التنمر في الفن .. انفضح قبح الواقع
لم يأل الكاتب عبد الرحيم كمال جهدًا في سبيل تعرية الواقع وفضح قبحه وانتقاد ممارسات حتى لو كانت لأبناء كاره من الفنانين، ممن ينتزعون من الجمهور ابتسامة متهكمة ومريرة بالسخرية من أوزان زائدة وأطوال آخرين وعيوبهم الخلقية لتصبح مادة خصبة للسخرية والتنمر في مشاهد عديدة حفلت بها الأعمال الفنية.
أصبح عبد الرحيم كمال، خلال الساعات الماضية، حديث وسائل التواصل ليس بسبب عمل جديد وإنما لأنه وضع الأصبع على الجراح الملتهبة، وهو جرح التنمر الذي تقوم على أكتافه الكوميديا المصرية العريقة، حسب تعبير عبد الرحيم كمال، الذي يرى أن التنمر لا يكتفي فقط بالسخرية من أوزان وأطوال الناس ولكن يمتد إلى كل شيء، وذكر هنا الأمراض النفسية والعصبية والعيوب الخلقية وكل أنواع الاختلاف (طبقي- لوني- عرقي- ديني)، بالإضافة إلى الوظائف والبلاد، وخص هنا السخرية من الجنوبيين الصعايدة والشماليين الفلاحين كما يصفونهم.
ورأى عبد الرحيم كمال أننا في حال حذفنا من تاريخنا الكوميدي العريق كلا من الاقتباس والتنمر لن يتبقى منه سوى (صدى ضحكات الجمهور) على مر الزمان، جمهور عاشق حتى النخاع للتنمر والسخرية وإهانة بعضهم البعض، وفقا للكاتب عبد الرحيم كمال.
ورغم أن الفنانين هم أول ما يسارعون إلى مساندة كل من يتعرض للتنمر، وكذلك هم يواجهون التنمر على السوشيال ميديا بتعليقات جارحة وقاسية، إلا أن بعض الفنانين قد يكونون هم السبب في انتعاش ذلك التنمر بأعمالهم الساخرة وعينهم الثاقبة للعيوب والسخرية منها. ولم يكن كافيا أنهم فنانون بإبعاد صفة التنمر عنهم فهم متنمرون كذلك.
ويروي الناقد طارق الشناوي واقعة شهيرة ذكرها الفنان الراحل كمال الشناوي قبل وفاته تؤكد أن التنمر الحقيقي موجود منذ بدايات السينما المصرية بين الفنانين وبعضهم بعضا، وليس من قبل الجمهور فقط، كما أيضا المبالغة موجودة، يقول "إن كمال الشناوي في نهاية الأربعينيات حينما كان يشق طريقه، واجه اعتراضا على مستواه من قبل النجم الكبير المسيطر حينها أنور وجدي، فتندر الأول من الأخير كونه في رأيه لا يصلح أن يكون فتى الشاشة الأول بسبب بدانته، فاتصل وجدي به وأخبره بأن بدانته سببها مواجهته فقراً شديدا وجوعا حينما كان صغيرا، وأصبح يعوض هذا بالتمتع بكل ملذات الأكل بعد أن أصبح نجماً ثريا".
ويعتبر الناقد أن "ما حدث حينها لم يطلق عليه لفظ “تنمر”، فقط لأن التعبير لم يكن متداولا، لكن هذا يؤكد أن الفعل متوارث وموجود ولن ينتهي، ولكن ليس كل انتقاد لاذع تنمرا بالطبع".



