عصام عبد الجواد
ضعف الإيمان
ظاهرة غريبة وعجيبة بدأت تظهر فى مصر، على الرغم من أنها موجودة منذ قديم الأزل سواء فى مصر أو غيرها من بلاد العالم، وهى ظاهرة الإقبال على الانتحار بكل وسائله وأشكاله، لكن الغريب فى هذا الوقت بالذات وفى مصر بالتحديد هو توثيق المنتحر عملية الانتحار بتصويرها أمام الناس، فهو يقف أمام كاميرا التليفون المحمول ويصور نفسه ويوثق حالة انتحاره حتى يراه الجميع، والأغرب من ذلك أن أغلبهم يدعى أنه مظلوم وأنه لا سبيل له إلا بالتخلص من نفسه، ويطالب من كل من يشاهده بأن يدعو له بالرحمة والمغفرة لأنه مظلوم، وأنه لم يفعل شيئًا يغضب الله رغم أن فعلته هذه هى التي تغضب الله سبحانه وتعالى لأنه أزهق روحه التي كرمها الله.
هذه الظاهرة الغريبة أصبحت منتشرة جدًا، ويتناقلها رواد وسائل التواصل الاجتماعى على أن أصحابها مظلومون وكانوا يحتاجون لمن يقف بجانبهم، على الرغم من أن الحقيقة تؤكد أنهم هم الذين تركوا أنفسهم حتى يصلوا إلى هذه الدرجة من الإحباط ولم يعطوا أنفسهم فرصة حقيقية للتخلص من ضغوطات الحياة.
وقد كشف تقرير صادر عن المؤسسة العربية عن ارتفاع ملحوظ فى معدلات الانتحار فى الدول العربية، حيث سجلت مصر أرقامًا مقلقة حيث رصدت المؤسسة العربية 322 حالة انتحار فى مصر ما يضعها فى الصدارة على مستوى الدول العربية، فى هذا الصدد تأتى هذه الأرقام فى وقت تتزايد فيه الضغوط الاجتماعية والاقتصادية فى البلاد.
وكشف التقرير أن محافظة الجيزة تأتى على رأس قائمة المحافظات المصرية فى أكثر المحافظات لعمليات الانتحار بـ71 حالة تليها محافظة القاهرة بـ63 حالة ثم محافظة سوهاج بـ 38حالة بينما محافظة الدقهلية بها 28 حالة وتوزعت باقى الحالات على المحافظات الأخرى، لكن اللافت للنظر أن 145 حالة انتحار كانت فى القاهرة الكبرى التي تضم القاهرة والجيزة والقليوبية بنسبة 45٪ من إجمالى الحالات وتصدر الرجال القائمة بنسبة 203 حالات، بينما بلغ عدد النساء 119 حالة وتنوعت وسائل الانتحار، لكن اللافت للنظر أن أغلبها خاصة فى الريف كانت عن طريق مواد سامة أو بمعنى أدق عن طريق تناول الحباية السامة التي تستخدم فى حفظ الغلال وتباع فى الصيدليات.
وفى دراسة لمرصد الأزهر عن ظاهرة الانتحار فى مصر، أكد أن أحد أهم أسباب الظاهرة يرجع إلى غياب الوازع الدينى والأخلاقى، حيث أشار المرصد إلى أن ضعف الوازع الدينى والتردى الأخلاقى من أهم أسباب الانتحار الناتج عن اليأس والقنوط، وأن المؤمن يدرك تمام الإدراك أن الحياة مزيج من الخير والشر واليسر والعسر فحتى إذا واجهته عقبة من عقبات الحياة فإنه يحاول التغلب عليها بسلاح الصبر على الشدائد وتحمل المكاره، بالاضافة إلى أن هناك أسبابًا كثيرة منها الظروف المعيشية الصعبة وفقدان الأحباب والاضطرابات النفسية وهو ما يطالب الأزهر بمواجهتها والبحث عن حلول لها مدعومة بالايمان والصبر،
حفظ الله مصر وحفظ شعبها وقائدها.