عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
ذكرى انتصارات أكتوبر عيد تحرير سيناء
البنك الاهلي

قصة اللواء "عادل فودة" وكتيبته.. أول من دخلوا سيناء لتحريرها في حرب أكتوبر

اللواء عادل فودة
اللواء عادل فودة

تمتلئ ذاكرة البطولات المصرية في أرض سيناء بسير الأبطال العظام، الذين تحققت على أياديهم أعظم الأمجاد في تاريخ مصر، وهو نصر أكتوبر المجيد، وتحررت بسواعدهم الأراضي المصرية المحتلة، بعد ما انتزعوا سيناء بالكامل من أيادي الاحتلال الصهيوني. بمناسبة الذكرى 41 لتحرير سيناء، نستعرض سيرة أحد أبطال حرب تحرير سيناء الذي عمل وسط أرض العدو لرصد تحرّكات قواته، وهي مهمة كانت تتطلب مواصفات خاصة لمن يقوم بها؛ لأن شبح الموت يطارده في كل ثانية، وهو اللواء "عادل فودة".



كان فودة وكتيبته مسؤولين عن العمل في الاتجاهات الاستراتيجية، خاصة الاتجاه الشرقي بمواجهة الجيش الإسرائيلي، فكانوا يتواجدون خلف حدود عدونا، ومهمتهم حصر جميع المعلومات عنه، ونقلها عبر رسائل لاسلكية إلى القادة، وكان الأمر في غاية الصعوبة؛ حيث يتطلب ذلك التسلل من ثغرات العدو والوصول إلى أرضه.

عقب نكسة 1967 أصبح الموقف أكثر صعوبة حيث تم إنشاء مانع صناعي (خط برليف)، بجانب الخط المائي (مياه القناة)، والمدهش حقًا في تلك الفترة وبعد شهر واحد من النكسة قام الطيران المصري بضرب تجمعات العدو علي الضفة، حتى إن إسرائيل تقدمت بشكوى ضد مصر في مجلس الأمن، واعتبرت الأمر نوعاً من الاستفزاز، وكان ذلك بداية لرفع الروح المعنوية لجيشنا،  وأن نقول للعالم كله نحن هنا، بعدها قام رجال البحرية المصرية بإغراق المدمرة إيلات. ثم جاء الدور على الكتيبة التي كان ينتمي لها فودة لتحمل شرف أن تكون أول مجموعة تعمل خلف خطوط العدو بعد النكسة مباشرة، وتحديدًا في شهر أغسطس 1967 لكسر حاجز الخوف، وكان ذلك بقيادة ملازم أول عادل محجوب، واستمرت المجموعة خلف حدود العدو لمدة شهر كامل استطاعت خلاله جمع كل ما يتوافر لها من معلومات عن العدو علي أرض الواقع في هذا التوقيت، وقد انضم فودة إلي الكتيبة بداية عام 1970 ووقتها وجد أن نصف ضباطها عاشوا تجربة العمل خلف خطوط العدو، ومنهم ملازم أول جمال علي وملازم أول شكري صادق وتم تكريمهما من الرئيس جمال عبدالناصر لجهودهما. في الفترة من عام 1970 وحتي عام 1973 تم استكمال خط برليف بمكوناته وحصونه بالكامل، وخلال هذه الفترة أيضًا وتحديداً في شهر أغسطس عام 1970 تم وقف إطلاق النار واستغلت الكتيبة ذلك كفترة تدريب مكثفة على أهداف مشابهة لحصون العدو، فكان التدريب عند جبال الزعفران، وكيفية اختيار الثغرات التي يمكن المرور منها وتعلمت عناصر الكتيبة أن ضابط الاستطلاع يجب أن يتسم بمستوى ذكائي ومعلوماتي راقٍ، وكذلك لياقة بدنية عالية؛ لأنه صاحب القرار أثناء مهمته بناءً على توجيهات قادته ورؤسائه.

أتيح للكتيبة في فترة التدريب عمل مشروعات أكثر قسوة من الحرب نفسها حتى تستطيع العمل تحت أي ظروف، وهنا ظهرت مقولة: "إن بذل العرق في التدريب يوفر الدم في المعركة"، وذلك استعدادًا للمعركة الفاصلة، وفي 30 سبتمبر عام 1973 كان فودة في إجازة، وتم استدعاؤه إلى الكتيبة وكانت بأكملها موجودة، وفور العودة تسلم كل ضابط مجموعته في العمل وكانت مجموعة فودة مكونة من فردين واحد للإشارة والثاني للاستطلاع ليبدأ التدريب الشاق على السير في الجبال، وتحديد الاتجاهات والتدريب علي الاتصالات اللاسلكية تحت أي ظروف.

ليلة 6 أكتوبر 1973 استدعى قائد الكتيبة فودة لاستلام مهمته وهي العمل بمنطقة بالقرب من حدود العدو ومطار المليذ، أحد أهم مطارات سيناء، لاستطلاع الطريق الأوسط من ناحية الغرب، ومتابعة حركة طيارات العدو، وبدأت المهمة في الساعة الثانية صباحًا وكان فودة ومجموعته داخل خيمة صغيرة بالصحراء، وأوضح لهم دورهم وقاموا بإجراء التجارب للأجهزة واتصالاتها مع القيادات واستلموا ترددات بث الرسائل، كل ذلك ولم يكن لديهم معلومة أن هناك استعداداً للمعركة. في تمام الساعة الحادية عشرة صباح يوم السادس من أكتوبر 1973 وأثناء التدريب فوجئ فودة باستدعائه من قائد الكتيبة وطلب منه التحرك لمنطقة المهمة المكلف بها بواسطة طائرة هليكوبتر من مطار ألماظة، الذي وصل إليه في الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر، وبمجرد دخوله للمطار شعر بأن هناك حرباً وليس مجرد مشروع للتدريب، فالطيارون مستعدون تمامًا، وفي المطار شاهد الشهيد إبراهيم الرفاعي بطل الصاعقة ومجموعته وفي الساعة الثانية وعشر دقائق عادت طائرات مقاتلة لمطار ألماظة وعرفوا من طياريها أنهم قاموا بالضربة الجوية بنجاح، فسجد فودة ورفاقه لله شكرًا وسط فرحة عارمة، ووقتها جاءته تعليمات بمهمته تحديدًا وهي الذهاب لجنوب جبل المغارة علي المحور الأوسط بجوار جبل لبني.

قام فودة ومجموعته بركوب الطائرة رقم 1053 في تمام الساعة الثالثة عصرًا ليعبروا القناة ورأوا جنود مصر وهم يقهرون خط برليف ويعبرون ويدكون حصون العدو في صورة رائعة، وهبطت الطائرة في أحد المطارات القريبة بسبب وجود غارة جوية، وأثناء وجود فودة في المخابئ شاهد اشتباكاً جوياً لطيار مصري وهو يدمر طائرتين للعدو من طراز فانتوم بشكل بطولي ليس له مثيل.

بعد انتهاء الغارة ركب فودة الطائرة مرة أخرى، وبعد عبور القوات للقناة بمسافة 10 كيلومترات، فوجئ بمطاردة طيارتين إسرائيليتين له ومجموعته، وكان بجوارهم طائرة مصرية تحمل مجموعة استطلاع بقيادة "عبدالهادي السقا" وبدأت الطائرتان الإسرائيليتان في ضرب الطائرات المصرية بالصواريخ لتتحطم طائرة "السقا"، ويكون أول شهيد في كتيبة فودة خلال الحرب، واستطاع الطيار الذي كان يقود طائرة فودة أن يناور الطائرتين الإسرائيليتين ليصل بالمجموعة لمنطقة صحن المغارة، وكان الليل قد دخل، وتحركوا بعدها وعلى أكتافهم حمولات ثقيلة، ليصلوا لأقرب منطقة جبلية في تمام الساعة الثالثة صباحًا وأجروا أول اتصال بالكتيبة في الساعة الخامسة صباحًا يوم الأحد 7 أكتوبر 1973، وكانوا أول مجموعة تعطي تمام الوصول لأرض سيناء والمناطق التي احتلها العدو بعد حرب أكتوبر، ونقلوا للقيادة أن إسرائيل تستدعي الاحتياطي.  وقد استغرقت مهمة فودة ورفاقه 166 يوماً خلف خطوط العدو.

أكد "فودة" أن أهم الدروس المستفادة من حرب التحرير هي أن الفرد مفتاح النجاح في أي حرب وتحقيق أي نصر؛ لأن الذي تحقق في حرب تحرير سيناء هو معجزة بكل المقاييس، وقد ذكر "موشيه ديان" أن المصريين نشروا رادارات بشرية ترى وتسمع وتحلل أفضل من الأجهزة الصماء، وكان يقصد بكلامه ضباط الاستطلاع المصريين، كما كان لبدو سيناء دور وطني رائع فقد ساعدونا بإخلاص ولم يكشفوا سرنا أبدًا للعدو.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز