الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

د.غيضان السيد علي يكتب :مكانة المرأة في مصر القديمة والحضارات الأخرى

د.غيضان السيد علي
د.غيضان السيد علي يكتب :مكانة المرأة في مصر القديمة والحضارا

  لا شك أن وضع المرأة أختلف من حضارة لأخرى، ومع ذلك بقيت المرأة في الحضارة المصرية الفرعونية متربعة على العرش لا ينازعها في ذلك منازع ؛ فقد احتلت المرأة مكانة فريدة عند أجدادنا القدماء حتى أنهم أطلقوا على الآلهة في النظام الأمومي أسماء مؤنثة وجعلوها على شكل أنثى فكانت "أي ست" أعظم الآلهة وكانت مرتبطة بالتخصيب الجنسي والزراعي ومصدر الخير والنماء .

كما جاءت البرديات المختلفة التي تؤكد على مكانة المرأة الفريدة، ومدى تقدير الزوج لها، فقد كان من أهم بنود عقد الزواج في مصر القديمة أن يقسم الرجل على طاعة زوجته والخضوع لها ! كما كان يتعهد بالتنازل لها عن كل أملاكه ومكاسبه المستقبلية. كما كانت الأملاك الزراعية تنتقل بعد موت الأمهات إلى الإناث وليس الذكور ، فقد جاء في بردية "نب ست" الشهيرة والتي توصي فيها بأملاكها الزراعية لأبنائها الذكور بدلا من أن تنتقل إلى الإناث حسب العرف السائد.

كما كانت المرأة هي التي تبدأ بخطبة الرجل وعرض الزواج عليه ؛ فقد جاء في إحدى الرسائل الغرامية التي وصلت إلينا رسالة أرسلتها فتاة إلى حبيبها تقول فيها:  " أي صديقي الجميل إني أرغب في أن أكون بوصفي زوجتك صاحبة كل أملاكك ". ومن ثم يمكننا فهم وصية الحكيم بتاح حوتب لابنه قائلا:" املأ بطنها ، وأكس ظهرها، وأدخل السرور على قلبها ، ولا تعارضها فإن في معارضتها هلاكك"!

 

وفي حين كانت المرأة في بلاد اليونان القديمة معزولات عن الحياة العامة وممارسة السياسة ؛ بل كانوا يعتبرونهن ضعيفات ، متسرعات، ناقصات عقل ، يملن مع الهوى، ولا يعتمد عليهن. كانت المرأة في مصر تنسج الكتان في المنازل وتشتري الحاجيات من السوق وتعمل في الحقل وتشارك في الإبداع العقلي والاجتماعي وتتبوأ أعلى المناصب السياسية . فكان من الطبيعي أن يصرخ "هيرودت" عند زيارته لمصر قائلا :"إن مصر تحوي العجائب".

 

وتتضح هذه المكانة الرائعة للمرأة في مصر القديمة خاصة إذا ما قارناها بغيرها من الأمم الأخرى وكيف كانت تنظر إلى المرأة؛ فلم يكن وضع المرأة في الهند أفضل منه في بلاد اليونان بل كان أسوأ مئات المرات فقد كانت المرأة تحرق مع زوجها حين يموت وكأنها ثيابه البالية ! وكانت في الصين مجرد خادمة تسكن الحجرات الأقل تهوية والأسوأ إضاءة .

أما في الديانات المختلفة فلم يقترب من مكانة المرأة في مصر القديمة سوى وضعها في الدين الإسلامي ؛ فقد كانت المرأة في اليهودية خطر يفوق شرها شر الثعابين السامة ، وكان من الممكن أن يمنعها الأب من الزواج لخدمة الأخوة الذكور، كما يمكنه أيضا أن يبيعها مع الإماء والجواري إذا شاء ذلك! ومن الدعاء المأثور في صلاة اليهودي " أشكرك يا إلهي أن خلقتني رجلا ولم تخلقني امرأة " في حين تقول المرأة "أشكرك يا إلهي على أنك خلقتني كما تريد" ..بل جاء في الوصايا العشر ضم المرأة مع الفرس والعبد والثور والحمار فلا يشته اليهودي امرأة قريبه ولا زوجته ولا ثوره ولا حماره أو هكذا ينبغي أن يكون.

في حين تحررت المرأة كثيرا في المسيحية إلا إنها لم تنل حقوقها كاملة أي لم تقترب من مكانة المرأة وما كانت عليه في مصر القديمة . في حين كفل الدين الإسلامي للمرأة حقوقا أكثر؛ فجعل لها حرية التملك على قدم المساواة مع الرجل، وجعل لهن مثل الذي عليهن بالمعروف،وأعطاها الحق في الزواج ممن تريد ،كما كفل لها حقها في الطلاق، وأمر الرجل أن يحسن معاشرة زوجته وأن يلاطفها ويحسن إليها، كما كفل لها  الكثير من حقوقها السياسية والاجتماعية، وحث على ضرورة مشاركتها للرجل في كل أمور الحياة ...على عكس ما يزعم بعض الحمقى من المتطرفين هنا أو هناك .

ومع هذه المكانة العظيمة للمرأة في الإسلام تظل مكانة المرأة في مصر القديمة هي حلم كل امرأة متحررة على وجه البسيطة؛ فقد نالت ما لم تنله المرأة في أي حضارة أخرى .

تم نسخ الرابط