دائما نقول، إن طالب الجامعة يكون الأكثر نضجًا والتزامًا مقارنة بطالب المراحل الأولى الأساسية من التعليم، كما يعلم معنى وصف الجامعة بالحرم الجامعي، وما يتضمنه من قداسة وبما يحظى به من مهابة ورهبة. والسبب في ذلك، هو ما للجامعة من تأثير مباشر أو غير مباشر في حياة الأفراد والمجتمعات.
وتعد مؤسسات التعليم الجامعي والبحث العلمي من الأماكن القليلة، وربما هي الوحيدة، إلى جانب البقاع المقدسة دينيًا، التي حظيت بأن يُطلق عليها وصف الحرم.
ولكن للأسف بعد إجازة استمرت لنحو أسبوعين، وانطلاق النصف الثاني من العام الدراسي، كان لا بد أتحدث عن الحرم الجامعي، وقدسيته واحترامه.. بسبب الصورة المعاكسة لذلك المفهوم، التي تم التقاطها من داخل مدرج بإحدى كليات جامعة القاهرة العريقة، من خلال نظام المراقبة الجديد في مدرجات الجامعة.. فقد تم التقاط صورة طالب داخل مدرج وهو "يغط في نوم عميق"، دون أي احترام لذلك المكان.
وأثار ذلك جدلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وكانت الصورة الأسوأ هي التعليقات على تلك الصورة ومن بينها أحد الطلبة يقول "أنام إزاي أنا دلوقتي بقى".. ما يعني المزيد من الاستهتار.
وأثارت تلك الواقعة مخاوفي، من الغد، من شكل خريجي الجامعة في المستقبل، إذا كان يستهان بقدسية المكان التعليمي له، وعدم الاهتمام بالدراسة سواء بالنوم في المحاضرة أو التغيب كلية وعدم الحضور، لمجرد الحصول على شهادة فقط.. فكيف سيكون أثره في المجتمع؟
فلا شك أنه، إذا لم يلتزم الطالب، فإن تحصيله العلمي سيكون منخفضا جدا، والشهادة العلمية التي سيحملها بعد التخرج ستكون شهادة زور وكذب، وأي مكان سيوجد فيه بعد تخرجه في الجامعة، سيكون نقمة على المجتمع، وعاملا من عوامل فقدان الثقة وسيئا في حياته العملية وسيكون سببًا من أسباب تراجع هذا المجتمع.
وبالتالي فمن المفروض أن يتوافر الالتزام الأخلاقي على الطالب الجامعي، وتقديس النظام الجامعي، واحترامَ التنظيمات العلمية المعمول بها، واحترامَ الشهادة العلمية التي سيحملها بعد التخرج، فيحرص على تطبيقها في الحياة العملية وانتفاع المجتمع بعلمه.
ولكن أيضا، لا بد ألا يفوتنا، إذا كان هناك التزامات على الطالب، فلا يجب أن ننسى، قبل محاسبته، أن هناك حقوق له أيضا، من جانب الحرم الجامعي، وفي مقدمتها: أن توفر له البيئة الدراسية الملائمة لتحقيق الاستيعاب والدراسة بيسر وسهولة، وعدم تكدس المدرج بالعدد الكبير من الطلبة الذي يجعل القدرة على التحصيل مفقودة، ومن الضروري أن تكون هناك قناة تواصل بين المدرس الجامعي والطالب من خلال حق الطالب في الأسئلة والنقاش، لأن ذلك يجعل هناك قدرًا كبيرًا من التحصيل، ويحرص الطالب على الحضور والمتابعة بصورة دائمة.
وبالتالي تنجح الجامعة، في أداء دورها المهم في تكوين الأجيال وبناء العقول، وبالتالي في صناعة النخبة وتخريج الكفاءات وإمداد سائر قطاعات المجتمع المختلفة بالقيادات والكوادر التي تتكفل بتسيير قطاعات الدولة المختلفة.
أولستم تتفقون معي، أننا في حاجة إلى تحقيق المعادلة المتوازنة، من توفير الحقوق للطالب من جانب الجامعة، حتى نحصل على طالب ملتزم، وبالتالي يكون عضوا صالحا في المجتمع، وأحد عوامل بنائه وتقدمه.. وما أحوجنا لهم للنهوض ببلادنا الغالية والدفاع عنها بالتنمية والنماء!



