
رغم تحديات بيئية واقتصادية واجتماعية
إسبانيا تستقبل أكثر من 17 مليون سائح في الربع الأول من 2025

أ.ش.أ
استقبلت إسبانيا أكثر من 17 مليون سائح دولي في الربع الأول من عام 2025، بزيادة قدرها 5.7% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. وتجاوزت إيرادات السياحة 23 مليار يورو، مما يؤكد نمو القطاع، بمتوسط ميزانية يومية للزوار تبلغ حوالي 188 يورو كما أورد المعهد الوطني للإحصاء.
هذا يجعل إسبانيا ثاني أكثر الوجهات زيارةً في العالم بعد فرنسا، حيث من المتوقع أن يتجاوز إجمالي عدد الزوار الدوليين 100 مليون بحلول نهاية عام 2025 .
ومع ذلك، يأتي هذا الجذب السياحي في ظل سياق بيئي مقلق ، فقد ضرب جفاف تاريخي منطقة البحر الأبيض المتوسط، مما أثر على أكثر من نصف الأراضي الأوروبية، وهي ظاهرة لم تشهدها إسبانيا في أوائل أغسطس منذ عام 2012. وشهدت إسبانيا عدة حرائق مدمرة هذا الصيف، مما أدى إلى تدمير ما يقرب من 400 ألف هكتار من الغابات - وهو رقم قياسي وطني - وتسبب في عمليات إجلاء وخسائر في الأرواح. لقد ألحقت هذه الكوارث خسائر فادحة ببعض المناطق السياحية، حيث أبرزت إدارة الأزمات أحيانًا ثغرات في إجراءات الوقاية كما أوردت قناة "بي أف أن تي في" التلفزيونية البلجيكية.
وفي حين كان من المتوقع أن يصل نمو عدد الزوار إلى 7% في عام 2024، سيشهد عام 2025 تباطؤًا حادًا، ليصل إلى 1% فقط في شهري يوليو وأغسطس الصيفيين. وتفسر عدة عوامل هذا الانخفاض.
أولًا، أدى ارتفاع التضخم في قطاع السياحة إلى ارتفاع أسعار المطاعم وأماكن الإقامة والمعالم السياحية، أحيانًا بأكثر من 10%، مما أدى إلى الحد من إنفاق بعض السياح، وخاصة الشباب والأسر . وعلاوة على ذلك، شهدت العديد من المدن السياحية الكثيفة، مثل برشلونة وبالما دي مايوركا وفالنسيا، احتجاجات سكانها على السياحة المفرطة. وتندد هذه الاحتجاجات بتشبع البنية التحتية، وارتفاع الإيجارات، وتدهور البيئة المعيشية بسبب نسب الإشغال الهائلة .
وفي مواجهة هذا الضغط الاجتماعي، فرضت السلطات إجراءات تنظيمية أكثر صرامة، لا سيما على إيجارات الفنادق السياحية قصيرة الأجل ، تُسهم هذه الاحتجاجات في تباطؤ نمو السياحة، مما دفع بعض الخبراء إلى توقع ذروة محتملة في السياحة في إسبانيا.
في حين لا تزال إسبانيا واحدة من أكثر الوجهات شعبية في أوروبا، فإنها تواجه الآن تحديًا كبيرًا: التوفيق بين جاذبيتها العالمية والقيود البيئية والاقتصادية والاجتماعية. الهدف الآن هو تعزيز شكل أكثر توازناً من السياحة، يحترم المناطق والسكان المحليين، لضمان استدامة هذا القطاع الاستراتيجي للبلاد.