يقول الله تعالى (فما ظنكم برب العالمين).
بداية أحسنوا ظنكم بالله تعالى ولا تظنوا بالله الظنون.
لا تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا، ولا تجعلوا أوهام المحدثات تتقاذفكم، ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.
(إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس).
فاليوم نصب وكد وتعب، وجد واجتهاد ومثابرة وقد تتأخر النتائج قليلا أو حتى كثيرا، فلا تظن ظن السوء أن الله ينساك أو يترك هملا ولا ينظر إليك، فكيف يكون ذلك؟! لو بقليل من التعقل المصحوب باليقين القلبي، وتفكرت من الذي هيأ لك سبل الجد والكفاح والاجتهاد، من الذي منحك القوة والقدرة على التحمل والصبر، الله تعالى، من الذي أعطاك عقلا لتعمله في مجريات حياتك الله تعالى.
من الذي قدر لك أرزاقك الله تعالى، فلا تظن بالله ظن السوء، ظن الجاهلية الأولى.
فالمتكفل برزق النملة السوداء تحت الصخرة السوداء في الليلة الظلماء سيتكفل بك وسيعطيك حتى ترضى.
(ولسوف يعطيك ربك فترضى)
أستمحيكم عذرًا ولتتقبلوا نصيحتي لا تعطوا أذهانكم ولا قلوبكم ولا عقولكم لأهل الإلحاد، أهل التشكيك الطاعنين في الله تعالى الذين خسروا الدنيا والدين، اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
هؤلاء الذين يقلبون الحق باطلا والباطل حقا. استهوتهم الشياطين فشغلتهم الدنيا عن الدين، باعوا الدين بدراهم معدودة، وهذا هو الخسران المبين خسر البيع أيها الأشقياء، فلا تعيروهم انتباهكم.
يظهرون بوجوههم الكالحة القبيحة التي عليها غبرة على شاشات الفضائيات يستهزئون ويسخرون ويشطحون في افتراءاتهم.
أن الله ليس مهتمًا ومعتنيا بنا ولا يستجيب دعاءنا ولا يرعانا وتركنا في مهب الريح.
أقول لهؤلاء ومن شايعهم ومن يؤيدهم لو أنكم تعقلون ما قلتم ذلك، ولو أنكم تدركون ما تقولون فانتظروا غضب الله وسخطه عليكم.
فلا يزال الرجل يتفوه بالكلمة من سخط الله تعالى فتهوى به في النار سبعين خريفا.
وأنتم يا من تجلسون تستمعون إليهم صموا آذانكم وأغلقوا تلفازكم في وجوههم واغلقوا مواقعهم التي يبثون من خلالها هذه الفريات والشبهات حول الله المتعال.
أحسنوا ظنكم بالله تعالى، فقد تتأخر لنا دعوة في الدنيا فيدخرها الله لنا في الآخرة، واعلموا أنه لا تزول قدم عبد حتى يوفيه الله تعالى كل مستحقاته في الدنيا فلك عند الله أربع وعشرون قيراطا ستأخذها بالتمام والكمال، وإن لم تأخذها كاملة في الدنيا يدخرها الله لك قراريط وأفدنة في جنات عدن. واعلموا أن الله تعالى معنا ويرانا وشاهد علينا، وأنه لم يخلقنا ليشقينا أو يعذبنا فماذا يفعل الله بعذابنا إن شكرنا أو كفرنا، وكان الله شاكرا عليما.
(ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم)
فيؤتى بالرجل يوم القيامة تقوده ملائكة العذاب إلى النار، فينظر إلى الله فيقول الله هل ظلمناك فيقول لا، ولكن ما كان ظني بك هكذا، فيقول الله جل جلاله للملائكة ادخلوا عبدي الجنة.
فلا تظنوا بالله الظنون، وظنوا بربكم خيرا. وأحسنوا إلى الله يحسن إليكم، أحسنوا إليه بكثرة الطاعات والمواظبة عليها فليس للطاعة وقت معين ولا شهر محدد فهو تعالى رب كل الشهور فداوموا على فعل الخيرات ووجوه الخير كثير ففضلا عن الفرائض التكليفية هناك أعمال البر كالصدقات التي قال الله تعالى عنها (إن تربوا الصدقات فنعم هي) كأن يربي أحدكم فولة ثم تكبر وتزداد.
ووجوه الصدقة كثير فتبسمنا في وجوه بعضنا البعض صدقة، وقول الحسن واللين من القول صدقة وعدم إيذاء الناس بفظيظ الكلمات صدقة، ووضعك للقمة في فم زوجك صدقة وحتى البضعة يضعها الرجل في رحم أهل بيته صدقة، فما باله لو وضعها في حرام.
مواساتنا لبعضنا البعض صدقة، سرورنا لبعضنا البعض صدقة والعكس، حينما نحنو على بعضنا البعض صدقة.
وكذلك الإحسان، الإحسان مع الله أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، الإحسان إلى الرسول الكريم بقربك منه وحبك له تعبد والإكثار من الصلاة عليه والإحسان إلى أهل بيته وآل بيته أيضا (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى).
والإحسان إلى صحابته الكرام.
والإحسان إلى نفسك دون إفراط أو تفريط، والله يحب المحسنين، الإحسان إلى والديك أحياء أو أمواتًا، الإحسان إلى أساتذتك، إلى زملائك، إلى طلابك، إلى جيرانك، ووجوه الإحسان والخير والبر كثير.
ثم يأتيك الجزاء، (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
إذا فعلنا ذلك فحق على الله تعالى أن يقذف في قلوبنا حسن الظن به تعالى.
أيضا كفالة اليتيم من وجوه البر كما قال النبي صلى الله (أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار إلى الوسطي والسبابة المتلازمتين)، وكذلك قول النبي خير البيوت بيت يكرم فيه يتيم، وهذا ما يحقق بلغة علماء الاجتماع تكافلا اجتماعيا. وكذلك التراحم والتزاور بيننا وزيارة المرضى ومواساتهم والطبطبة عليهم وكذلك زيارة مستشفيات الأطفال التي يعالج فيها أصحاب الأمراض الخبيثة كل هذه الأمور دلائل خيرات تقود إلى بناء مجتمع سليم وقوى يشد بعضه بعضا ويحقق التواد والتعاطف والرحمة وهذا يقود إلى حسن الظن بالله العلى العظيم. يقول تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا).
وها قد جاءنا الرسول وبلغ وأحسن التبليغ.
وترك لنا دينا غضا طريا ترك لك قرآنا يتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قرآن هو دستور لو عملنا به لفاق كل الدساتير لماذا لأنه وما هو بقول بشر. ترك لنا سنة غراء محجة بيضاء، علمنا من خلالها المعصوم كل شيء.
علمنا الأدب مع الله تعالى قولا وفعلا، سرا وعلانية، في خلواتنا مع أنفسنا. علمنا حسن التوكل على الله.
علمنا ألا نلتفت لهؤلاء وأمثالهم من الذين يفترون على الله كذبا، من المغترين الذين اغتروا بأموالهم وأولادهم وعقولهم الذين ظنوا أنهم سيستغنون بها عن الله.
الذين اغتروا بالشهرة، فكم من مشاهير كانوا ملء السمع والبصر أين هم الآن، وما حالهم وماذا سيقولون عندما سيقفون أمام الله تعالى. أحسنوا ظنونكم بالله تعالى ولا تتجرؤوا عليه ولا تجعلوا الله أهون الناظرين إليكم.



