الخبر هو معلومة أو حدث أو واقعة تهم قطاعًا كبيرًا من الجمهور، كما أنه يتميز بالحداثة، والدقة والموضوعية والوضوح والأهمية.
بينما المصدر الصحفي هو الشخص أو الجهة التي يستمد منها الصحفي أو الإعلامي المعلومات والبيانات والحقائق التي يحتاجها في الكتابة الصحفية، وذلك بهدف ضمان دقة وموضوعية الخبر.
المصدر الصحفي نوعان: الأول مصدر رسمي ويشمل "الجهات الحكومية والمؤسسات الرسمية والقانونية"، والثاني مصدر غير رسمي، ويضم "الأشخاص والأفراد والجهات غير الرسمية".
تابعنا جميعًا خلال الأيام الماضية فترة الانتقالات الشتوية للاعبي كرة القدم بالدوري المصري، ولاحظنا انتشار أخبار انتقالات اللاعبين بين الأندية "الاحتراف الداخلي أو الخارجي"، والتي كان أغلبها تدعيمات لصالح قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك خلال الميركاتو الشتوي، وكان لنادي الزمالك نصيب الأسد من تلك الأخبار، وذلك نظرًا لانتهاء أزمة وقف القيد بشكل نهائي، وفتح باب القيد أمام الصفقات الجديدة.
لكن الغريب في الأمر انتشار الكثير من الأخبار التي تنسب إلى مصدر مسؤول لم يتم الإعلان عن اسمه أو منصبه، كما لو كان الكشف عن هويته سرًا من الأسرار الحربية، رغم أن هذه الأخبار لا تحتاج إلى إخفاء هوية المصدر كونها ليست ذات أهمية حيوية أو تقع تحت بند السرية. ومن الملاحظ أيضًا أن أغلبية هذه الأخبار متضاربة وكثيرًا ما تخرج أخبار أخرى تكذبها أو يخرج مصدر أو متحدث رسمي من النادي ينفيها.
في الواقع أحيانًا ما يضطر بعض الصحفيين إلى الاعتماد على مصادر مجهولة الهوية في الكتابة الصحفية، وذلك بعد التأكد من حقيقة المصدر وصحة المعلومات التي يدلي بها من خلال البحث والتحري، ويظهر هذا الأسلوب في حالات متنوعة منها: حماية المصدر من التعرض للخطر أو الانتقام، أو خشية أن يفقد المصدر وظيفته أو منصبه، أو أن يتعرض إلى عقوبات أو انتقادات من قبل رؤسائه أو زملائه، فضلاً عن المحافظة على السرية المهنية وأيضًا من أجل الالتزام بميثاق العمل الصحفي وبقواعد الخصوصية.
لكن للأسف هناك من يستخدم أو يلجأ إلى إخفاء هوية المصدر بهدف الهروب من صحة الخبر، أو لترويج ونشر تكهنات أو توقعات لمصدر ما، أو بهدف مجاملة المصدر، وأحيانًا يرجع السبب إلى أن مصدر المعلومة هو مواقع التواصل الاجتماعي بكل أنواعها المختلفة، والتي يغلب عليها نشر الأخبار غير الرسمية والشائعات.
لذلك يجب على كل صحفي التعامل بعناية مع المصادر المجهولة الهوية، كما أنه من الضروري التأكد من أن المصدر موثوق به ومتخصص في هذا الشأن أو له علاقة بالموضوع المثار، وأن لديه معلومات سليمة وأرقامًا دقيقة، وبعد التأكد من صحة البيانات والمعلومات الواردة إليه يتم الاحتفاظ بها في شكل مستند أو تسجيل صوتي، وهنا يحق للصحفي الحفاظ على سرية مصدره وألا يعلن عنها إلا أمام جهات التحقيق إذا استدعى الأمر ذلك، وهذا إذا ثبت عدم صحة المعلومات المنشورة، أو إذا كان المقصود منها نشر الشائعات وإثارة البلبلة، أو اتهام الآخرين بالباطل والتشهير بهم.
في النهاية.. أتمنى أن تختفي جملة "صرح مصدر مسؤول" من قاموس الأخبار العالمية سواء بالإذاعة أو التليفزيون أو الصحافة، لأنها أصبحت الاتجاه السائد في أغلب الأخبار الإعلامية، وذلك عند نشر أخبار غير مؤكدة في صورة خبر بطريقة بالون اختبار، والتي غالبًا ما تكون أخبارًا خاطئة، وخاصة الأخبار التي مصدرها مواقع التواصل الاجتماعي. لذلك هناك سؤالان يبحثان عن إجابة من مصدر معلوم وهما: ما الداعي من إخفاء هوية مصدر الخبر؟ إلى متى سيصبح المسؤول يصدر تصريحات أو يكشف عن معلومات من خلف ستار الخبر؟ أخيرُا وليس آخرًا، رغم الاستعانة الكثيرة بهذا الأسلوب المبني على إخفاء هوية المصدر، الذي أخذ أكثر من حقه على الساحة الخبرية، فإنه ستظل قيمة الخبر ومصداقيته مرتبطة دائمًا بمعلومية المصدر.



