"ذا ديبلومات": صعوبات تعترض دول آسيا في رحلتها لتحقيق الاستفادة التجارية من الأنشطة الفضائية
قالت مجلة "ذا ديبلومات" الأمريكية، المتخصصة في الشؤون الآسيوية، إن الاستفادة التجارية من الفضاء تنمو بشكل أسرع من أي وقت مضى، لافتة إلى توقعات تفيد بأن صناعة الفضاء ستنمو خلال السنوات المقبل لتصل قيمتها إلى تريليون دولار أمريكي .
وأوضحت المجلة أن اقتصاد صناعة الفضاء على مستوى العالم بلغت قيمته ما يقرب من 470 مليار دولار في عام 2021، وذلك بعد نمو مجال الفضاء التجاري بأكثر من 6% منذ عام 2020، كما شهد العالم أكثر من 1000 مركبة فضائية جديدة في المدار حول كوكب الأرض خلال النصف الأول من عام 2022 وحده، لافتة إلى أن هذا النمو جذب دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي تحقق العديد منها انفراجات في مجال الفضاء.
وأشارت إلى أن أستراليا تعمل على توسيع منظومتها لأعمال الفضاء في المناطق الجنوبية من البلاد، بينما تقوم اليابان بتفعيل المعاملات التجارية في موارد الفضاء، بل وتنسق كلا البلدين مع المبادرات التي تقودها الولايات المتحدة مثل استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ.
وعلى جانب آخر، تواصل كوريا الجنوبية إحراز تقدم ملحوظ في سباق الفضاء مع تطوير قدراتها الفضائية، حيث أثبتت للمرة الأولى خلال العام الماضي نجاحها في نشر عدة أقمار صناعية حول الأرض مُستخدمة صاروخ محلي الصنع، بحسب المجلة، وهناك أيضًا الهند التي تضع سياسات جديدة للأعمال الفضائية لتمكين الأنشطة التي تقوم بها الكيانات غير الحكومية في قطاع الفضاء، كما تسعى الهند لإطلاق مبادرة جديدة في مجال تكنولوجيا الفضاء، باستثمارات متوقعة تفوق الـ 300 مليون دولار خلال عام 2023.
ورغم توفير قطاع الفضاء فرصا للشركات والحكومات الآسيوية لتحقيق أهدافها، إلا أنه يتسبب أيضا في حدوث مشكلات للحكومات وصانعي السياسات؛ نظرا لعدم خضوعه للسياسات واللوائح إلى حد كبير، وفقا للمجلة. وأوضحت المجلة أن المنظمات والآليات الدولية، مثل لجنة الأمم المتحدة للاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي ولجنة التنسيق المشتركة بين الوكالات المعنية بالحطام الفضائي، وضعت مبادئ توجيهية للدول لاستخدام سياساتها في الأنشطة المتعلقة بالفضاء، إلا أن هذه المباديء التوجيهية غير مُلزمة.
وبالرغم من أن المؤسسات المحلية التي تقودها حكومات الدول ، مثل وكالة الفضاء الأسترالية التي تأسست في عام 2018، تواكب التقدم العالمي في الأنشطة الفضائية، بيد أن التوجه العالمي يشير إلى أن الكيانات الخاصة ورواد الأعمال من المرجح أن يشغلوا موقعا مهما في سباق الفضاء. وعلى سبيل المثال تسعى شركة "سبيس إكس" الأمريكية إلى إطلاق حوالي 42 ألف قمر صناعي لإنشاء "شبكة ضخمة" من أقمار "ستار لينك" لتوفير خدمة الإنترنت للمناطق النائية وعلى مستوى العالم، بالإضافة إلى العديد من الشركات الأخرى المتخصصة في خدمات في صناعة السياحة الفضائية.
وترى "ذا ديبلومات" أنه عند دمج كل هذه التطورات الأخيرة معًا، تظهر عدة مخاطر جادة تعترض سبيل تقدم قطاع الفضاء وأنشطته، لكن تلك المخاطر لا تتوقف عند مستوى المدار الفضائي حول كوكب الأرض، بل هناك زيادة كبيرة في المخاطر على سطح الأرض، مع وجود بلاغات منتظمة عن سقوط حطام فضائي إلى الأرض.
ودعت المجلة إلى إظهار المزيد من الشفافية للمستهلكين فيما يتعلق بالمنتجات والخدمات المرتبطة بالفضاء، بدءا من تذاكر السفر إلى الفضاء من شركة "فيرجن جالاكتيك" التي تكلف حوالي 450 ألف دولار، إلى خدمة الإنترنت "ستارلينك" التي يُكلف شراء أدوات إعداد شبكتها المنزلية في أستراليا بعد الخصم حوالي 500 دولار أسترالي، إلى جانب رسم اشتراك شهري قدره 139 دولارا أستراليا.
ومع تنامي خدمات مثل السياحة الفضائية التي لا يستطيع تحملها سوى أفراد مختارون، ومنتجات مثل خدمات الإنترنت الجديدة التي قد تستهدف سوقًا استهلاكية أكبر، ترى "ذا ديبلومات" أن من الضروري معالجة التأثير البيئي للأنشطة الفضائية، خاصة وأن الكوارث المناخية أصبحت للأسف روتينية بالنسبة للكثيرين على الارض. وشددت المجلة على ضرورة بذل جهود فورية من تخصصات وفئات مختلفة لإتاحة معلومات مترابطة على مختلف المستويات بشأن تسويق وإدارة خدمات الفضاء لمساعدة صانعي السياسات والجمهور على الصعيد العالمي في تعزيز فهمهم للقضايا المعقدة والمترابطة المتعلقة بالفضاء.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مجالات مهمة خاصة بالمساءلة القانونية والتداعيات الوشيكة التي يجب على صانعي السياسات والإدارة العليا في المنظمات الربحية ورجال الأعمال والمجتمع العالمي معالجتها بناء على واقع بيئة الأعمال الدولية والأمن الدولي.
واختتمت المجلة التقرير بأن مثلما أصبح الوصول إلى الفضاء أكثر سهولة من أي وقت مضى وبأسعار معقولة للدول ذات القدرات التي تمكنها من الذهاب للفضاء، فمن المهم أيضا إضفاء الطابع الديمقراطي على المعرفة الخاصة بقطاع الفضاء للمساعدة في نشرها وكذلك التشجيع على مشاركة أوسع من دول وكيانات وأفراد جدد للانضمام إلى سباق الفضاء القادم.



