عاجل
الأربعاء 10 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
كاميرات التشهير.. السلاح الجديد لـ"مهاويس التريند"

كاميرات التشهير.. السلاح الجديد لـ"مهاويس التريند"

خلال الأيام الأولى لأحداث ثورة 25 يناير ظهر في كل ربوع مصر ما يسمى “اللجان الشعبية”، بحيث يكون لكل شارع أو قرية أو حي مجموعة من الرجال مسؤوليتهم حماية الأنفس والممتلكات من أي اعتداءات محتملة من الخارجين على القانون، الذين حاولوا استغلال ما تمر به البلاد في تلك الفترة لممارسة أنشطتهم.



 

ومع مرور أيام قليلة، ورغم أن فكرة اللجان الشعبية في مجملها كانت شيئًا جيدًا، لكن للأسف استغلها بعض ضعاف النفوس وأصحاب السجلات الإجرامية لفرض الإتاوات، واستخدموا فيها الأسلحة المتنوعة للقيام بذلك، حتى تدارك من يقوم بإدارة شؤون الدولة وقتها الأمر، وأصدروا تعليماتهم بإلغاء جميع أنشطة اللجان الشعبية، خاصة أن رجال القوات المسلحة ومعهم الداخلية بدأوا سريعًا في الانتشار وفرض السيطرة الأمنية.

 

 

ما سبق قفز دون سابق إنذار إلى ذهني وأنا أتابع ظاهرة أعتبرها غريبة على السوشيال ميديا وهي تصوير بعضنا البعض مع نشوب أي خلاف، فبدلًا من اللجوء إلى الداخلية والقضاء للحصول على الحق، أصبح النشر على السوشيال والتشهير هو البديل، ففي البداية قد يكون الأمر محمودًا عندما يقوم شخص بتصوير سلوك غير أخلاقي ومحاولة توعية الناس من خطورته بنشره على السوشيال ميديا، لكن للأسف اللجان الإلكترونية والمهووسون بالتريند ومحبو التشهير استغلوا الأمر أسوأ استغلال عندما وجدوا أن "ريتش" مثل تلك الفيديوهات يحقق لهم الانتشار الأوسع، وبالطبع المكاسب المادية الأكبر.

 

 

مثال بسيط لمثل هذه التصرفات التي أصبحت منتشرة للأسف حتى في القرى وبين أهالي الريف.. منذ أيام قليلة هاتفني أحد أبناء قريتي (بمحافظة الغربية) وهو في حالة هلع، محاولًا البحث عن نصيحة قد أقدمها له، فقد قام عدد من الأفراد بالاعتداء على أهل بيت هذا الشخص (في بيته) بسبب خلافات عائلية بسيطة يمكن حلها بجلسة مصالحة مع كبراء القرية، لكن ما حدث أنه تم التطاول بالضرب والسب على أهل هذا الرجل ولم يكن موجودًا في منزله وأسرته هي من تعرضت لذلك، وللأسف قام الطرف الآخر (بشهادة كل شهود الشارع اللي كانوا موجودين) بعد أن انتهى من الاعتداء برفع كاميرا هاتفه لتصوير رد فعل المعتدى عليهم، في محاولة لإظهارهم أنهم (بلطجية)، وتهديدهم طوال الوقت بنشر الفيديو على السوشيال ميديا وفضحهم وفضح أطفالهم في القرية كلها.

 

كانت نصيحتي طبعًا هي اللجوء لرجال الأمن الذين نثق في تحرياتهم وأنهم لا ينظرون للأمر من طرف واحد أبدًا، وهو ما حدث بالفعل.

 

مثل هذا النموذج متكرر للأسف في الفترة الحالية، وأصبحت كاميرات الهواتف مجرد سلاح للتشهير.

 

 

ليس هناك مانع أبدًا من تصوير سلوك أي شخص قد يكون شاذًا عن أخلاق مجتمعنا، لكن إذا كنت فعلًا صاحب "نية سليمة" وتريد الحصول على حقك، توجه به إلى رجال الأمن والقضاء، بدلًا من التشهير على السوشيال، فحتى لو الشخص الذي قمت بتصويره مخطئ فعلًا فما ذنب أسرته؟ تخيل تأثير ذلك على ابنه أو ابنته، فتلك هي الجريمة الأبشع، وهو ما ظهر جليًا في آخر مثل تلك السلوكيات عندما قام "بلوجر" بتصوير شخص يعتدي عليه بالسب، وقال البلوجر إنه رفض الدفاع عن نفسه لأن الشخص المعتدي كان مع نجله بالسيارة، وكأن ما قام به "البلوجر" من نشر الفيديو على السوشيال ليس جريمة في حق هذا "الابن" وباقي أفراد أسرته، عندما يرون عائلهم تريند السوشيال، فحتى لو كان الشخص مخطئًا فما ذنب أسرته، ولماذا لم يقم "البلوجر"- لو له حق- بالتوجه للجهات المختصة مباشرة للحصول على حقه؟

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز