تطرقنا بالمقال السابق على إيجابيات وسلبيات وسائل التواصل الإعلام الاجتماعي وكيفية تجاوزه الخطوط الحمراء لمهنة الصحافة، بالإضافة إلى كثير من البعثات الأجنبية تتابع هذه الوسائل وتصطاد ما يليق بها ويحوَّل لغرض التحليل المعلوماتي لمصداقية المعلومة أو من عدمها. مقالنا لهذا الأسبوع سوف نعرِّج إلى الدبلوماسية العامة الفعالة وعلاقتها بوسائل التواصل/الإعلام الاجتماعي، وكما هو معلوم فإنَّ علم الدبلوماسية هي أداة وسياسة الدولة بالخارج لتنفيذ خططها الاستراتيجية أو التكتيكية.
علم الدبلوماسية ونظرياته وارتباطه بالعلوم الأخرى تطور كثيرًا في نهاية القرن الماضي وأخذ أنماطًا كثيرة ومتنوعة منها:(الدبلوماسية الثنائية، التقليدية، دبلوماسية المنظمات الدولية، دبلوماسية الأزمات، دبلوماسية المفاوضات، دبلوماسية الدينية، دبلوماسية الثقافية والسياحية وأخيرا والتي تسمى في أكثر الأحيان الدبلوماسية الشعبية).
قبل التعرف على الدبلوماسية الشعبية وعلاقتها بالتواصل الاجتماعي وكيف يلعب التواصل/الإعلام الاجتماعي دورًا مُهمًّا في تحريك الشارع العام والبعثات الدبلوماسية بشكل خاص، مثال: الزلزال الكارثي الذي ضرب أهلنا في سوريا والشعب التركي الصديق، حيث لعبت فيديوهات وصور وسائل التواصل الشعبي دورًا في دفع البعثات الدبلوماسية إلى التحرك بصورة عاجلة وسريعة لإنقاذ ومساعدة الأهالي بعيدًا عن وسائل الإعلام الرسمية وهدفها إغاثة هذه الشعوب المنكوبة بسبب هذا الكارثة الطبيعية. الدبلوماسية الشعبية تُعرف بالإعلام الاجتماعي وهدفها إيصال المعلومة إلى الرأي العام (محليًّا أو عالميًّا) بأسرع ما يكون ولو كانت مغلَّفة. بمعنى آخر، تتصدر الدبلوماسية الشعبية على الإعلام الرسمي في العالم الثالث خصوصًا لطرح أفكار وأحداث لغرض إيصالها بصورة غير مباشر إلى مسؤولين في دفة الحكم لغرض معالجتها بالسرعة الممكنة والابتعاد عن أرستقراطية الدوائر الرسمية وروتينها المميت. فعلى سبيل المثال، إذا كانت بلدة بعيدة تحتاج إلى شارع مسلفت أو مبلَّط فإنَّ وسائل التواصل سوف توصل المقترح بأسرع طريقة إلى المسؤولين لغرض معالجة هذه المشكلة وآثارها، سواء في نقل المرضى أو الولادات أو طلبة المدارس، وخصوصًا في فصل الشتاء القارص المثلج، وبالتالي أدى التواصل/الإعلام الاجتماعي أو الدبلوماسية الشعبية دورًا إيجابيًّا في إيصال مشكلة ما إلى المسؤولين المختصين والأمثلة كثيرة. سُمِّيت بالدبلوماسية؛ لأنها أخذت طابع إيصال المعلومة واختيار المحتوى والوقت المناسب والجهة المحددة، والهدف التكتيكي لتحقيق رغبة أو مطلب شعبي اجتماعي ضمن البوتقة والقنوات المتعارف عليها.
وتؤدي الدبلوماسية الشعبية دورًا مُهمًّا في إدخال السرور والبهجة إلى كثيرٍ من فئات المجتمع، مثال ذلك عند فوز منتخب بلد بكأس دولية، نرى كيف تشتعل وسائل التواصل الاجتماعي وتخرج إلى الشارع بواسطة التواصل ببعضها مع البعض، والاتفاق على الوقت والمكان لغرض عمل مسيرات فرح بهذا المناسبة والتي لا تستطيع الصحافة أو الإعلام الرسمي عملها بنفس السرعة والانتشار للأسباب المعروفة لدينا، لذلك تعد الدبلوماسية الشعبية هي من أقرب الوسائل إلى المجتمع لغرض إظهار السرور والسعادة للبطولات الرياضية والثقافية والتراثية والدينية والاقتصادية للتحفيز، وكذلك الأخبار الحزينة كحادث سير أو غرق أشخاص في الوديان أو إنقاذ التي تصل إلى هيئة الدفاع المدني بأسرع ما يكون، وإن كانت هناك كوارث طبيعية سوف تنقلها البعثات الأجنبية والتي تبقى تنتظر الأمور المركزية لغرض التحرك حسب الحدث. وخير مثال على ذلك، الزلزال المدمِّر الذي ضرب سوريا الشقيقة وتركيا الصديقة وكيف تناقلت الدبلوماسية الشعبية احتياجات الموقع الموجودة فيه. الدبلوماسية العامة الفعالة الشعبية هي الدبلوماسية التي تتعامل مع تأثير المواقف العامة على تشكيل وتنفيذ الخطط السريعة لمعالجة حالة معيَّنة، وتشمل كذلك أوجه العلاقات الدولية التي تقع فيما وراء الدبلوماسية التقليدية، كقيام الحكومات بغرس الرأي العام في الدول الأخرى والتفاعل بين الجماعات الخاصة ومصالحها في دولة ما مع دولة أخرى، والإبلاغ عن التطورات في الشؤون الخارجية وتأثيرها على السياسة العامة، وأيضًا عمليات التواصل مع الذين يشكِّلون الاتصال وظيفتهم الأساسية كالدبلوماسيين والمراسلين والمواطن الصحفي في مجال التواصل والتبادل المعلوماتي. إنَّ مواقع التواصل الاجتماعي لها دور فعال بإسهاماتها الكبيرة في تناقل الخبر، وهو ما تتابعه بدقة البعثات الدبلوماسية الخارجية في الدولة المضيفة وإن كانت غير صحيحة أو دقيقة، ولكن هناك غرفة التحليل المعلوماتي في كل بعثة للتأكد من صحة المعلومة أو عدم وجودها لغرض اعتمادها من عدمه.
الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت



