عاجل
الخميس 26 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
في ذكرى الهجرة .. بون شاسع بين الهجرة والتهجير!

في ذكرى الهجرة .. بون شاسع بين الهجرة والتهجير!

مع حلول نسائم الهجرة المباركة، هجرة النبي ﷺ من أرض لاقى فيها ما لاقاه من صنوف الظلم من أهل هذه الأرض، إلى مكان لاقى فيه ما لاقاه من المودة والحب والاحترام والترحيب الجم مؤيدا من قبل الله جل وعلا.



 

لكن ما علاقة الهجرة النبوية الشريفة بتهجير أهل غزة من ديارهم، وما الفرق بين الهجرة والتهجير، هل النبي محمد هجر من أرضه عنوة، بمعنى هل ترك محمد وطنه بإرادته، أم تركه بعدما أتاه الأمر الإلهي بالهجرة والخروج لعلم الله المسبق أن فى الهجرة خير للدين وأن نصرة الإسلام ستكون من المدينة المنورة.

 

إذا النبي صلى الله عليه وسلم، خرج من مكة بعدما اشتد إيذاء المشركين له ولأصحابه ولما عاينوه من صنوف المضايقات والاضطهاد والتطهير العرقي والعنصرية البغيضة فمجتمع مكة أو بمعنى أوسع شبه الجزيرة العربية، كانت تغلب عليه هذه العنصرية عن طريق طبقتي السادة والعبيد فأذن الله لنبيه وللمستضعفين من رفاقه بالهجرة.

 

فخرج النبي والدموع تملأ وجهه الشريف قائلا قولته الشهيرة، والله لولا أن أهلك اخرجوني منك ما خرجت.

 

فشتان بين الهجرة والتهجير، فالهجرة هنا بإرادة النبي صل الله عليه وسلم امتثالاً لإرادة الله تعالى وامتثالا لقوله تعالى (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها).

 

أما التهجير فهو تهجير قسري جبري من غير وجه حق، بلطجة وفرد عضلات وفرض الأمر الواقع باستخدام قوة السلاح وآلات الحرب الفتاكة، وإمعان القتل والوأد وهدم البيوت فوق رؤوس أصحابها، واتباع سياسة الأرض المحروقة وتجويع الشعوب ومنع كل مقومات الحياة عنهم عن طريق تدمير البنية التحتية.

 

فيضطر الناس إلى ترك أراضيهم مبتغين ملاذا آمنا فرارا بأرواحهم وذويهم من القتل والتشريد أملا فى العودة من جديد إلى دورهم بعدما يتخلصوا من الطغاة المغتصبين المستبدين.

 

وحتى يزداد الأمر وضوحا فلابد لنا أن نتعرف على هذين المصطلحين من حيث اللغة ومن حيث الاصطلاح.

 

أما الهجرة في اللغة، وكما وردت في معجم المعاني الجامع هي مصدر الفعل هاجر وتجمع على هجرات، وهي خروج الفرد من أرض وانتقاله إلى أرض أخرى بهدف الحصول على الأمان والرزق.

 

والهجرة كمصطلح لها مضامين مختلفة وفقا للعلم الذي تدرس فيه، حيث إن لها مفهوما في علم السكان ومفهوما آخر في علم الشرع.

 

أما مفهومها في علم السكان فتعني الحركة السكانية التي ينتقل فيها الأفراد أو الجماعات من مكان الإقامة الأصلية إلى مكان آخر بغرض طلب الرزق.

 

أما الهجرة فى الشرع، فيه هجرة الرسول ﷺ من مكة إلى المدينة، أو الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وهي نوعان، هجرة مادية وهجرة معنوية، المادية الانتقال بالجسد من مكان إلى آخر.

 

وهجرة روحية وهي هجر ما نهى الله عنه من محرماته.

أما التهجير في اللغة فهو فعل النقل أو الابعاد من مكان إلى آخر، والقسري يعني الإجبار بمعنى إجبار الناس على الانتقال من أماكنهم.

 

والتهجير فى الاصطلاح فهو يشير إلى النزوح غير الطوعي للأفراد نتيجة عدة عوامل منها الصراع، والعنف، والاضطهاد، والكوارث الطبيعية.

 

إذن بون شاسع بين هجرة النبي ﷺ التي كان الغرض منها الفرار بدين الله إلى مكان آخر يترعرع فيه الدين الجديد ثم يعود قويا فتيا فينتشر في ربوع العالمين، فلا قسر فيها ولا إجبار وإنما امتثال لأمر الله لحكمة منه تعالى ألا وهي نشر دينه ليصبح دينا عالميا.

 

أما التهجير ففيه الإكراه نتيجة للتطهير العرقي أو النزعات العنصرية أو الصراعات السياسية التي تستخدم القوة للاستيلاء على الأراضي بغير حق، أي إعتداء على حقوق الغير مثلما هو حادث الآن مع أهل غزة وما يفعله معهم الصهاينة.

 

لكنهم على الرغم من كل ذلك فهم ثابتون على مبدأهم لا تفريط في الأرض فهي العرض الذي تراق الدماء في سبيل الحفاظ عليه وهذا درس أعطاه شعب غزة في العزة والإباء وعدم التفريط.

 

مهما حدث لهم من قتل وتشريد وتجويع فالوطن غال وترابه أغلى، وهذا كان نهج محمد ﷺ في عدم تفريطه في مسقط رأسه فما أن أتم الله فضله عليه وأتم نوره أول شيء فعله هو فتح مكة.

فلله دركم يا أبناء رسول الله، يا أحفاد الفاتحين.

 

أستاذ الفلسفة بآداب حلوان

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز