الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

 عاجل..36 عامًا على وفاة الأديب الذي استعاد وعيه بعد رحيل عبد الناصر

عبدالناصر والحكيم
عبدالناصر والحكيم

توفى الأديب الكبير توفيق الحكيم، رائد الرواية والكتابة المسرحية العربية، في مثل هذا اليوم 26 يوليو 1987.

 

 

 

ويعد الحكيم من أهم الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث، فهو أول مؤلف إبداعي استلهم موضوعاته من التراث المصري عبر عصوره المختلفة، كما أنه استمد قضاياه المسرحية والروائية من الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي المعاصر له. 

 

 

تبنى الحكيم عددًا من القضايا القومية والاجتماعية وحرص على تأكيدها في كتاباته، فقد عنى ببناء الشخصية القومية، واهتم بتنمية الشعور الوطني ونشر العدل الاجتماعي وترسيخ الديمقراطية وتأكيد مبدأ الحرية والمساواة اتسم أسلوب الحكيم بقدر كبير من العمق والوعي دون تعقيد أو غموض والمزج بين الرمزية والواقعية بشكل فريد يتميز بالخيال، كذلك تميز أسلوبه بالدقة والتكثيف الشديد وحشد المعاني والدلالات والقدرة الفائقة على التصوير. وهو الذي أنشأ المسرح الذهني وكانت مسرحية أهل الكهف عام 1933هى بذرة ذلك التيار واعتبرت حدثًا هامًا في الدراما العربية. 

 

"إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة " تلك كلمات رائد الكتابة المسرحية العربية توفيق الحكيم ولد الحكيم بالإسكندرية يوم 9أكتوبر1898،لأب مصري من أصل ريفي يعمل في سلك القضاء، ولأم تركية أرستقراطية، التحق بمدرسة بدمنهور ثم أنتقل إلى البحيرة ثم إلى القاهرة في المرحلة الثانوية وشارك مع أعمامه في ثورة 1919 وقبض عليه واعتقل بسجن القلعة واستطاع والده نقله إلى المستشفى العسكري إلى أن أفرج عنه، واستكمل دراسته عام 1920 وحصل على شهادة البكالوريا عام 1921، ثم التحق بـكلية الحقوق بناء على رغبة والده ليتخرج منها عام 1925،ثم عمل محاميا متدربا بمكتب أحد المحامين المشهورين، ثم تمكن والده من إيفاده في بعثة دراسية إلى باريس للحصول على شهادة الدكتوراه في الحقوق للتدريس في إحدى الجامعات المصرية الناشئة ولكنه انصرف عن دراسة القانون، واهتم بـ الأدب المسرحي والقصص، واكتسب من خلال ذلك ثقافة أدبية وفنية واسعة، فاستدعاه والده إلى مصر عام 1927 ليعمل وكيلا للنائب العام عام1930في المحاكم المختلطة بالإسكندرية. 

وفي عام1934 عمل مفتشاً للتحقيقات في وزارة المعارف، ثم مديراً لإدارة الموسيقى والمسرح بالوزارة عام 1937، ثم نقل إلى وزارة الشؤون الاجتماعية ليعمل مديرا لمصلحة الإرشاد الاجتماعي واستقال عام1944، وعاد إلى الوظيفة الحكومية مرة أخرى في عام 1954كمدير لدار الكتب المصرية وفي نفس العام انتخب عضوًا عاملاً بمجمع اللغة العربية وفي عام 1956 عيّن عضوًا متفرغًا في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدرجة وكيل وزارة وفي عام 1959عيّن كمندوب مصر بمنظمة اليونسكو في باريس. 

ثم عاد إلى القاهرة في أوائل سنة 1960 إلى موقعه في المجلس الأعلى للفنون والآداب، ثم مستشارًا بجريدة الأهرام ثم عضوًا بمجلس إدارتها في عام 1971. ونال العديد من الجوائز منها: قلادة الجمهورية عام1957 وجائزة الدولة في الآداب عام 1960 وقلادة النيل عام 1975 والدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون عام1975.

 

 

عودة الوعي.. هل كانت صحوة أم استغلال موقف ضد عبد الناصر؟

 

 

 

 في سياق أخر كان الأديب الكبير توفيق الحكيم قد أصدر في عام 1972، كتابه "عودة الوعي"، مثيرًا ضجة إعلامية بعد انتقاده الشديد للرئيس جمال عبد الناصر وسياسته وحكمه، واصفًا تلك المرحلة بأنها كانت مرحلة عاش فيها الشعب المصري فاقدًا للوعي، في وقت تعرض فيه الزعيم الراحل لحملة شرسة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.

 لم يستحمل الشاعر العروبي الكبير نزار قباني ما كتبه الحكيم ضد عبد الناصر،  ففي الذكرى الثانية لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر كتب "قباني"، ــ مقالا في جريدة الحياة اللندنية يهاجم فيه الأديب توفيق الحكيم ـــ رحل 1987 ــ دفاعا عن عبد الناصر بسبب ما كتبه في كتابه "عودة الوعي".

 

وقال قباني في مقاله تحت عنوان "مظاهرة ضد رمسيس الأول": هل يسامحني أستاذنا توفيق الحكيم إذا قلت إن كتابه الأخير "عودة الوعى " رديء جدا وخفيف ومتأخر، ثم هل يسامحني أن كتابه قدم للناس على انه عمل من أعمال التحدي وهو في الأساس لا يتحدى أحدا، لأن التحدي يفترض وجود خصم، والخصم ينام الآن تحت رخامة قبر في ضاحية منشية البكري في القاهرة.

الكتاب سيئ جدا لأنه لا يضيف شيئا إلى ما كان يقال في الشارع والمقهى على لسان العوام، فما هو إلا ريبورتاج صحفي خفيف ليس فيه من توفيق الحكيم القديم شيء، انه مجرد ثرثرة فوق النيل تجرى داخل عوامة مغلقة بين مجموعة من المعدومين الذين يعتبروا الثقافة نوعا من الفانتازيا.   

 

والنقطة الفضيحة في كتابه عودة الوعي محاولته إقناعنا انه كان خلال أعوام الثورة واقعا تحت تأثير السحر ومنوما تنويما مغناطيسيا، فكيف يمكن لكاتب كبير أن ينزلق إلى هذا المنطق الطفولي ويقول بكل بساطة انه كان مستولا ومجذوبا وواقعا تحت تأثير السحر طيلة عشرين عامًا.  

 

وإذا كان توفيق الحكيم يقول هذا الكلام الغيبي الخرافي فماذا يقول الملايين من البسطاء الذين لا يعرفون تفكيك حروف أسماءهم في الوطن العربي.

 

المهم أن نملك الشجاعة أن نقول لرمسيس خلال فترة حكمه انه ملك ظالم وديكتاتور، لكن الأديب الحقيقي لا يساوم ولا يختبئ تحت الغطاء أثناء البرد، والشجاع لا ينتظر رحيل العاصفة حتى يخرج ليصطاد السمك.

تم نسخ الرابط