

أحمد عبدالعظيم
أحمد عبدالعزيز.. أسطورة مصرية أرعبت الصهاينة في حرب 48
حكاية بطل (1)
في سجلات تاريخ البطولات.. حكايات تقترب إلى الأساطير، أبطالها وما فعلوه قد يصل إلى حد المعجزات، وتبقى بطولات المصريين هي دُرة تاج تلك السجلات.. وواجب علينا أن نعيد دومًا ونسلط الضوء عليها حتى يعرف القاصي والداني أن "المصري" وُلد ليصنع المعجزات.
وفي السطور التالية سنحكي معًا عن حكاية بطل مصري، نسمع عنه كثيرا لأن اسمه يطلق على العديد من الشوارع في المحافظات المختلفة وهو البطل أحمد عبدالعزيز.. فما حكايته وكيف وصل بقواته إلى قلب "تل أبيب".
بطل حكايتنا اليوم ولد في 29 يوليو 1907، بمدينة الخرطوم بالسودان، حيث كان والده الأميرلاي (محمد عبد العزيز) قائدًا للكتيبة الثامنة في مهمة عسكرية بالسودان وقتها، عرفت عنه وطنيته الجارفة منذ نعومة أظفاره، فقد اشترك وهو في الثانية عشرة من عمره في ثورة 1919 وكان لا يزال طالبًا بالمرحله الثانوية.
وفي عام 1923 دخل السجن بتهمة قتل ضابط إنجليزي، ثم أفرج عنه وتم إبعاده إلى المنصورة، والتحق أحمد عبد العزيز بالمدرسة الحربية وكان ضابطًا مرموقًا بسلاح الفرسان، كما التحق أيضًا بسلاح الطيران، وكان واحدًا من ألمع الطيارين المصريين.
حينما صدر قرار تقسيم فلسطين عام 1947 كان البطل "أحمد عبد العزيز"، هو أول ضابط مصري يطلب بنفسه إحالته للاستيداع، ليكّون فرقة من المتطوعين الفدائيين لإنقاذ فلسطين من أيدي اليهود.
ورغم صغر حجم قواته، وانخفاض مستواها من حيث التسليح والتدريب مقارنة باليهود، فإن البطل اقتحم بهم أرض فلسطين، ودارت بين الجانبين معارك حامية بداية من دخول البطل والفدائيين المصريين مدينة العريش، مرورًا بمعركة خان يونس.
وحققت قوات الفدائيين بقيادة أحمد عبد العزيز انتصارات مذهلة على اليهود، فقطعت الكثير من خطوط اتصالاتهم وإمداداتهم، وأسهمت في الحفاظ على مساحات واسعة من أرض فلسطين، ودخلت مدينة القدس الشريف ورفعت العلم الفلسطيني والعلم المصري جنبًا إلى جنب.
كان أحمد عبد العزيز يعارض بشدة دخول الجيوش النظامية الحرب، على أساس أن قتال اليهود يجب أن يقوم به المتطوعون وكتائب الفدائيين، لأن دخول الجيوش النظامية يعطي اليهود فرصة كبرى في إعلان أنفسهم كدولة ذات قوة تدفع بالجيوش العربية إلى مواجهتها، إلا أن معارضته لم تمنعه من القتال جنبًا إلى جنب مع الجيوش النظامية.
تقدم بنفسه يوم 16 مايو 1948 إلى مقر القيادة المصرية وقدم للقائد العام كل ما لديه من معلومات عن العدو فأعاد رسم الخرائط العسكرية للمواقع في ضوء الوجود اليهودي، مما سهل من مهمة القوات النظامية العربية التي دخلت فيما بعد في حرب 1948.
بعدما قبل العرب الهدنة في عام 1948، نشط اليهود في جمع الذخيرة والأموال وقاموا باحتلال قرية العسلوج التي كانت مستودع الذخيرة الذي يمون المنطقة، احتلالها كان يعني قطع مواصلات الجيش المصري في الجهة الشرقية ومع فشل المحاولات لاسترداد هذه القرية تم اللجوء للبطل أحمد عبدالعزيز وقواته، التي تمكنت من دخول هذه القرية والاستيلاء عليها.
حينما حاول اليهود احتلال مرتفعات جبل المكبر المطل على القدس، وكان هذا المرتفع إحدى حلقات الدفاع التي تتولاها قوات أحمد عبدالعزيز المرابطة في قرية صور باهر، وقامت هذه القوات برد اليهود على أدبارهم وكبّدتهم خسائر كثيرة، واضطرتهم إلى الهرب واللجوء إلى المناطق التي يوجد فيها مراقبو الهدنة ورجال هيئة الأمم المتحدة.
في 22 أغسطس عام 1948 دُعي أحمد عبدالعزيز لحضور اجتماع في دار القنصلية البريطانية بالقدس لبحث خرق الصهاينة للهدنة، واتجه في مساء ذلك اليوم إلى غزة، حيث مقر القيادة، كانت منطقة عراق المنشية مستهدفة من اليهود فكانت ترابط بها كتيبة عسكرية لديها أوامر بضرب كل عربة تمر في الظلام، وعندما كان في طريقه إليها اشتبه بها أحد الحراس وظنها من سيارات العدو، فأطلق عليها الرصاص، فأصابت إحداها أحمد عبدالعزيز ونال الشهادة.