لكل ثورة قائد أو ملهم لكن في "٣٠ يونيو" كان الشعب هو الأيقونة التي أثبتت للجميع أنه نسيج واحد وسد منيع في وقت الأزمات والخطر. حيث كانت وحدة وتماسك الشعب المصري أثناء الثورة بمثابة طوق النجاة الذي أنقذ البلاد من الانزلاق إلى الهاوية، بعد أن كادت الدولة تسقط في براثن الإنهاك والعجز عن النهوض. وبفضل الله ثم إرادة شعب مصر وقيادتها الذكية استطاعت الدولة أن تقف حائلًا أمام أهل الشر وأحبطت مخططاتهم الخبيثة.
تحتفل مصر اليوم الجمعة بالذكرى العاشرة لثورة ٣٠ يونيو "الحدوتة المصرية" التي كتبها وتغنى بها شرفاء الشعب المصري وسطرها التاريخ وتحدث العالم عن بسالة وشجاعة أبنائها الأحرار.
٣٠ يونيو ثورة تصحيح المسار، وهي بمثابة حجر أساس الجمهورية الجديدة التي مهدت الطريق لمسيرة هائلة من التنمية الشاملة بكافة القطاعات المختلفة والتي شهدتها البلاد خلال العشر السنوات الماضية، حيث واجهت البلاد والقيادة المصرية العديد من التحديات والصعوبات منذ اندلاع ثورة "٢٥ يناير ٢٠١١م" مرورًا بثورة ٢٠١٣م، لكنها رغم ذلك نجحت في إعادة الأمن والأمان والاستقرار للبلاد بعد أن كانت الفوضى تضربها من شتى الجهات، وتمكنت الدولة من استعادة هيبتها مجددًا بين دول العالم، كما استعادت مكانتها عربيًا وإفريقيًا ودوليُا، وأيضًا شهدت تخطيط وتنفيذ العديد من المشروعات القومية والوطنية العملاقة، بالإضافة إلى إحداث طفرة حقيقية في البنية التحتية بكافة أشكالها.. وغيرها من الإنجازات التي وضعت مصر على طريق النهضة الحديثة.
رغم مرور عشر سنوات على اندلاع شرارة "٣٠ يونيو" إلا أنه ما زال المصريون يتغنون بأوصافها ويجنون ثمار إنجازاتها، يتذكرون لحظة استرداد أحلامهم التي حاول أهل الشر سرقتها والقضاء عليها، ولكن إرادة الشعب كانت السبب في إنقاذ الدولة المصرية من المصير المجهول، وكان للقيادة السياسية رؤية شاملة واستراتيجية متكاملة خاضت من خلالها معارك شرسة ضد أهل الشر.
في النهاية لا بد أن نسأل بعضنا البعض عن كيفية المساهمة في بناء ودعم ومساندة وطننا الغالي. ذلك لأن حب الوطن من أهم وأسمى معاني الانتماء والوطنية، لذلك علينا أن نعي ونفهم أن الانتماء للوطن ليس بالأقوال والشعارات والهتافات الرنانة، بل لا بد أن تكون هناك أفعال على أرض الواقع نابعة من القلب، فمصلحة الوطن وبقاؤه هو هدف أسمى لنا جميعًا. وبما أن الشباب هم سبيل نهضة أي أمة، وأمل ومستقبل الدولة الحديثة، والركيزة الأساسية في تقدم وبناء المجتمع، إلا أنه لا يستطيع أحد أن ينكر أو يتغافل عن الدور الذي تلعبه مؤسسات الدولة ودور العبادة والمدارس والجامعات والأسرة ومشاركتهم في تربية أبناؤنا من الشباب "أولاد الأمس وعماد الحاضر"، من خلال غرس قيم الوطنية، والانتماء، وحب الوطن في نفوس أبنائنا من الشباب، بالإضافة إلى الاهتمام بالبحث عن نماذج تصلح لأن تكون قدوة حسنة ومناسبة لعرضها على شبابنا كي تساعدهم على اتباع الطريق السليم القويم وتمده بالتجارب والخبرات التي تساعده على صقل شخصيته وتكوينها.
أخيرًا وليس آخرًا رسالتي إلى شباب مصر "لا يوجد أسهل من التدمير والخراب، ولكن الأصعب هو البناء والتعمير والتنمية"، لذلك علينا أن نتكاتف مع دولتنا وندعمها من أجل بناء الجمهورية الجديدة والحديثة تحت قيادة وطنية واعية، وأتمنى أن نلتزم باحترام القانون، وألا ننساق خلف الشائعات والأكاذيب ولا نروج لها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
اللهم احفظ مصر وأهلها من كل سوء، اللهم من أراد بمصر سوءًا فأشغله في نفسه وأجعل تدابيره سبب تدميره، وأجعل كيده في نحره، اللهم احفظ بلادي من كل مكروه ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن.



