الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

عودة «حسم».. «فيلم» دعائى من الخارج يكشف إفلاس التنظيم

مختار نوح
مختار نوح

فى مشهد أشبه بمقطعٍ من فيلمٍ دعائي، ظهر مجددًا اسم «حسم» على الساحة، لكن هذه المرة من خلف الحدود المصرية.

إصدار مرئى يحمل شعارات قديمة، وأسلحة يلمع بريقها أمام كاميرا احترافية، وأفراد يتدربون فى تضاريس وعرة لا تمت بصلة إلى أرض الواقع المصري.

غير أن ما بدا كعودة جديدة، لم يكن فى نظر الخبراء سوى محاولة أخيرة من تنظيم فقد ظله فى الداخل، وأصبح لا يملك سوى الصوت فى الفراغ.

وأكد خبراء فى شؤون الحركات الإسلامية أن الإصدار المرئى يعكس إفلاس التنظيم وفقدانه لأى قدرة حقيقية على التأثير داخل المشهد المصري، مشيرين إلى أن «حسم» تُستخدم كأداة لابتزاز الدولة المصرية، فى محاولة يائسة لبث الخوف وإرباك الداخل، بسبب ثبات الموقف المصري من القضايا الإقليمية.

وأشار الخبراء إلى أن التنظيم الإخوانى لم يعد يمتلك بنية تنظيمية فاعلة، وأن ما يتم بثه من صور وتسجيلات ليس إلا جزءًا من مخطط إعلامى مكشوف، يفتقر إلى أى قوة حقيقية على الأرض.

عودة سينمائية.. لا ميدانية

هذا ما أكده مختار نوح، الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، حين وصف الإصدار بأنه «محاولة يائسة من بقايا تنظيم الإخوان لإثبات الوجود بعد أن انتهى فعليًا كتنظيم منظم وفاعل».

«نوح» قال فى تصريحات لـ«روزاليوسف» إن الحركة لم تعد تملك ساحة، ولا جمهور، ولا حتى خطة، بل مجرد شتات فى المنافي فى قلب إسطنبول والدوحة، حيث كانت خلايا التنظيم تدير معركتها الإعلامية، لم تعد هناك سوى خلافات، وانقسامات، وأصوات تتصارع على اللا شيء. ما تبقى - وفق نوح - مجرد بقايا تنظيمات مسلحة تستعرض قوتها عبر عدسات الكاميرات، بينما الحقيقة تقول: انتهى زمن التأثير، وبدأ عهد العزلة.

لماذا الآن؟

طارق أبوالسعد، باحث آخر فى ذات الشأن، رأى أن التوقيت ليس عبثيًا «إنه إصدار دعائى يُصوّر خارج مصر، ويكشف محاولة للظهور فى وقت حساس تمر به الدولة».

وأشار أبوالسعد إلى أن الفيديو يُظهر عناصر تتلقى تدريبات فى مناطق وعرة خارج الحدود المصرية، ما يطرح علامات استفهام حول مصادر الدعم المالى والعسكرى الذي تحصل عليه هذه الجماعة، خاصةً فى ظل وجودها خارج الدولة، الأمر الذي يعزز من فرضية أن «حسم» لم تعد تمتلك امتدادًا داخليًّا حقيقيًّا فى مصر.

وأوضح أن التنظيم يحاول تبرير ظهوره بوجود «متغيرات» فى الواقع العربي، مستشهدًا بحالة المقاومة فى غزة، وهذا التناقض يكشف أن «حسم» هى جزء من مخطط يخدم إسرائيل نفسها عبر ضرب الاستقرار المصري.

ولفت إلى أن حركة «حسم» هى فى الأصل تشكيل إخوانى نابع من داخل التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، وتحمل فكر حسن البنا، وتُعد امتدادًا للجان النوعية المسلحة التي أُنشئت قبل فض اعتصام رابعة، بقيادة محمد كمال.

وقد بدأت نشاطها الإرهابى بشكل واضح منذ عام 2015، وبلغت ذروتها فى 2016 بعمليات اغتيال ومحاولات استهداف رموز الدولة، إلى أن تم القضاء على معظم بنيتها التنظيمية عام 2018 نتيجة للملاحقات الأمنية المحكمة.

وما يجرى الآن هو محاولة يائسة لإعادة الروح إلى التنظيم فى ظل وجودهم خارج مصر وافتقادهم لأى حاضنة تنظيمية فى الداخل. ولفت أبوالسعد إلى أن توقيت ظهور هذا الفيديو ليس عشوائيًّا، بل يأتى فى سياق الضغط على الدولة المصرية بسبب مواقفها الثابتة والمشرفة من القضية الفلسطينية، ونجاحها فى إدارة ملفات إقليمية معقدة، واستعدادها لانتخابات تشريعية قادمة فى مناخ سياسى واقتصادى مستقر. 

وأوضح أن تهديد الجماعة اليوم ليس فى قدرتها على تنفيذ عمليات، بل فى محاولتها لنشر الخوف وإرباك الداخل عبر التهويل والابتزاز، ما يجعل من الضرورى على الأجهزة المختصة عدم التهاون مع هذا التحرك، حتى وإن بدا دعائيًّا، لأنه يعيد الأمل لتنظيم إرهابى فقد بوصلته منذ سنوات.

رسائل لم تُقل

أما عمرو فاروق، الباحث الذي طالما تتبع خيوط التنظيمات المسلحة، فرأى أن الإصدار المرئى الجديد لحسم لا يحمل سوى دلالة واحدة: «الإخوان لا يزالون أداة وظيفية فى يد أطراف خارجية»، حسب تعبيره.

فالاصدار، الذي وُثقت مشاهده فى مناطق نائية بين سوريا والعراق، يؤكد استمرار الجماعة فى تبنى العنف، لا بهدف «التمكين» كما يزعمون، بل للضغط على الدولة المصرية، ومحاولة العودة من نافذة الإرهاب بعدما أُغلقت فى وجوههم أبواب السياسة.

وأضاف فاروق أن الجناح المسلح للإخوان، والمتمركز بين تركيا وبريطانيا، دخل فى تحالفات خطيرة مع تيارات سلفية جهادية تتبنى أفكار سيد قطب ورفاعى سرور، ما يشير إلى تصاعد خطير فى خطاب العنف والدم.

وفق فاروق، فإن الجماعة تسعى لابتزاز الدولة المصرية من جديد، بالتلويح بورقة العنف والضغط، فى مقابل تمرير ملف المصالحة، والإفراج عن قيادات بارزة أمثال بديع والشاطر وأبو الفتوح.  

تم نسخ الرابط