"معلومات الوزراء" يستعرض أبرز تأثيرات التغيرات الديموغرافية على الاقتصادات
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عددا جديدا من مجلة "آفاق اقتصادية معاصرة"، والتي تقدم إطلالة على الآراء الاقتصادية المختلفة لأبرز الخبراء والمحللين، سواء من داخل مصر أو خارجها والتي تشغل الدوائر الاقتصادية؛ وذلك لتقديم رؤى اقتصادية متكاملة لأهم الموضوعات الاقتصادية على الساحة، ولاستعراض أبرز المؤشرات المحلية والدولية مع التركيز على موضوع محدد في كل عدد.
تناول العدد الجديد موضوع "إدارة التغيرات الديموغرافية"، وناقش من خلال رؤى ومقالات الخبراء المشاركين به الانعكاسات الاقتصادية للتغيرات الديموغرافية، حيث تكمن أبرز التغيرات الديموغرافية في سرعة النمو السكاني ببعض الاقتصادات ومنها مصر، وتحول نسبة المراهقين الشباب الراشدين في اقتصادات أخرى، وتزايد طول الأعمار وشيخوخة السكان خاصًة في أوروبا وبعض الدول المتقدمة، والتوسع الحضري والهجرة الدولية، حيث تفرض هذه التغيرات تحديات جسيمة فهي تهدد النمو الاقتصادي واستقرار المالية العامة وجودة البيئة وتحقيق الرفاهية البشرية.
وفيما يتعلق بسرعة النمو السكاني تمت الإشارة إلى أن هناك تطورا في عدد السكان وخصائصهم الديموغرافية بشدة خلال الفترة الأخيرة، حيث وصل عدد سكان العالم إلى ما يقدر بـ8 مليارات نسمة خلال 2022، وقد تركز 59.3% من سكان العالم خلال عام 2021 في آسيا (بإجمالي 4.69 مليارات نسمة)، و17.6% في إفريقيا (بإجمالي 1.39 مليار نسمة)، و9.44% في أوروبا (بإجمالي 746.42 مليون نسمة)، و8.11% في أمريكا الشمالية (بإجمالي 597.12 مليون نسمة)، وأوقيانوسيا (44.49 مليون نسمة)، ومن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 8.55 مليارات نسمة في عام 2030، وأن يزيد إلى 9.74 مليار مع حلول 2050 ثم يصل إلى 10.30 مليار بحلول 2100، ويُتوقع أن تضم كل من إفريقيا وآسيا بحلول 2100 مجتمعين أكثر من 80% من سكان العالم.
وتمت الإشارة إلى أن أثر العوامل الديمغرافية لا يقتصر على النمو السكاني وإنما الأهم هو التغير في التركيب العمري والتغير في نسبة السكان في سن العمل، فإذا أدى النمو السكاني إلى زيادة نسبة الفئة العمرية (15-64) عامًا فإن أثر التحول الديموغرافي يكون إيجابيًا على الاستثمار والدخل من خلال التشغيل، وهناك ارتفاع في نسبة الشباب في سن العمل وأصبحوا يمثلون شريحة كبيرة وسريعة النمو من السكان، ففي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تحديدًا سوف يتضاعف عدد السكان في عام 2050 وينمو السكان في سن العمل (25-64 سنة) بوتيرة أسرع من أي فئة عمرية أخرى.
قدم العدد رؤى وأفكار الخبراء والمحللين حول أثر التغيرات الجغرافية على التحضر أي زيادة نسبة السكان بالمدن والأماكن الحضرية، حيث قُدرت نسبة السكان بالمناطق الحضرية عام 2021 بحوالي 57% من سكان العالم، وتختلف هذه النسبة بين الدول بشدة حيث سجلت أمريكا الشمالية حوالي 83% عام 2021، وفي أمريكا اللاتينية والكاريبي 81% وأوروبا 75%، وفي المقابل يعيش 61% من سكان شرق آسيا والمحيط الهادئ في مناطق حضرية، بينما هذه النسبة نحو 35% في منطقة جنوب آسيا، ويوجد في الهند أكبر عدد من سكان الريف حوالي 900.24 مليون نسمة عام 2021، تليها الصين بما يعادل 529.47 مليون نسمة، ويمثل مستوى التحضر في إفريقيا أقل من 50% ويتوقع أن ترتفع إلى 68% في عام 2050. كما استعرض العدد الهجرة الدولية والتي تعد واحدة من أبرز تأثيرات التغيرات الديمغرافية على الاقتصادات، حيث من المتوقع استمرار ارتفاع معدل الهجرة بسبب النزاعات والتغيرات المناخية وما أحدثته من تدهور بيئي وخاصًة إلى الجنوب ولا شك في أن للهجرة الدولية مردودًا اقتصاديًا مزدوجًا سواء على الاقتصادات المستقبلة أو الأم، فالنسبة إلى الاقتصاد المستضيف المستقبل للعمالة والمهاجرين فإن ارتفاع المهاجرين إليه يعني ضغطًا أعلى على الخدمات والمرافق العامة وهو ما يتطلب المزيد من الانفاق ولكن على الوجه الآخر فإن الاقتصادات المستقبلة للعمالة والمهاجرين التي تعاني من تراجع في التعداد السكاني أو من شيخوخة سكان ستكون العمالة الوافدة بمثابة قوة عمل دافعة للنمو والإنتاجية لديها كما أنها تمثل قوة استهلاكية جديدة تدفع الإنتاج وعجلة الناتج الاقتصادي.
أما بالنسبة للدول الأم فإن خروج نسبة كبيرة من سكانها في سن العمل هو خسارة لفرص إنتاج وتشغيل لديها إذا كانت تتمتع بمقومات التشغيل وتحفظ الاستثمار والإنتاج، ولكن من ناحية أخرى تمثل العمالة الخارجة منها تحويلات دولارية وافدة إليها؛ حيث ارتفعت التحويلات العالمية إلى 773 مليار دولار في عام 2021 بما في ذلك 605 مليارات تذهب إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
كما أشار العدد إلى إفادة تقرير صندوق النقد الدولي بأن الهجرة للاقتصادات المتقدمة تساهم في زيادة الإنتاج على المدى القصر والمتوسط حيث إن زيادة بنسبة 1% في تدفق المهاجرين نسبة إلى إجمالي العمالة، تزيد الإنتاجية في تلك الاقتصادات بنسبة 1% تقريبًا في السنة الخامسة من هجرتهم.
واستعرض العدد الآثار الديمغرافية على أسواق العمل، حيث تؤثر التركيبة السكانية على عرض العمالة عادة ومع انخفاض معدلات الوفيات يزداد المعروض من العمالة، ويمكن أن يؤثر التوزيع العمري المتغير للعمال ليس فقط على نمو القوى العاملة ومشاركتها ولكن أيضًا على معدل البطالة الطبيعي على المدى الطويل، وعادًة ما يكون لدى العمال الأكبر سنًا معدلات بطالة أقل من الفئات العمرية الأخرى ويميلون إلى تغيير وظائفهم بشكل أقل. تمت الإشارة إلى الآثار الديموغرافية على معدلات النمو الاقتصادي، حيث سيكون للتباطؤ المتوقع في معدل النمو السكاني ومعدلات المشاركة في القوى العاملة آثار على النمو الاقتصادي على المدى الطويل، وتشير التركيبة السكانية إلى أن نمو القوى العاملة سيكون أبطأ بكثير مما كان عليه في العقود الأخيرة مما يؤثر على النمو الاقتصادي على المدى الطويل.



