل تسمح بلادكم بالتحريض على نشر الفتنة والأخبار الكاذبة؟ وهل تسمح بلادكم بالتحريض على حرق أقسام الشرطة والمنشآت المدنية؟ وهل تسمح بلادكم بالتحريض على حرق متاحفكم والمنشآت التي تحفظ وثائق تاريخكم وحضارتكم؟ وهل تسمح بلادكم بترويع المواطنين وتهديد حياتهم المستقرة؟ أليس في كل ذلك انتهاكًا لحقوق الإنسان بكل أجيالها؟!
ودعني أذكرك أيها المفوض السامي بتصنيفات حقوق الإنسان بكل أجيالها، سواء كانت حقوقًا مدنية وسياسية، أو حقوقًا اقتصادية وثقافية واجتماعية، أو حقوقًا تنموية تتعلق بالحق في التنمية، فهل يتفق مع حقوق الإنسان بكل تصنيفاتها ما فعلته بشأن المدعو علاء عبدالفتاح الذي تدافع عنه، وتضلل المجتمع الدولي بطبيعة قضيته، وتحولها من قضية جنائية إلى قضية تتعلق بحرية الرأي؟ وهل تدخلك السافر في قضاء مصر المستقل يتفق مع المواثيق الدولية التي توهم الرأي العام بأنك تدافع عن القواعد والضمانات التي تضمنتها نصوصها؟!
أليس ما فعله المدعو علاء عبدالفتاح انتهاكا لحق الإنسان في الحياة وسلامة الجسد كأهم الحقوق المدنية؟ أليس ما ارتكبه هذا المدعو انتهاكا لحقوق الإنسان الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وحرمان المواطنين المصريين من استكمال دراستهم وتعليمهم ورعاية صحتهم بسبب المساهمة الممنهجة في تعطيل منشآت الدولة التي تقدم خدمات التعليم والرعاية الصحية للمواطنين؟ أليس ما فعله علاء عبدالفتاح وشركاؤه من الخونة والعملاء ضد حق الإنسان في التنمية؟!
ولعلك تعلم جيدًا أيها المفوض السامي أن التنمية في أي مجتمع من المجتمعات، لا يمكن أن تحدث إلا إذا كانت هناك حالة من الاستقرار الكامل في كل أقاليم أي دولة، فهل تقبل أن يهدد شخص ما الأمن والأمان والاستقرار في بلدكم، ويعطل مسيرة التنمية؟ وهل دور المفوضية السامية لحقوق الإنسان هو التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتهديد سيادتها؟ وهل ما فعلته في قمة المناخ يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة ودورها الرئيسي في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين؟ أليس يعد ما فعلته في هذه القمة تحريضا على تعكير جو السلام بين مصر والدول المشاركة في فعاليات التغيرات المناخية، من خلال تضليل قادتهم وممثليهم بقضية العميل علاء عبدالفتاح، ومحاولة إيهام الرأي العام الدولي بأن هذه القضية تعد قضية حريات وحقوق إنسان، رغم أنها لا تمت بأي صلة لمفهوم القضايا الحقوقية؟!
وإذا كانت السيدة أنييس كالامار أمين منظمة العفو الدولية، قد خططت ورتبت معك جدول أعمال جلسة الحقد والكراهية تجاه الشعب المصري، والتدخل غير المشروع في أعمال القضاء المصري، ألم تشعر بأن ذلك كان واضحا، وكشفكم على حقيقتكم أمام العالم كله بصفة عامة، وأمام الشعب المصري بصفة خاصة؟ وهل يعد من حقوق الإنسان أن يتم منع مواطن مصري من التعبير عن رأيه بشأن قضية العميل علاء عبدالفتاح؟ وهل يعتبر من حقوق الإنسان القيام بطرد أي مواطن من جلسة مؤتمركم الصحفي المعد مع شقيقة علاء عبدالفتاح لمجرد أن رأيه يخالف توجهاتكم؟ فهل المقصود بحرية الرأي هو الرأي الذي يناسبكم ويتماشى مع تطلعاتكم، ويتفق مع مخططاتكم، ويساعدكم في تنفيذ أجنداتكم المشبوهة؟!
لعلك أيها المفوض السامي لا تعرف جيدًا الشعب المصري، ومدى وطنيته، وحبه لبلده، وارتباطه الروحي والتاريخي منذ آلاف السنين بجيش مصر العظيم، وتقديره لدور الشرطة الباسل في الحفاظ على الأمن الداخلي للبلاد، وأدعوك إلى دراسة ما حدث في ٣٠ يونيو ٢٠١٣م، لتعرف ماذا فعل الشعب المصري كي يسترد الوطن؟ ولتعلم أن ثورة الثلاثين من يونيو هي التي حطمت أحلامكم الخبيثة للنيل من مصر، وهي التي كشفت نواياكم السيئة بخصوص إعادة النظر في خريطة الشرق الأوسط، وتقسيم دوله إلى دويلات ضعيفة، ليتحقق حلمكم في تنفيذ ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد، ولكن قد خابت كل مساعيكم الماكرة، وتم القبض على كل عملائكم الذين فقدوا معاني الوطنية والوفاء والإخلاص للوطن، وتم محاكمتهم أمام القضاء المصري العادل، لتكون أحكامه عنوانا للحقيقة، ومطمئنة للشعب المصري على مستقبل حياته، والاستقرار الذي ينبغي أن يسود حفاظا على حقوق ومقدرات هذا الشعب العظيم، الذي لا يخيل عليه استغلال أي أزمة داخلية، لتضليله، وأخذه في طريق الاستجابة لدعوات الهدم والتخريب!
عفوا أيها المفوض السامي، أنت لا تعرف جيدا من هو الشعب المصري؟ ومن هي التي بنت قواعد المجد وحدها؟ ومن هي مصدر كل حضارات الكون؟ ومن هي صاحبة أكبر تاريخ بطولي في الدفاع عن الوطن واستقلاله؟ ومن هي المحبة للسلام في كل مكان، وقائدها الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يقول دائما تحيا مصر وتحيا كل الشعوب المحبة للسلام؟ إنها مصر أيها المفوض السامي وأيتها الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، إنها مصر التي لا يخيفها تقاريركم المزيفة، ومؤتمراتكم المضللة، وقد نجحت قمة المناخ رغم مؤامراتكم، وقد عرف العالم كله عن قرب ومن أرض الواقع عظمة وأصالة الشعب المصري، الذي لا يلبي إلا دعوات العمل بإخلاص من أجل مصر.
أستاذ القانون ونائب رئيس جامعة أسيوط السابق



