عاجل| بالفيديو.. مصابو مجزرة مدرسة بحر البقر يروون تفاصيلها المأساوية
بعد مرور 53 عامًا على مجزرة مدرسة بحر البقر الابتدائية، التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في صباح يوم الثامن من شهر إبريل عام 1970 بصواريخ طائرات الفانتوم وراح ضحيتها 30 طفلاً وإصابة 50 آخرين، ما زالت رائحة الموت وآنين الجرحى عالقة في أذهان أُسر ضحايا ومصابي مجزرة مدرسة بحر البقر الابتدائية.
التقت "بوابة روزاليوسف" أسر ضحايا ومصابي مجزرة مدرسة بحر البقر الابتدائية، يروون المأساة الدموية التي عاشوها في ذلك اليوم المشؤوم، ونددت مصر بالحادث المروع ووصفته بأنه عمل وحشي يتنافى تماماً مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية.
سرد أحمد الدميري 61 عامًا أحد مصابي مجزرة مدرسة بحر البقر الابتدائية، نزحت مع أسرتي من مركز السنبلاوين إلر قرية بحر البقر للعيش فيها عام 1968 بعدما حصلنا على قطعة أرض من الرئيس جمال عبدالناصر ومنذ ذلك ونحن نسمع طائرات العدو تحلق في سماء مدن القناة، وتحديدا قناة السويس لقربها من قريتنا، وكنا قد اعتدنا على هذه الأصوات.
وأشار "الدميري" إلى أنه في صباح يوم الواقعة المأساوي، توجهت لمنزل صديقي "أحمد عبدالعال" اصطحبه معي للمدرسة وبعد حضور الطابور الصباحي ودخول الفصول أثناء حصة الحساب، كنت في الصف الثاني الابتدائي، بعد دقائق قليلة سمعنا أصواتا شديدة غير المعتادة للطائرات التي كانت تحلق أعلى المدرسة بثت الرعب في نفوسنا بسبب حدوث هزة قوية وسقط قلمي الرصاص من يدي ونزلت لالتقطه من أسفل التختة وأثناء ذلك ضرب العدو الصهيوني المدرسة كانت التختة هي طوق النجاة لي وحينها فقدت الوعي مصابًا بارتجاج بالمخ وجرح بالجهة اليمنى من رأسي وقدمي، واستشهاد صديقي "أحمد" الابن الوحيد لوالده.
وتابع: أحد مصابي مجزرة مدرسة بحر البقر، حكي لي والدي بعد ذلك أنه عندما قذفت قوات العدو الإسرائيلي المدرسة بصواريخ طائرات الفانتوم سببت هزة أرضية شديدة هرع أهالي القرية آنذاك من منازلهم متوجهين نحو المدرسة للاطمئنان على أبنائهم فلم يشاهدوا سوى حطام وحاول كل منهم البحث عن ابنه تحت الأنقاض لكن بعضهم لم يستطع تحديد أبنائهم بسبب تشوه بعض الجثث والبعض الآخر عبارة عن أشلاء متناثرة عن بعضها، كانت الجثث مشوهة مفيش حد عارف يعرف ابنه وكل ما يحاول يسحب الأطفال من تحت التراب يطلع في أيده دراع أو رجل أو رأس أو جزء من جسد طفل كانوا مقطعين".
وأوضح أحد مصابي مدرسة مجزرة بحر البقر، أن أهالي القرية كانوا جميعا يسارعون في جلب الجثث والجرحى من أسفل الأنقاض ووضعها على الجرارات الزراعية ونقلها لمستشفى الحسينية الذي يبعد عن القرية بمسافة كبيرة، كان المشهد حينذاك دمويا وغاية في الصعوبة، حيث كانت الجرارات التي كانت تحمل الشهداء والمصابين تُصب منها الدماء صبا على الطرقات.
وأكد الرجل الستيني، زارنا الرئيس الراحل محمد أنور السادات بالمستشفى كان آنذاك نائب رئيس الجمهورية للاطمئنان على المصابين وتوجيه الدعم لهم ولأسرهم، لافتًا في حرب الاستنزاف وما بعدها كانت الأهالي تشيد خنادق أمام المنازل للاختباء بداخلها، حيث إن قناة السويس كانت مستهدفة من قبل العدو الإسرائيلي وقريبة من بحر البقر وكانت أصوات الدوي تخترق أذاننا وتحلق الطائرات دائما في سماء مدن القناة.
ولفت أحمد الدميري، أحد مصابي مجزرة مدرسة بحر البقر، أن العالم غضب بسبب الهجوم الإرهابي الذي شنته إسرائيل على مدرسة بحر البقر، لافتًا أن أهالي بحر البقر أطلقوا علي يوم الثامن من إبريل 1970 "الأربعاء الحزين" لما خلفته الذكرى من جريمة كبري في حق الإنسانية، لافتا حتى نهاية التسعينيات كانت نساء القرية ترتدي اللون الأسود في ذلك اليوم.
وفي سياق متصل، قالت والدة الشهيد ممدوح حسني صادق، أنا والدة الشهيد "ممدوح"، الذي استشهد في اليوم الأسود، بين منزلي والمدرسة ما يقرب بنحو 100 متر فقط، في ذلك اليوم كنت أجلس أمام الفرن "أخبز عيش" وطلب مني ابني تحضير ساندوتش قبل ذهابه للمدرسة قائلة: "قالي اعمليلي ساندوتش عشان أنا مش راجع تاني"، لحظتها انقبض قلبي.

وتابعت: السيدة الثمانينية، بعد دقائق قليلة شعرت بهزة أرضية وسمعت أصوات دوي فتركت الخبز وهرولت مسرعة متوجهة نحو المدرسة ومن شدة الدخان الكثيف والأتربة تعرقلت وأنا أجري وسقطت أرضًا فاقدة الوعي، وبعد إفاقتي ذهبت للبحث عن ابني، شاهدت مناظر مازالت راسخة في ذهني حتى يومنا هذا على مدار 53 عامًا لم أنس تلك المشاهد الدموية الصعبة، لم أنس أشلاء الأطفال المتناثرة عن بعضها لم أنس أصوات دوي القذائق التي تفزعني من نومي حتى اليوم.
لم أنس ابني الذي شاهدته جثة هامدة غارقا في دمائه يحمله صديق زوجي وقمت بوضع قطعة قماش عليه وذهبت به رفقة أبنائي واستوقفت جرارا زراعيا يحمل شهداء وجرحي مقطعين فوق بعضهم، جميعهم ينزفون صعدت للجرار الذي كان ينقلهم لمستشفى الحسينية، سمعت أصوات أنينهم التي مازالت عالقة في ذهني وآهاتهم تتردد في مسامعي.

ومن المشاهد الصعبة التي لا تنسى مشهد السيارة التي كانت تحمل الأطفال من الضحايا والمصابين، وكأن الجرار صنبور دماء لا ينقطع أثناء سيره علر الطريق حتي وصولنا للمستشفى "أنا شوفت المر".
واختتمت السيدة الثمانينية حديثها قائلة، أتمنى بزيارة الكعبة المشرفة لعمل عمرة أو أداء فريضة الحج قبل أن أذهب إلى دار البقاء.
روى السيد عبدالرحمن حسن، 61 عامًا، أحد مصابي مجزرة بحر البقر، أن المدرسة تم تشييدها قبل الواقعة بـ 4 أشهر، وبها عدد صغير من الفصول التي حول بعض التلاميذ أوراقهم لها من مدارس أخرى كانت تبعد عن القرية.
وفي صباح يوم الواقعة اخترق مسامعنا صوت لم ينس مدى الحياة، وشاهدنا واقعة مرعبة ما زالت عالقة في أذهاننا، حطاما وأتربة ودخانا وأصواتا عالية، وأصبت حينها بشظايا برأسي مضيفًا: قام أهالي القرية بجلب جرارات زراعية وتحميل القتلى والجرحي الذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض عليها، واصفا إياه بأنه منظر بشع في يوم مشؤوم لا يمكن أن ينسى مهما مرت عليه من سنوات، استمر الأهالي في استخراج شهداء مجزرة بحر البقر من تحت الأنقاض منذ الصباح وحتى الساعات الأخيرة من يوم المذبحة التي شنها العدو الإسرائيلي.
واختتم حديثه قائلاً: "تسبب الهجوم الإرهابي الذي شنته إسرائيل على مدرسة بحر البقر الابتدائية في بث الرعب في نفوس جميع طلاب القرية ما أدى إلى عزوف الطلاب عن استكمال دراستهم بسبب المشاهد المأساوية التي عاشوها، مشيرًا إلى أنه يتمنى أن يزور الكعبة المشرفة وعمل عمرة.



