الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

العلاقات «المصرية - السعودية» تاريخية راسخة منذ فجر التاريخ لن يستطيع أحد زعزعة استقرارها الأبدى، تحكمها مواقف استراتيچية ثقافية اجتماعية يزيِّنها الطابع الدينى الذي يتسم به شعبا البلدين اللذان يشهد لهما التاريخ بريادتهما الحكيمة وإدارتهما للمنطقة العربية، والإقليم ككل عبر كل العصور.

من هذا المنطلق طرحنا عبر برنامج «كلام فى السياسة»- الذي يُذاع على شاشة قناة «إكسترا نيوز»- النقاشَ فى أهمية العلاقات «المصرية - السعودية» والتي تُعَد الأقدَم والأقوَى فى المنطقة؛ بل وفى العالم أجمع، موضحين أن تلك العلاقة لا تخضع للمَصالح ولا تتأثر بالأقاويل والمُهاترات التي تهدف إلى التشكيك فيها أو محاولة الوقيعة بين الدولتين الشقيقتين؛ بل هى علاقة تشابُك بين شعبين تربطهما علاقات تاريخية راسخة تحت قيادة سياسية حكيمة لا تلتفت إلى تلك المهاترات المعروف مَصدرها سائرين فى طريق أبدى يوطِّد تلك العلاقة والتي أطلقنا عليها مسمًى جديدًا على مسامع المواطن العربى ألا وهو «الحتمية الاستراتيچية» قاصدين بهذا العنوان توصيف العلاقة فى جملة ارتباطية أبدية لا يصلح المساس بها ولا يصح حتى محاولة الحديث فى ذلك من قريب أو من بعيد.

وشارك فى حلقة النقاش التي أدرناها خبراء وسياسيون وكُتَّاب من كل من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، مؤكدين خلال الحلقة- التي أذيعت الاثنين الماضى عبر شاشة قناة «إكسترا نيوز»- أن علاقة مصر بالسعودية صَنعت ملامح من التلاقى والتعاوُن الذي يُسطِّر تاريخًا سيظل عالقًا فى الأذهان وتتدارسه الأجيال إلى الأبَد.

من جانبه؛ قال الدكتور عزت إبراهيم، رئيس تحرير الأهرام ويكلى: إن الدور السعودى خلال ثورة الشعب المصري فى 30 يونيو، لم يأخذ حقه حتى الآن فى كتابة التاريخ. مؤكدًا أن ما قام به الملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمًيْن الشريفَيْن آنذاك كان خطوة مهمة ساهمت فى تشكيل المنطقة على ما هى عليه، ولولا هذا الدعم لواجهت الدولة المصرية الكثير من العثرات أمام المجتمع الدولى.

وأضاف: إن ما قام به «الملك عبدالله» فى هذا التوقيت، وموقف بلاده من جماعة الإخوان «الإرهابية» وتيار الإسلام السياسى كان مفاجأة لأطراف كثيرة لا تجيد قراءة المشهد السياسى فى المنطقة.

 وحدة استراتيچية بالمعنَى الجغرافى والأمنى

فيما أكد الدكتور محمد فايز فرحات، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيچية، أن هناك مقومات للدور «المصري - السعودى» المشترك المتكامل. مشيرًا إلى أن البلدَيْن وحدة استراتيچية بالمعنَى الجغرافى والمعنى الأمنى. موضحًا أن مصر والسعودية دولتان جارتان يفصلهما فقط البحر الأحمر لكن بالمعنى الأمنى هما وحدة استراتيچية واحدة.

وأضاف «فرحات»: إن مَصادر التهديد التاريخية فى منطقة الخليج العربى لا يمكن قصرها أو تعريفها على أنها مَصادر تهديد لمنطقة الخليج العربى فقط. لافتًا إلى أن جزءًا أساسيًا من هذا التهديد يأتى من دول غير عربية أو من خارج الإقليم.

وأوضح مدير مركز الأهرام للدراسات، أن مصر والمملكة العربية السعودية أخذتا فى الاعتبار أنهما دولتان مهمتان فى هذا الإقليم والعالم أجمع، وتقع عليهما بشكل كبير مسؤولية تحديد شكل الإقليم والسياسات الإقليمية وبالتالى التعامُل مع مَصادر التهديد المختلفة على أنها مَصادر تهديد مشتركة.

 علاقات استثنائية 

من جانبه؛ قال أشرف العشرى، مدير تحرير الأهرام، فى الشأن ذاته: إن العلاقات «المصرية- السعودية» صَنعت ملامح من التلاقى والتعاون على مدار 100 عام، وكثيرٌ من البطولات فى العمل السياسى والعسكرى والأمنى باعتباره نموذجًا استثنائيًا وفريدًا فى المنطقة استطاع أن يوفر الاستحقاقات الكاملة للأمن القومى العربى.

وأوضح، أن العلاقات الاستثنائية والفريدة بين البلدَيْن لعبت دورًا كبيرًا فى توليد هذه الخصوصية التي وفرت على الإقليم كثيرًا من المنحنيات والهزات العنيفة التي كانت من ضمنها حرب الخليج الثانية.

فيما قال العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيچية: إن التأكيد على مصطلح «الحتمية الاستراتيچية»- الذي أطلقه الإعلامى أحمد الطاهرى فى تقديمه للحلقة- يُعبر بشكل حقيقى عن نوع العلاقة ما بين مصر والمملكة العربية السعودية.

وأضاف «عكاشة»: إن العاصمتين آمنتا بأن العمل المشترك بينهما يحقق فائدة استراتيچية ليس للمملكة أو لمصر وحدهما؛ ولكنها تخدم معادلة الأمن للإقليم ككل.

وأكد «عكاشة»، أن الجغرافيا- والتي لها جانب كبير فى بناء «الحتمية الاستراتيچية»- تظل حاضرة، فكلتا الدولتين تقع على ضفتَىْ البحر الأحمر، وهو أهم مَمَر ملاحى على مستوى العالم، والذي ينتهى بأهم نقطة استراتيچية وهى «قناة السويس».

وقال الدكتور أسامة السعيد، مدير تحرير الأخبار، خلال الحلقة: إن مصر والسعودية بينهما بُعد روحى يمتد لأكثر من 1400 عام، وبالتالى فالعلاقات الشعبية هى رافد مهم للغاية؛ خصوصًا أن الدولتين تتشاركان رؤية واضحة وهو بُعد الإسلام المستنير الحضارى البعيد عن تيارات التطرف.

وأضاف «السعيد»:  إننا رأينا البُعد الإسلامى فى السياسة الخارجية فى التصدى لمحاولات الاعتداء على المقدسات الإسلامية والتصدى لمحاولات الإساءة لصورة الإسلام من 2001، إضافة إلى دور مصر والسعودية فى التصدى لما يُعرَف بمبادرات الإصلاح الغربية فى 2004 كالشرق الأوسط الجديد وغيرها.

وقال الدكتور على العنزى، المُحلل السياسى وأستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود، خلال النقاش مشاركًا فى الحلقة من المملكة عبر برنامج «سكايب»: إن المملكة العربية السعودية ومصر هما جناحا المنطقة العربية، ودون التنسيق والانسجام «السعودى- المصري» لن تكون المنطقة العربية على ما يرام. لافتًا إلى أن البلدَيْن لهما آراء واضحة تجاه القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وكل القضايا التي شهدها الوطن العربى منذ بدأت العلاقات بين البلدَيْن الشقيقَيْن.

 مواقف تاريخية

وأوضح «العنزى»، أن المملكة العربية السعودية لها مواقف تاريخية مع مصر؛ حيث وقفت المملكة بجانب مصر خلال الحرب، وتطوَّع قادة المملكة للقتال بجانب الأشقاء المصريين، والمطارات السعودية استقبلت الطائرات المصرية فى 1956 وحرب 1967، واتفق البلدان وقفزا فوق الخلافات وأصبح همّهما عودة العلاقات العربية.

  حرب 1973

 ونَوَّه «العنزى»، إلى أن المملكة العربية السعودية وقفت بجانب مصر فى حرب 1973 بتقديم الدعم العسكرى والمواقف الاقتصادية والسياسية، ووصلت الأزمة بين السعودية وأمريكا إلى أقصى مراحلها بسبب دعم السعودية لمصر.  

 مواجهة التحديات الإقليمية

فى السياق ذاته؛ أكد الدكتور محمد الحبابى، كاتب وباحث فى العلاقات الدولية، أن الاتفاق بين المملكة العربية السعودية ومصر فى مختلف الأمور والمجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، يؤكد عمق العلاقات بينهما وأنهما قدر الأمّة العربية فى مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

وقال «الحبابى»: إن الدول العربية الآن يقودها قادة المملكة السعودية ومصر والإمارات، وهم بحاجة إلى أن يكونوا قريبين إلى بعضهم؛ لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.

وأشار إلى أن الزيارات المتبادلة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وولى العهد السعودى واللقاءات مع قادة البحرين والأردن والإمارات تؤكد اتفاق الجميع، لكن لا تزال هناك تحديات اقتصادية كبيرة على المنطقة جرّاء ما أحدثته أزمة كورونا ثم الحرب «الروسية- الأوكرانية».

تم نسخ الرابط