لا أحد ينسى القيم الفاضلة في حياتنا، ودائمًا نذكرها ونرددها، حيث ينجذب الجميع إليها، ويتمنى أن تكون تلك القيم سائدة على الدوام وليست في شهر رمضان الكريم فقط.. لأنه، وفي نفس الوقت وعلى النقيض، توجد التصرفات الخارجة عن عاداتنا وتصرفاتنا الإنسانية والتي تستوجب مواجهتها بكل حزم وشدة.
بطبيعة الحال، أتحدث عن "قطة" الشيخ الجزائري "وليد مهساس".. في الجامع، التي تجاوزت جميع المصلين وتسلقت على كتف الإمام، وتقبيله خلال تلاوة القرآن الكريم، وعاملها الشيخ بكل أنواع الرحمة والعطف، رغم تركيزه في الصلاة، حيث حملها لثوانٍ وربط عليها، واستكمل صلاته واستمر في تلاوة القرآن دون أي اهتزاز.
وضرب الشيخ وليد، بذلك الموقف ذي التصرف التلقائي، أكبر الأمثلة في الرفق بالحيوان.. ما يستوجب أن يكون نبراسًا لنا جميعًا في كافة التعاملات الحياتية.
حيث أثار ذلك الموقف، تساؤلًا: إذا كانت الرحمة بالحيوان، فمن الأحرى أن تكون بالإنسان؟ والسبب في تساؤلي هو وجود العديد من المواقف التي تبعد عن كل مشاعر الإنسانية أو الرحمة، ومنها قصة الأب والابنة، حيث تجرد الأب من مشاعر الأبوة، واعتدى على ابنته ذات الـ14 عامًا، وليس هو فقط ولكن هو وأخوه، وكنت أظن في البداية أنها قصة خيالية.
ولكن اتضح أنها حدثت بالفعل في إحدى قرى محافظة الشرقية، حيث كان الأب وشقيقه ووالدته يقيمون مع أبنائه الخمسة في مسكن الزوجية، وكانت حياة الأسرة مستقرة، حتى وقعت للأب حادث أثناء رجوعه من العمل وأصيب بكسر أقعده عن العمل لفترة، ما أدى إلى التعرف إلى أصحاب السوء وأصبح يتعاطى المخدرات، "الذي لا يعد مبررا لأفعاله"، وازداد الشجار مع الأم الذي اعتاد الزوج على ضربها، وتركت المنزل، واستغل العم خلو المنزل وتحرش بابنة شقيقه، وعندما جاء الأب وجرت الفتاة للاحتماء به مما فعله عمها، قام بتخديرها وتناول هو وشقيقها الاعتداء عليها، حتى اكتشفت ذلك عمتها وأخبرت الأم، وأخذت للكشف عليها عند الطبيب الذي أكد تعرضها للاعتداء، وواجهت الأب بذلك، أنكر ولكن قامت الأم وابنتها بتحرير محضر ضد الواقعة وحكم على الأب والعم بالحبس 25 عامًا.
أيضا، من العادات التي يستنكرها مجتمعنا، وتعد دخيلة عليه، عدم احترام زميل لزميلته في العمل، وينسى أنها في مقام الأخت أو الزوجة، وهذا ما حدث بالفعل عندما تقدمت موظفة ببلاغ لنيابة قصر النيل، أفادت بوجود زميل موظف لها اعتاد على مضايقتها بإيحاءات غير أخلاقية، وأثبتت التحريات ذلك، وتم التحقيق والحكم بحبسه 3 سنوات.
ومن قصص عدم الرحمة أيضًا، بالإنسان، تصميم صاحب العمل في الكثير من الأعمال، خاصة محلات البيع، عن عدم السماح للبائعين سواء امرأة أو رجل، بالجلوس طوال فترة شفت العمل التي تزيد عن 6 ساعات.. ما تتجاوز بذلك كافة أشكال الرحمة للإنسان.. وغيرها من القصص التي تتنافى مع أخلاقياتنا ومظاهر الرحمة بالإنسان والحيوان.
أولستم تتفقون معي، أن هناك حاجة إلى المزيد من الدعوات للرفق في المعاملات الإنسانية، وتقويم من ينحاز عن ذلك، والتعرف على أسباب التصرفات البعيدة عن القيم الفاضلة التي تمثل أساس بناء المجتمع، حتى لا تتحول إلى قاعدة للسير عليها، والبعد عن النهج الرئيسي من قيم وأسس فاضلة للتعامل تبنى عليها الشعوب، وتحقق الاستقرار الاجتماعي، الذي هو ركيزة أمن وسلام البلاد!



