عاجل
الثلاثاء 3 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

سفير مصر في اليونسكو: ساهمنا في حماية الآثار المصرية وتحجيم تهريبها

سفير مصر في اليونسكو: ساهمنا في حماية الآثار المصرية وتحجيم تهريبها
سفير مصر في اليونسكو: ساهمنا في حماية الآثار المصرية وتحجيم تهريبها

حوار - شاهيناز عزام
اكد د محمد سامح عمرو سفير مصر ومندوبها الدائم لدي اليونسكو ورئيس المجلس التنفيذي لليونسكو ان اليونسكو قد شاركت فى دعم برامج المياه وهو في صالح مصر مشيرا يقتصر على التعاون الفنى بهدف تحسين سبل استخدام الموارد المائية للدول وتحقيق التعاون بين الدول المشاركة فى الانهار الدولية مشيرا في حواره لبوابة روزاليوسف ان اليونسكو قد ساعدت مصر فى اتمام مشروع اعادة إحياء مكتبة الاسكندرية ثم قادت حملة أخرى لإقامة متحف النوبه بأسوان ومتحف الحضارة بالقاهرة والذى تعمل الحكومه بخطى ثابته للانتهاء منهواليكم الحوار 
 
 
أين اليونسكو من مصر ... وما دورها فى المساعدة لتنفيذ خططنا التنموية؟
علاقة اليونسكو بمصر علاقة وطيده مستمرة لسنوات. فمصر كانت من بين الدول التى أسست هذه المنظمة، ومنذ تأسيس المنظمة استفاد كل منهما من الآخر. فمن يقول ان اليونسكو ساعدت مصر فى نقل معابد أبو سمبل عليه الا ينكر ان المنظمة استفادت من ذلك حيث اعتبرت منذ ذلك الحين المنظمة الدولية المعنية بحماية التراث والاثار على مستوى العالم. لقد كان هذا المشروع العملاق اللبنه الأولى لتبنى اتفاقية اليونسكو لحماية التراث الثقافى والطبيعى لعام 1972 حيث تجاوز عدد مواقع التراث الثقافى والطبيعى المدرجه على قوائم اليونسكو حتى الان أكثر من ألف موقع. أيضا فقد ساعدت اليونسكو مصر فى اتمام مشروع اعادة إحياء مكتبة الاسكندرية ثم قادت حملة أخرى لإقامة متحف النوبه بأسوان ومتحف الحضارة بالقاهرة والذى تعمل الحكومه بخطى ثابته للانتهاء منه.
 
 
من خلال تجربتك كرئيس للمجلس التنفيذى للمنظمة ... أين اليونسكو من مشكلات عالم اليوم وما هى رؤيتكم لدورها المستقبلى ؟
أن اليونسكو أمامها فرصه تاريخيه لتلعب دور متميز خلال الأعوام المقبله. لقد ولدت هذه المنظمة فى منتصف القرن الماضى من "رحم الحرب" بهدف أساسى وهو إرساء صروح السلام فى عقول البشر. فمؤسسى المنظمة أيقنوا أن فكرة الحروب تولد فى عقول البشر وفى عقولهم يجب ان تبنى حصون السلام. هذه العبارة البسيطة لها دلالات ومعانى كثيره. فمواجهة الحرب بمعنهاها التقليدى والذى ساد حتى منتصف القرن الماضى كان ينحصر فى استخدام القوة من دولة ضد دولة أخرى، وهذا كان الباعث لتأسيس اليونسكو كوسيلة تساعد فى تحقيق السلام خاصة أن ميثاق الأمم المتحدة حظر الحرب واستخدام القوة. لكن مشكلة عالم اليوم ان الحروب لم تعد حروب بين دول فحسب بل اصبح استخدام القوه على مستوى الدولة الواحدة أكثر شراسه وعنفا إذا ما قارناه بالحروب الدوليه. كما ان مفهوم الحرب لم يعد قاصرا على استخدام القوة بل نشهد الان وجود جماعات متطرفة تسعى لنشر الافكار المعادية وبث روح الكراهيه بين الشعوب وأصحاب الحضارات وتعمل على نشر خطاب الكراهية والتحقير من الأخر، لكل هذا يجب على اليونسكو التصدى لهذه المحاولات قبل ان يفون الاوان. وهنا يأتى دور اليونسكو لأن لديه رساله واضحه وهو نشر ثقافة السلام والتسامح والعمل على قبول الأخر. ولن يتحقق كل ما تقدم الا من خلال اتباع برامج تعليم متوازنه وقبول التعددية الثقافية ليس فقط كحق ولكن كواجب. كل هذا لابد ان يترجم فى برامج واضحه يتم تنفيذها تحت مظلة اليونسكو وأن توفر الدول الدعم المالى المناسب لها. ان اليونسكو استطاعت بنجاح ان تؤدى دورها لمدة 70 عاما وحان الوقت لإعادة تشكيل منظورنا لهذه المنظمة كى تكون قادرة على مواجهة التحديات التى تواجهنا حاليا ونسعى لنجنب الاجيال القادمه ويلات الحروب والصراعات التى يحاول البعض ان يشعلها متمسكين فى ذلك بالأفكار المغلوطه والمتاجرة بعقول الملايين على مستوى العالم ممن لم يكن لهم حظ الحصول على التعليم المناسب.
 
 
 
وما هى جهود اليونسكو الحاليه للحفاظ على تراث وآثار مصر؟
اليونسكو تعمل مع مصر فى هذا القطاع الهام على عدة مستويات. وسأعطى لك أمثلة على ذلك مثل التعاون المشترك للحفاظ على منطقة القاهرة التاريخية، وسعى المنظمة لمساعدة مصر فى ترميم موقع أخر مدرج على قائمة التراث العالمى المهدد بالخطر وهو موقع أبو مينا بالأسكندرية. كما قامت اليونسكو بالتحرك الى مصر لانقاذ متحف ملوى بعد نهب مقتنياته، وقامت على الفوز بنشر القطع المنهوبه على موقعها الاليكترونى مما ساعد فى وقف أى محاولة لنقل أو بيع هذه القطع بشكل غير مشروع فى الأسواق الخارجية. كما كانت اليونسكو موجوده من خلال خبرائها فى موقع متحف الفن الاسلامى خلال أيام قليله بعد تفجيره وأصدرت إدانه دوليه للهجوم الارهابى فى نفس يوم الانفجار وقدمت مساهمة مالية كرسالة سريعة لحث الدول لتقديم المساعدات وهذا ما تم بالفعل حيث قدمت ألمانيا وسويسرا وإيطاليا والأمارات العربية المتحدة مساعدات مالية وفنية ساعدتنا فى اعادة ترميم المتحف ومقتنياته. 
 
 
من ناحية أخرى عقدت لجنة اليونسكو لمتحف النوبه والحضاره اجتماع لها الشهر الماضى بمقر المنظمة وبحضور وزير الاثار المصرى لإعطاء دفعه للانتهاء من أعمال متحف الحضارة، بعد ان توقفت اجتماعات هذه اللجنه منذ عام 2009.
 
 
وأخيرا فمبجرد توافر المعلومات لمحاولة بيع أثارنا فى المعارض وصالات المزادات بالخارج تكون اليونسكوهى وجهتنا الأولى لعرض هذه الحالات، وعليه يقوم اليونسكو بمخاطبة هذه الجهات مما ساعد فى تحقيق نجاح لوقف عدد من حالات البيع للقطع الاثرية المصرية مستثمرين فى ذلك مكانة المنظمة دوليا وجهودها لوقف الاتجار غير المشروع فى آثارنا بالخارج.
 
 
وماذا عن مجال التعليم ... هل هناك أى مشروعات لليونسكو لدعم مصر فى هذا المجال؟
التعليم هو أحد أهم أولويات الحكومة المصرية واليونسكو تتابع جيدا الاهمية التى يوليها رئيس الدولة لموضوع التعليم. ويكفى أن أقول هنا ان اليونسكو أوفدت خمس بعثات فنية فى مجال التعليم خلال السنه الماضية بعد ان كان التعاون فى هذا المجال متوقفا لفترة طويله. ووضعت اليونسكو عدة برامج لتقديم الدعم الفنى لمواجهة ظاهرة محو الأمية ودعم برامج التعليم الفنى بل وخصصت مبلغ مالى بحوالى نصف مليون دولار لتنفيذ هذه البرامج.
 
 
وممكن أن أضيف هنا الى ان الجهود التى تبذلها الحكومه حاليا لتنقية مناهج التعليم وحذف ما يحض منها على العنف ونشر الأفكار المسيئة غير اللائقة لمعتقداتنا وثقافتنا، محل تقدير ومتابعة من المنظمة وتعتبرها خطوة رائدة يجب اتباعها من جميع الدول.
 
 
من ناحيه أخرى استجابت اليونسكو للمبادرة التى أطلقها مؤخرا وزير التعليم العالى حيث طالب بعقد ورشة عمل يدعى لها خبراء دوليين للنظر فى نظم القبول بالجامعات وسوف تنعقد بالفعل خلال الأسبوع الأول من يونيو القادم بمشاركة أكثر من خمسة عشر خبير دولى. علاوة على ذلك هناك مؤتمر دولى سينعقد أيضا بالقاهره فى شهر يونيو القادم لدراسة نظام "ضمان جودة التعليم فى الجامعات".
 
 
وقد كان حضور وزير التعليم العالى باليونسكو للمشاركة فى أعمال المجلس التنفيذى للمنظمة الشهر الماضى بمثابة فرصة هامة لبحث عدد من المشروعات مع المديرة العامة لليونسكو والمسئولين بقطاع التعليم بالمنظمة. وقد لمسنا الرغبة الحقيقية لليونسكو فى تقديم كافة سبل الدعم لجهود الحكومة المصرية.
 
 
ويعتبر قبول اليونسكو ليكون مركز سرس الليان بالمنوفيه أخد المراكز التابعه له من الفئة الثانية خطوة هامه حيث يعتبر هذا المركز احد مراكز اليونسكو الاقليميه لخدمة المنطقتين العربية والأفريقية لمواجهة مشكلة الأمية والعمل على محوها وتعليم الكبار، باعتبار أن ذلك حجر الزاوية لتنفيذ أى خطة للتنمية. وهنا لعلى أذكر ان هناك تعاون كامل بين وزارة التربية والتعليم ومعهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة بهامبورج (ألمانيا) والمتخصص فى مجالات محو الأمية والتعليم غير النظامي وتعلم الكبار والتعلم مدى الحياة. 
كل هذه الصور من التعاون فى مجال التعليم لها دلالات منها ان المسئولين باليونسكو مقدرين الجهود التى تبذلها مصر للارتقاء بمنظومة التعليم، وان اليونسكو مستعدة لتقديم كافة صور الاستثمار الفنى والمالى لدعم هذا المشروع الوطنى الضخم فى ضوء حالة الاستقرار السياسى التى تشهدها البلاد حاليا.
 
 
وما الذى يمكن لليونسكو ان تقدمه لدعم مشروعات الشباب؟
طبقا لإحصائيات اليونسكو يشكل الشباب بوجه عام أكثر من نصف تعداد العالم وبالتالى فهناك أهمية كبيرة للتعامل مع هذا الموضع خاصة فى ضوء انتشار وسائل الاتصال الحديثه واعتماد الشباب فى تواصلهم على مستوى العالم على شبكات التواصل الاجتماعى وزيادة عدد مستخدمى الانترنيت. ولهذا السبب سوف ينظم اليونسكو مؤتمر دولى على مستوى الخبراء لمواجهة ظاهرة العنف عن طريق استخدام الانترنيت. وهذا يتفق تماما مع التوجه والمبادرة التى أطلقها الرئيس السيسى منذ فترة وتابعها العالم. ولهذا سوف تشارك مصر كأحد الرعاه لهذا المؤتمر بوفد من الخبراء الفنيين بهدف التوصل الى توصيات يمكن تبنيها من خلال وثيقة دولية مستقبلا للحد من مخاطر استخدام الانترنيت بالنسبه للشباب.
 
 
اما بالنسبه للدور الذى يمكن ان يلعبه الشباب المصرى فى تحقيق أفضل معدلات التنمية ورغبة من اليونسكو فى تعزيز دور الشباب لرفع الوعى العام والاعتماد عليهم لمواجهة بعض الظواهر المجتمعية السلبية فقد قررت اليونسكو دعم مبادرة جامعة القاهرة لمكافحة التحرش. وقد أثنى المسئولين باليونسكو على هذه المبادرة واعتبروها مشروع رائد يمكن ان يطبق فى الجامعات المصرية الأخرى وكذلك على المستوى الاقليمى. وعليه فقد قمنا بتنظيم ورشة عمل دعى اليها عدد من أساتذة جامعة القاهرة للمشاركة فيها نهاية شهر مايو بحضور عدد من الخبراء لعرض تجارب الدول الأخرى الناجحه بغية مساعدتنا فى تنفيذ هذا المشروع الهام.
 
  
من المعروف ان اليونسكو معنية بموضوعات المياه العذبه ... فكيف لمصر ان تستفيد من هذه البرامج؟
مصر عضو فاعل فى اللجنة الدولية للهيدرولوجى باليونسكو كما ان مصر عضو بمكتب اللجنة ممثلة للمجموعة العربية. ودور اليونسكو فى دعم برامج المياه يقتصر على التعاون الفنى بهدف تحسين سبل استخدام الموارد المائية للدول وتحقيق التعاون بين الدول المشاركة فى الانهار الدولية. وعلى مستوى نهر النيل فقد نجحنا فى تنظيم إجتماعين العام الماضى لتعزيز التعاون الفنى والعلمى بين الخبراء من دول حوض النيل. وتعتبر هذه الخطوة مهمة جدا خاصة بعد النجاح الذى تحقق مؤخرا بين دول الحوض الشرقى للنيل حيث يمكن ان يساعد التعاون العلمى فى تقريب وجهات النظر وتذليل كثير من العقبات.
 
 
وفى إطار تعزيز دور المراكز العلمية والبحثية التابعة لوزارة الموارد المائية والرى وان يكون لها نشاط اقليمى خاصة لتقديم الدعم الفنى لدول حوض النيل فقد نجحنا الشهر الماضى فى استصدار قرار بالإجماع عن المجلس التنفيذى للمنظمة بوضع المركز الاقليمى للتدريب والدراسات فى مجال المياه فى المناطق القاحله وشبه القاحله تحت مظلة اليونسكو ليكون أحد مراكزها من الفئة الثانيه. وعليه سيكون هذا المركز وسيله اقليميه لتحقيق الأهداف والأولويات الاستراتيجيه الخاصه باليونسكو وببرنامجها الهيدرولوجى الدولى، ولاسيما فيما يتعلق بتعزيز إسداء المشوره بشأن السياسات وبناء القدرات فى الدول العربية والمنطقة الأفريقية وتوطيد التعاون فيما بين بلدان الجنوب. كما سيتم ربط هذا المركز بجميع المعاهد والمراكز المماثلة التى تعمل تحت رعاية اليونسكو، وذلك بغية دعم التأثير والأهمية المتزايدين للتعاون الذى تقيمه شبكة ومراكز معاهد الفئة الثانيه لليونسكو على الأصعده المختلفة سواء الإقليمية او العالمية.
 
 
ونسعى حاليا لوضع المعامل المركزية للرصد البيئي بالقناطر ليكون أيضا مركزا من الفئة الثانية تحت مظلة اليونسكو، وقمنا بالفعل بإتخاذ جميع الترتيبات لعرض الموضوع على الدوره القادمة للمجلس التنفيذى فى أكتوبر من هذا العام.
 
 
سياسة مصر الخارجية تولى أهمية خاصة لأفريقيا واليونسكو يعتبر أفريقيا من أهم أولوياته أيضا ... فما هو الدور الذى يمكن أن تساهم به مصر بالنسبة لأفريقيا؟
اتفق معك تماما فى أهمية دور مصر لدعم الدول الأفريقية لتحقيق خططها التنموية ولعل خير دليل على ذلك ان الزيارة الأولى للرئيس السيسى للخارج بعد توليه الحكم مباشرة كانت للمشاركة فى اجتماع القادة الافارقه فى غينيا الاستوائية. ويتفق التوجه المصرى فى ذلك مع ما توليه اليونسكو من أهمية خاصة لقضايا القارة الأفريقية وتعتبرها على رأس أولويتها. وهنا يمكن ان نؤسس مجال للتعاون بين مصر واليونسكو لتحقيق هذا الهدف المشترك. وحيث أن مصر لديها صندوق خاص للتعاون الأفريقى يعمل تحت إشراف وزارة الخارجية فأعتقد أن اليونسكو يمكن ان يستفيد من خبرات مصر فى هذا المجال كما يمكن للمنظمة الدولية الاعتماد على الخبراء المصريين فى المجالات المختلفة لتنفيذ برامج المنظمة فى أفريقيا. كما يمكن من وجهة نظرى ان تستفيد اليونسكو من موقعنا الجغرافى وما لدينا من رصيد علمى ضخم لتكون مصر أداة للربط بين دول القاره الأفريقية، وان يوجه جزء من أموال المانحيين الموجهة لأفريقيا لدعم برامج البحث العلمى من خلال الجامعات المصرية وأن يتم على هذا الأساس تقديم منح للطلاب الأفارقة للدراسة بالجامعات المصرية. فعلى سبيل المثال طرحنا فى اجتماع التعليم السنة الماضية باليابان هذا النموذج للتعاون بحيث توجه اليابان جزء من مساعداتها المالية لأفريقيا الى الجامعة اليابانية فى مصر وان يتم ابتعاث الطلاب الأفارقة للدراسة بها. وعليه يمكن ان تتحقق عدة فوائد أهمها ربط الطلاب الأفارقة بمصر بما يساعد فى دعم أواصر العلاقات المصرية الأفريقية. ولاشك ان ذلك سيكون خطوة متميزة لتحقيق الاندماج الثقافى والعلمى بين دول القارة برعاية مصرية.   
 
 
وما هو دور اليونسكو فى تعزيز استخدام اللغة العربية؟
اللغة العربية هى أحد اللغات الرسمية للأمم المتحدة ولليونسكو، كما تعد اللغات بوجه عام المفتاح الذى يمكنا من فهم ثقافة الأخر. وهناك توجه واضح من اليونسكو بضرورة العمل على الحفاظ على اللغات المختلفة فى إطار ضمان التعددية والتنوع الثقافى. وتأتى اللغة العربية من ضمن اللغات التى تسعى المنظمة للحفاظ عليها ولذلك تم تخصيص يوم 18 ديسمبر من كل عام ليكون يوما عالميا للغة العربية. وتحرص المجموعة العربية باليونسكو على إقامة احتفالية خاصة ى هذا اليوم لنشر الثقافة العربية والأدب العربى والموسيقى العربية داخل المنظمة. وبالطبع فهناك العديد من البرامج التى يمكن ان تقوم بها المنظمة للحفاظ على هذه اللغة الثرية. كما أن هناك مجال للتعاون بين مصر واليونسكو حيث يمكن الاستفادة من جهود المركز القومى للترجمة التابع لوزارة الثقافة. وقد حرصت على زيارة هذا المركز وفوجئت بعدد الكتب العلمية والأدبية المترجمة من لغات أجنبية الى اللغة العربية، الا اننى أرى ضرورة ان يمتد نشاط هذا المركز لترجمة روائع الأدب العربى الى اللغات الأخرى اسهاما منه فى نشر الفكر والثقافة العربية وان نعطى صورة صحيحة لفكرنا ولعلمائنا تعكس كنوز حضارتنا. فعلى سبيل المثال نحتفل هذا العام بالسنة الدولية للضوء وتم تنظيم فاعليات باليونسكو وكان الشخصية المحورية هو العالم العربى أبن الهيثم. وقد كان لهذا الحدث الدولى الهام بالغ الأثر فى الترويج للعلماء العرب الذى قادوا حركة التنوير فى المراحل التاريخية المختلفة. ومن هنا تأتى أهمية ان يلعب المركز المذكور دور كبير فى الحركة الثقافية الدولية والترويج لعلماء العرب.

 



ومن ناحية أخرى فقد أطلق اليونسكو مشروعا هاما الأسبوع الماضى حيث شارك عدد من الخبراء العرب للتباحث حول كيفية توفير القدره للبلدان والمجتمعات الناطقة بالعربية للتعامل مع شبكة الأنترنيت. كما ناقش الخبراء القضايا المتعلقة بإدارة الإنترنت ومن بينها تقديم المنهجية المناسبة لتطوير المعاجم التى تساعد على استخدام اللغة العربية على شبكة الانترنيت؛ والعمل على تحقيق الاستفادة للبلدان الناطقة باللغة العربية لاستخدام معاجم المصطلحات لإدارة الإنترنت. وأعتقد ان هذا المشروع يحتاج الى رعاية خاصة من منظمة الأليسكو لتكون شريك رئيسى لليونسكو فى ضمان استمرار هذا المشروع وتحقيق النتائج المرجوه منه. 

 
تحتل مصر من خلال سفيرها باليونسكو موقعا قياديا بعد انتخابك رئيسا للمجلس التنفيذى لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) ... كيف يمكن أن نلخص هذه التجربة وكيف وصلت لهذا المنصب؟
لقد بدأت عملى كسفير لمصر باليونسكو فى فترة تعد من الفترات بالغة الحساسية بل أعتبرها مرحلة مفصلية فى تاريخ مصر الحديث. فقد كان تكليفى بالعمل ممثلا دبلوماسيا لدولة كبيرة مثل مصر فى هذه الفترة هو تكريم وشرف كبير، إلا أنه كان يحمل فى طياته مهمة شاقة وتحد كبير. فمنذ يوم تكليفى بتمثيل بلدى وأنا اسعى بشكل متواصل لتقديم أقصى ما يمكن كى أساهم ولو بجزء بسيط فى تحقيق طموح هذا الشعب العظيم الذى قرر أن يبدأ عهد جديد لرسم مستقبل أفضل لابنائه. ولا أنكر أنها كانت بداية صعبة فقد جاء استلام عملى كسفير فى هذه المنظمة الدولية المعنية بحماية التراث العالمى بعد عدة أسابيع من حرق المجمع العلمى، وهو ما أصاب الجميع بالمنظمة بالحزن والقلق الشديد على ما فقدته البشرية من تراث كبير كان موجود بهذا الصرح العلمى والثقافى الكبير. كما أننى كنت أول سفير لمصر باليونسكو بعد غياب لممثل مصر على هذا المنصب منذ عام 2009 وحتى تاريخ استلامى للعمل فى أبريل 2012. وقد كان هذا الوضع مستغربا وأثار تساؤلات كثيره عن دلالته ومعناه خاصة انه جاء فى أعقاب حرص مصر على تولى قيادة المنظمة عام 2009 ولم نوفق فى الوصول الى ذلك، كما انه لا يتناسب مع ثقل مصر بالمنظمة. وعليه جاء تعيينى في بداية عام 2012 حاملا رسالة صريحه بأن مصر عادت لتحتل مكانها الطبيعى بالمنظمة، حتى ان المديره العامه للمنظمة قالت لى عند تقديم أوراق اعتمادى لها "لقد انتظرناك طويلا".
 
 
ما هي أهم المشاكل التي واجهتك عقب تعيينك سفيرًا لمصر في اليونسكو؟
كان أول اختبار لى بعد استلامى عملى هو خوض انتخابات عضوية لجنة التراث غير المادى بعد أسابيع من وصولى لليونسكو. وما أثار دهشتى أنه على الرغم من أن مصر هى دوله طرف فى اتفاقية حماية التراث غير المادى منذ عام 2003، الا اننا لم نحصل على عضوية هذه اللجنة حتى عام 2012. وعليه أنشغلت منذ اليوم الأول فى الترويج لترشيحنا للفوز بمقعد فى هذه اللجنة، وتحقق لنا الفوز بأعلى الأصوات على الاطلاق حيث حصلنا على 100 صوت بينما كانت أول دولة عربية تالية لنا فى عدد الأصوات هى تونس حيث حصلت على 74 صوت. وقد كان ذلك بداية مشجعة للغاية على المستوى الشخصى، الا انها كانت تحمل أيضا رسالة من الدول الأعضاء بالمنظمة فى رغبتهم لمساندة مصر كى تحتل مكانها الطبيعى بالمنظمة.
 
 
بعد ذلك كان أمامى تحد أكبر وهو خوض انتخابات المجلس التنفيذى للمنظمة التى كان مقرر لها ان تتم عام 2013، وعليه خصصت جزء من وقتى لبدء حملة ترويج أثبت من خلالها للدول الأعضاء أن مصر قادرة على أن تلعب الدور القيادى الذى استمرت عليه منذ تاريخ تأسيس المنظمة بما يؤهلها للاستمرار فى عضوية المجلس التنفيذى، وهو من أهم المواقع الهامة جدا داخل المنظمة.
 
 
كيف تحقق لمصر الفوز بعضوية المجلس التنفيذى لليونسكو فى أكتوبر 2013؟
هذا كان تحد من نوع أخر فى مسيرة عملى بالوفد، ولا أحتاج هنا أن أشرح الصعوبات والتحديات التى واجهتنا فى هذه المرحلة، والجميع على دراية كاملة بها. فقد تزامن وقت الترويج للترشبح فى مرحلته النهائية مع الأحداث التى أعقبت ثورة يونيو 2013، وكان علينا أن نشرح ونوضح الحقائق ونقدم الصورة الصحيحة التى حاول البعض تشويهها. وأذكر أننا ونحن نعمل على الترويج للترشيح لعضوية المجلس التنفيذى كان يصاحب ذلك مظاهرات ينظمها الموالين لجماعة الأخوان أمام مبنى اليونسكو للتأثير بشكل سلبى على صورة مصرومكانتها. ومع ذلك فقد خضنا الانتخابات فى هذه الأجواء الصعبه ولكن بتصميم على تحقيق أفضل النتائج، حيث كانت هى أول فرصه تخوض فيها مصر انتخابات دولية بعد ثورة يونيو 2013. وعلى الرغم من موقف الاتحاد الأفريقى من مصر ومواقف عدد من الدول الغربية كان القرار بالاستمرار والجهاد للفوز بالمقعد ولم يخطر ببالى فكرة التراجع أبدا لما لذلك من آثار سلبية ولا يليق بأسم مصر ان يحدث تراجع فى موقفها. والحمد لله تمت الانتخابات وفازت مصر بأعلى الأصوات بالنسبه للمقاعد المخصصة للمجموعة العربية بإجمالى 136 صوت متقدمه على الدولة العربية التالية علينا فى ذلك بثمان أصوات. وكانت هذه النتيجة بمثابة أول اعتراف دولى لنظام مصر الجديد بعد ثورة 30 يونيو. وبما ان الفوز فى المحافل الدولية له مذاق خاص فقد قررت بعد التشاور مع الجهات المعنية فى الدولة خوض الانتخابات الخاصة برئاسة المجلس التنفيذى للمنظمة.
 
 
وما الذى دار فى الكواليس الخاصة بانتخابات رئاسة المجلس التنفيذى وكيف فزت بها؟
دعينى أوضح لك ان خوض هذه الانتخابات كان تحد من نوع خاص ففى ظل الظروف التى تمر بها مصر يسعى سفيرها باليونسكو ان يرأس أهم جهاز حكومى داخل المنظمة، وهو المجلس التنفيذى. وكان لزاما علينا ان نستمر فى الترويج للترشيح وكانت هناك دولة عربية أخرى ترغب ان يحصل ممثلها فى المجلس على هذا المنصب. الا ان التحركات التى قمنا بها والنتيجة غير المسبوقة فى انتخابات عضوية المجلس كانت بمثابة مؤشر على أن الفرصة مواتيه للحصول على هذا المنصب. والفوز بهذا المنصب يعتمد على أسم الدولة ومؤهلات مرشحها باعتبار ان العنصر الشخصى له اعتبار فى حسم نتيجة هذه الانتخابات. وبعد ذلك أبلغنى سفير الدولة العربية الأخرى انسحابه من المنافسة على منصب رئاسة المجلس الانتحابات تاركا أياه لمصر وهو كان محل تقدير من جانبنا. وقد برر ذلك بأن مصر هى الأحق فى هذه المرحلة لتثبت للعالم انها قادرة على تولى المناصب القيادية بالمنظمات الدولية.
 
 
ومع ذلك جرت الانتخابات لأن المرشح يجب ان يحصل على 51% على الأقل للفوز بهذا المنصب والا ستتم اعادة الانتخابات بمرشحين أخرين إذا أخفقنا فى الحصول على هذه النسبه. وجاءت النتيجة هذه المرة فريدة من نوعها حيث صوتت 56 دولة عضو بالمجلس التنفيذى على ترشيحى وحصلت على 55 صوت مؤيد وصوت واحد معارض. وبهذه النتيجة أصبحت ثالث مصرى أشغل هذا المنصب القيادى بالمنظمة منذ تأسيسها حيث سبقنى فى ذلك الدكتور محمد عوض عام 1960 والدكتور شمس الدين الوكيل عام 1978 ليعتلى مصرى هذا المنصب مرة أخرى بعد غياب 35 عام. وما أسعدنى حقا هو ما حدث بعد اعلان النتيجه حيث حرص ممثل 36 ممثل دولة عضو بالمجلس على أخذ الكلمة ليعبر عن أهمية دور مصر بالمنظمة فى هذا الوقت الصعب الذى كنا نعيشه على مستوى العالم. 
       
 
وما الذى قمت به منذ انتخابك كرئيس للمجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو؟
هذه كانت مرحلة جديدة لأثبت خلالها قدرة المصرى والعربى على المساهمه بدوره فى إدارة المنظمة والعمل على ضمان تنفيذ برامجها وأنشطتها. فلقد جاء هذا الفوز لشخص عربى على رأس المجلس التنفيذى فى أعقاب ثلاث مرات متتالية لم يتمكن فيها العرب للأسف من الوصول إلى منصب مدير عام المنظمة. فقد أخفق كل من الدبلوماسى والشاعر المعروف غازى القصيبى وكذا د. إسماعيل سراج الدين فى الفوز بمنصب المدير العام سنة 1999، كما أخفق وزير الثقافة المصرى فاروق حسنى فى الفوز به عام 2009، وأخيرا أخفق كل من المرشح الجيبوتى والمرشح اللبنانى فى الفوز بالمنصب عام 2013. كان ذلك فى حد ذاته تحد جديد فكيف يمكن أن أثبت للدول الأعضاء قدرة العرب على تولى مركز قيادى داخل المنظمة، خاصة أن المجلس التنفيذى هو الجهاز المنوط به الدور الرقابى ودور المتابعة لأعمال مدير المنظمة مما يتطلب منه معرفة أدق تفاصيل العمل سواء من النواحى المالية أو الفنية للمنظمة والالمام بجميع برامجها.
 
 
كل ما تقدم كان دافع لى بضرورة الامساك بزمام الأمور بما يضمن قيامى بالدور المعهود إلى بالكفاءة اللازمة، علاوة على ضرورة تقديم شئ مبتكر يناسب طبيعة التحديات التى يعيشها العالم ويزيد من دور المنظمة دوليا. وعليه فقد قمت ولازلت أقوم بمهمتى فى قيادة المجلس للقيام بدوره الرقابى والتنفيذى، حيث اجتمعنا فى ثلاث دورات منذ تاريخ انتخابى وحتى الان وانتهوا جميعا بنجاح كبير. ومع ذلك فقررت الا يقتصر دورى عند هذا الحد حيث لاحظت أننا نعمل بالمنظمة داخل كبسوله مغلقة منعزلة عن العالم الخارجى، ولذلك رأيت منذ بداية عملى كرئيس للمجلس التنفيذى ان يكوت المجلس فى الفترات البينية لدورات انعقاده بمثابة محفل فكرى وثقافى يدعى إليه كبار العلماء ورؤساء المنظمات الدولية الأخرى. ووضعت برنامج متكامل وحققنا حتى الان نسبه كبيرة منه. واتسمت مناقاشتنا خلال هذه اللقاءت الفكرية بالنظرة المستقبلية وشارك العلماء من جميع أنحاء العالم بتقديم رؤيتهم عن الدور المستقبلى للمنظمة فى فترة ما بعد 2015، خاصة أن الامم المتحدة تستعد لتبنى أجندة التنمية المستدامة فى الخريف القادم. كما حرصت على دعوة عدد من رؤساء المنظمات والاتحادات الدولية مثل رئيس الاتحاد الدولى للطاقة والسكرتيرة العامة للمنظمة الفرنكفونية وسكرتير عام منظمة الكومنولث لفتح آفاق تعاون جديدة بين هذه المنظمات والهيئات واليونسكو لتحقيق أهدافنا المشتركة.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز