باريس تستضيف من جديد الملك توت عنخ آمون.. في تجربة فرعونية غامرة
افتتح معرض "توت عنخ آمون، التجربة الفرعونية الغامرة" اليوم السبت في "جاليري مونبارناس" أحد أكبر وأحدث المراكز الثقافية في العاصمة الفرنسية باريس، بعد أن استضافت باريس العام الماضي معرض "رمسيس وذهب الفراعنة"، وفي عام 2019 "معرض توت عنخ آمون- كنز الفرعون" والذي سجل رقما قياسيا باستقباله 1.42 مليون زائر.
وبات الجمهور الفرنسي الذي يعشق الحضارة المصرية القديمة على موعد مع مغامرة جديدة ممتعة لمعرفة الكثير والكثير حول هذا الملك الصغير، ولكن هذه المرة بشكل مختلف من خلال استكشاف مقبرته الشهيرة.
ويسلط هذا الحدث الضوء على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون أحد فراعنة الأسرة المصرية الثامنة عشرة فى تاريخ مصر القديم، على يد عالم الآثار والمصريات البريطاني هوارد كارتر، في عام 1922 والذي يعد أهم اكتشاف أثري في القرن العشرين، فقد تم اكتشاف مقبرته الرائعة في وادي الملوك كاملة بكل كنوزها ومقتنياتها والتي تقارب 3500 قطعة، ما أثار اهتمام وانبهار العالم بأسره.
وافتتح "جاليري مونبارناس" أبوابه أمام الجمهور اليوم ومخطط أن تتم الزيارة في عطلات نهاية الأسبوع فقط ولمدة عام على الأقل، ليستقبل الزوار ليس لرؤية مقتنيات مقبرة "الفرعون الذهبي" وأن ينغمسوا في التاريخ المصري القديم فحسب، ولكن أيضا للقيام برحلة استكشافية "عبر الزمن" غير مسبوقة والمشاركة في لعبة ترفيهية ممتعة لاكتشاف المقبرة الشهيرة والتي تتكون من أربعة حجرات: الحجرة الأمامية والحجرة الاضافية وحجرة التابوت وحجرة الكنز.
وقالت عالمة المصريات والأستاذ في كلية اللوفر المنسقة العلمية للمعرض بنديكت لوييه - في تصريح لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس - إن "الفكرة هي إقامة معرض ولكن في نفس الوقت المشاركة في لعبة، إنها فكرة مبتكرة للغاية، أردنا القيام بشيء جديد.. فمن خلال المعرض، يتم عرض المقتنيات مع وجود شرح لكل قطعة وفي نفس الوقت المشاركة في لعبة، والزوار لن يأتوا إلى المعرض ورؤية القطع الاثرية فحسب وإنما عليهم أيضا التفكير وحل عدد من الألغاز حتى نصل إلى نقطة النهاية وهي اكتشاف الغرفة الأخيرة في مقبرة توت عنخ آمون: حجرة الكنز".
وأضافت: "لكي نتمكن من ذلك، قمنا بإعادة بناء الحجرات الأربع بالمقبرة بنفس الشكل ويتعين على الزوار حل الألغاز على مدار رحلتهم بداخل الغرف الثلاث الرئيسية للمقبرة، وإذا تمكنوا من حلها، فسيصلون إلى الحجرة الأخيرة، الخاصة بالكنز"، موضحة أن الهدف هو أن يعيش الزوار الأجواء التي عاشها كارتر عند البحث في مقبرة توت عنخ آمون في عام 1922، فعند البحث عن الحجرة الأخيرة، يتحول الزائر إلى عالم آثار، وهذه التجربة هي لعبة ترفيهية ولكن مع وجود شيء جدي وراءها.
وتابعت أنه بعد حل الألغاز سيكون بإمكان الزوار إنشاء كلمة مرور تسمح لهم بدخول حجرة الكنز ورؤية الأقنعة والكنوز ولكن هذه ليست نقطة النهاية، وإنما سيمكنهم بعد ذلك التوجه إلى حجرة أخرى على مساحة 140 مترا مربعا تسمح لهم بمشاركة رؤية "الفرعون الذهبي" عن رحلته إلى العالم الآخر والخوض في كتاب الموتى (وهو مجموعة من الوثائق الدينية والنصوص الجنائزية التي كانت تستخدم في مصر القديمة، لتكون دليلا للميت في رحلته للعالم الآخر).
وأشارت إلى أنه تم تشييد المقبرة بكل أحجارها لتكون طبق الأصل من المقبرة التي تم اكتشافها عام 1922 وتتضمن مقتنيات من ألف قطعة ثمينة وهي نسخ غير أصلية تم تصنيعها بدقة متماثلة للكنوز والمقتنيات التي تم اكتشافها والموجودة حاليا في المتحف المصري. وتم تصنيعها بأياد مصرية مبدعة بكل دقة، في ورش المتحف المصري من خلال فنانين وحرفيين مصريين، حرصوا لمدة ست سنوات على أن تكون القطع أقرب ما يمكن إلى الأصلي وهو ما سوف ينقل الزوار عبر الزمن إلى تاريخ اكتشاف المقبرة بأكملها ورؤية التراث والثراء الثقافي لمصر القديمة.
وعن اختيار هذا الشكل الفريد من نوعه لعرض مقتنيات مقبرة الفرعون الذهبي، قال منتج هذا الحدث ميشيل إيلي، إنه بعد تنظيم معرض توت عنخ آمون الذي جمع أكثر من مليون شخص في 2019، وبعد معرض رمسيس وذهب الفراعنة الذي جذب 850 ألفا، أدرك أن الأطفال والشباب يحبون التعلم أثناء اللعب وأدرك أيضا رغبة العائلات في إحضار أطفالهم إلى أماكن بها ألغاز ثقافية أو داخل المعارض التي يوجد فيها هذا النوع من الألعاب.
وأكد أن الهدف "هو جعل الصغار والشباب يهتمون بالثقافة، من خلال هذا النوع الممتع من المعارض، فبعد ذلك يمكنهم قراءة كتب عن علم المصريات ويهتموا بالتاريخ العالمي".
وأوضح أن هذا المعرض بمثابة مغامرة يخوضها الزائر ويصبح طرفا فاعلا فيها وليس مجرد زائر يشاهد، وتم تصنيفه على أنه "تجربة غامرة"، تشمل جانبا من الترفيه وجانب آخر يتضمن فكرة المعرض التقليدية بمقتيناته الثمينة، وتم الربط بين الجانبين لكي يتمكن الزائر من استكشاف مصر القديمة بطريقة ممتعة وغنية بالمعلومات، بل والسفر إليها في رحلة عبر الزمن.



