عاجل
الأحد 22 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
العالم يغلي.. يا ترى من السبب؟!

العالم يغلي.. يا ترى من السبب؟!

أبى الله أن يمر هذا الشهر الحرام شهر ذي الحجة ويمضي إلا وأن تتجرع إسرائيل مرارة الكأس التي أذاقتها لشعب غزة الأبي الذي رفض التخلي عن أرضه التي هي بمثابة عرضه وبذل الغالي والنفيس من التضحيات فجادوا بأرواحهم رخيصة في سبيل الدفاع عن قضيتهم الأم، انطلاقا منها إلى تحرير المسجد الأقصى أم القضايا.



أبى الله تعالى إلا أن يذيقهم الويلات والتدمير، فسلط عليهم من هم أشد منهم قوة وبأسا (وما يعلم جنود ربك إلا هو)، بعد ما أزهم شيطانهم الأعظم القابع هناك في البيت الأبيض أن يتطاولوا على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بحجة تقليص برنامجهم النووي والحد من خطورته لأنه يشكل تهديدا لهم وللمنطقة جميعا ليس هذا وحسب بل بما يشكل تهديدا للعالم.

وإن كانت ليست هذه الحقيقة، فإيران دولة مسلمة اتفقنا معها أو اختلافنا، لكنها في الأساس دولة مسلمة بعيدا عن المذهبية، وبعيدا عما فعلته في سنة العراق لا تعتدي على أحد إلا إذا وقع عليها ظلم أو اضطهاد أو اعتداء.

وإنه لما فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في كبح جماح برنامجها النووي حتى بعد كل العقوبات الاقتصادية والعسكرية عليها، إلا إنها استمرت في برنامجها النووي وأوشكت على الانتهاء من تخصيب اليورانيوم المستخدم في القنبلة الذرية.

فما عساه فاعل ترامب الذي يريد أن يبسط هيمنته على العالم كله، بعدما رأى قوة الروس وما قامت به من تحالفات فى الشرق الأوسط وبعض دول العالم فخشي على نفسه خصوصا عندما رأي الصين وكوريا الشمالية ومعهم بعض دول العرب في صف الروس.

فما عساه أن يفعل، يوعز لفتاه المدلل بتنفيذ مخططات الاغتيالات بدءا من التخلص من رئيس المكتب السياسي لحماس عبر عملاء من قلب طهران، واغتيالات طالت رئيس حزب الله السيد حسن نصر الله واغتيال بعض قادة حماس في لبنان، ثم آخر الاغتيالات الأخيرة التي طالت علماء وكبار قادة الحرس الثوري الإيراني، وتوجيهات ضربات عسكرية لليمن بغية اغتيال الحوثي.

 

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية والفرنسية وكل حلفاء تل أبيب، هل كل هؤلاء لم يقدروا قدر إيران وصقلها العسكري وصواريخها بكل أنواعها، هل لم يحسبوا حسابا لكل ذلك ، أم ظنوا أن المرشد الأعلى سيصمت على كل هذه الاعتداءات وهو الذي يمتلك كل هذه الترسانة العسكرية.

أم أن ثمة حاجة في نفس حلفاء تل أبيب أرادوا قضاءها، أنهم ضاقوا مثلا ذرعا بإسرائيل وأرادوا الخلاص منها عن طريق تحريضها لضرب المنشآت العسكرية والمطارات الإيرانية.

راح فتى إسرائيل المدلل ينفذ التعليمات وقام بطلعات طيران اغتالت خلالها قيادات بارزة فى الجيش الإيراني وكبار علماء البرنامج النووي الإيراني.

مما أثار حفيظة خامنئي وخرج في رسالة متلفزة باللغة العربية متوعدا الكيان الصهيوني بأنهم ستنتظرهم ليال سوداء جراء ما فعلوه بطهران، قائلا نحن لا نبدأ الحرب، لكننا نعلم متى ننهيها.

وخرج وزير الدفاع الصهيوني مهددا أيضا إيران أنهم سيبيتون فى الجحيم وستضرب طائراته كل مكان يشتبه فيه أنه مركز لتخصيب اليورانيوم.

وبدأت إيران في تنفيذ تهديدها الذي تحول من مجرد تهديد شفاهي إلى واقع عملي، فامطرت تل أبيب وما حواليها في ليلتين متتاليتين بوابل من الصواريخ فرط الصوت التي تخترق الغلاف الجوي ولا يمكن للقبة الحديدية الإسرائيلية أن تعترضها ، كذلك بالطائرات المسيرة من خلال أذرع إيران فى المنطقة حزب الله من ناحية لبنان ، وأنصار الحوثي فى اليمن.

فراحت صواريخ إيران تدك تل أبيب مصيبة بنيتها التحتية إصابات مباشرة، ليس تل أبيب فقط بل الصواريخ طالت حيفا وغيرها من المستوطنات مما أحدث حالة من الهلع والرعب فى الشعب اليهودي جراء حتى سماع الانفجارات.

لدرجة أنهم قالوا إذا لم تتوقف هذه الصواريخ عالية الدقة والكفاءة التدميرية ستتحول إسرائيل جميعا إلى أكوام من الركام مثلما حدث في غزة.

ليس هذا وحسب بل ولاقت هذه الهجمات تعاطفا مع الجمهورية الإسلامية من جميع دول العالم الإسلامي بل هناك من الدول النووية من عرض المساعدة كباكستان، وهناك من أدان وشجب الاعتداءات على إيران كمصر العربية.

لماذا كل هذا الزخم من التعاطف، ولماذا كل هذه الفرحة حتى أن الناس تركت أشغالها وجلست أمام شاشات التلفاز لتتابع الضربات الصاروخية الإيرانية وكأنهم ينتظرون مشاهدة مباراة قدم أو كمن يترقب رؤية هلال العيد أو رؤية هلال شهر رمضان، فإذا ما سقط صاروخ أو سمع المشاهدون دوي انفجارات سمعنا تصفيق حاد وفرحة عارمة فى الشوارع.

فرحا في هؤلاء الذين امعنوا القتل والذبح والتنكيل فى العزل شعب فلسطين، وشعب غزة الذي تخاذل عن نصرته المتخاذلون فهل علمتم أن فلسطينيا يشجب ويدين مقتل جنديين إسرائيليين ولا تحرك له ساكناً كل هذه المجازر التي ترتكب في حق شعبه فالمفترض أن دمه عربي وجنسيته فلسطيني.

لكن لما شاهد الناس انتقام الله من هؤلاء شر انتقام راحوا مهللين فرحين بنصر الله تعالى وانتصاره لهذا الشعب المظلوم.

إن صواريخ إيران ومسيراتها اربكت حسابات نتنياهو وترامب وحلفائهما، مما جعلاهما يهرولان إلى أصدقائهما طالبين النجدة منهم بحجة قذرة أن تل أبيب لا تدافع عن إسرائيل فقط وإنما تدافع عن المنطقة بأكملها، فراح العملاء يتوسطون لهما، وطهران لا تقبل وساطة أحد ولا تريد وقف عملياتها وضرباتها الصاروخية إلا بشروطها.

من السبب في هذه المقتلة وفي هذه الأيام الدامية، من الذي مصلحته أن يبقى العالم على صفيح ساخن وعلى فوهة بركان وعلى رأس صاروخ يحمل آلاف الأطنان من المتفجرات.

الفاعل معلوم، من يريد أن يبسط هيمنته على العالم، من يريد أن تكون له السيادة، الذي يريد أن يجمع الجباية من أجل الحماية، الذي يريد أن يزيد من قواعده العسكرية في الخليج، الذي يحركه لوبي صهيوني أتى به إلى سدة الحكم لينفذ مخططهم ويظل على كرسيه.

إنه إن جاز لي القول، إنه سمسار الحروب، فكما كان سمسار حلبات المصارعة، يريد أن يمارس مهنته، سمسار الحروب، قتل هنا وهناك وهو يقف متفرجا عاقدا الصفقات والمراهنات.

لكن أيا ترى هل سيستمر في غيه أم سيعي الدرس الذي لقنته له إيران ومن قبله مصر حينما كشرت عن أنيابها ورفضت التهجير إلى سيناء ورفضت مرور سفنه بالمجان من القناة.

 

أستاذ الفلسفة بآداب حلوان

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز