السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

حياة بلا حياة.. معاناة أهالي غزة في العيش فوق أنقاض منازلهم

بوابة روز اليوسف

بوجه شارد، تعلوه ملامح عابثة، وعيون مليئة بالحزن، والرغبة في الانتقام، يجلس أبو محمد حجيلة المواطن الفلسطيني صاحب الأربعة والأربعين عاما، على جزء من حطام منزله المُّدمر، بحي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، يتأمل حجم الدمار الكبير الذي خلفته قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية حرب الإبادة الجماعية ضد القطاع وساكنيه.

وأمامه تحاول زوجته سماهر حجيلة -40 عاما- جمع الفتات لتجهيز وجبة طعام بمشاركة أطفالها، فيما يجمع الزوج– حجيلة- خشبا وورقا لإيقاد النار، واستصلاح ما يمكن إخراجه من أنقاض منزله المدمر ليعينه على الإعاشة.

ويواجه قطاع غزة معاناة كبيرة، بسبب جرائم الاحتلال الإسرائيلي المستمرة، وتتعرض المدينة “غزة” وسكانها لمختلف أشكال القمع والعنف منذ 7 أكتوبر 2023.

وتشمل جرائم الاحتلال القصف المستمر للمناطق السكنية، وفرض الحصار الذي يعوق وصول المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية، والهجمات التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية.

تلك الأوضاع الصعبة، تسببت في تدهور كبير في الظروف المعيشية والصحية لأهالي غزة، الذين يعيشون في حالة دائمة من الخوف والقلق، ونتيجة تلك الاحداث أصبح سكان غزة يعيشون في مناطق لا تصلح للعيش.

ويواجه المواطنون في حي الشجاعية المدمر صعوبات للبقاء على قيد الحياة وسط انعدام الخدمات الأساسية وشح الطعام، وأزمة نقص المياه، وتدمير البنية التحتية في ظل استمرار حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الصهيوني للشهر العاشر.

كما يعاني مئات آلاف المواطنين شمالي قطاع غزة من صعوبة بالغة في توفير المياه الصالحة للشرب، حيث يقطعون مسافات طويلة للحصول على بضعة لترات منها، كما يقنن سكان الشمال من استخدامهم لمياه الشرب خشية من انقطاعها وعدم الحصول على كميات جديدة.

غزة تجوع

ويواجه سكان غزة تفاقما في أزمة شح الطعام التي تهدد حياتهم بسبب استمرار الحرب، وما رافقها من تشديد للحصار ومنع إدخال المواد الغذائية.

وبين فترة يونيو الماضي ويوليو الجاري، نفذ جيش الاحتلال الصهيوني عملية برية في حي الشجاعية، أسفرت عن استشهاد وإصابة مئات المواطنين وتسببت في دمار هائل، وبات الحي "منطقة منكوبة لا تصلح للحياة".

ويقول حجيلة، الذي يعيش مع عائلته في أحد المباني المدمرة جزئيا في حي الشجاعية: "حياتنا كلها خوف، ونعيش في خطر الموت المستمر، وسكان غزة يتعرضون لإبادة جماعية".

ويعاني الأربعيني وأسرته من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه، ويضيف: "الجوع أصبح سائدا في المنطقة، ونعاني من ضغط نفسي وتراكمات ونقص مياه وغذاء ودواء، وضعنا وصل إلى الصفر".

ويبيّن أن زوجته أصيبت بمرض تضخم الكبد والطحال بسبب استنشاق الدخان المتصاعد أثناء عملية إشعال النيران لطهي الطعام، وتفتقر العائلة إلى القدرة على تأمين العلاج اللازم لها.

منطقة منكوبة لا تصلح للحياة

وتابع: "الحي أصبح مدينة أشباح، حيث المنازل المسكونة قليلة، ولا توجد مقومات للحياة مثل مياه أو كهرباء، ونعيش في حالة خوف دائم، نغفو ليلا ونستيقظ صباحا والخوف يعترينا حتى ونحن نيام".

وأضافت زوجته سماه قائلة: "نزحنا ثلاث مرات كحال سكان غزة، ونعيش الآن في محل تجاري أسفل منزل مدمر جزئيا، والحياة صعبة للغاية من حيث المأكل والمسكن والمشرب".

وتضيف: "نعيش في منطقة منكوبة، والدمار يحيط بنا من كل جانب، لا يوجد شيء أو حياة هنا، الحي أصبح مخيفا لعدم وجود سكان فيه".

ودعت سماهر، المصابة بأزمة صحية جراء تضخم الكبد والطحال، العالم أجمع "للوقوف إلى جانب الفلسطينيين وتخليصهم من الآلام والمآسي التي يعيشونها".

معاناة النزوح

فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يواجه المواطنون معاناة النزوح، حيث يصدر الاحتلال "أوامر إخلاء" لسكان مناطق وأحياء سكنية، استعدادا لقصفها وتدميرها والتوغل داخلها.

ويضطر المواطنون خلال نزوحهم إلى اللجوء إلى بيوت أقربائهم أو معارفهم، والبعض يقيم خياما في الشوارع والمدارس أو أماكن أخرى مثل المقابر، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إن 9 من كل 10 أشخاص في القطاع الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 2.3 مليون نسمة، نزحوا قسرا.

وأضافت أن العائلات النازحة تبحث عن مأوى أينما تستطيع، سواء في المدارس المكتظة أو المباني المدمرة أو الخيام المتواضعة على الرمال أو حتي وسط أكوام القمامة، وأكدت أن أيا من تلك الأماكن ليس آمنا "ولم يعد لدى الناس مكان يذهبون إليه".

تستمر المعاناة

وفي منطقة أخرى قريبة، يجلس المواطن أبو محمد الحرازين (52 عاما) وعائلته قرب منزلهم المدمر بشكل جزئي في "الحي المنكوب".

ويقول الحرازين: "نعيش في خوف وقلق ورعب ونقص طعام وماء، وعانينا في حرب الإبادة، نبحث عن لقمة العيش، ونعاني من غلاء فاحش ونقص في الغذاء والعلاج".

ويضيف: "منزلنا تعرض للقصف عدة مرات ونعيش حاليا في ظروف مزرية داخله، حيث قمنا باستصلاح مكان بداخله رغم الدمار الكبير".

و في سياق متصل منذ السابع من أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل ، حرب إبادة على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 129 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

تم نسخ الرابط