الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

فى قنا: حياة المجاذيب فى خطر .... ومخاوف من انتشار تجارة الأعضاء البشرية

فى قنا: حياة المجاذيب
فى قنا: حياة المجاذيب فى خطر .... ومخاوف من انتشار تجارة الأ
قنا - حسن الكومى

- "المجاذيب " أهملتهم الحكومة فسقطوا فريسة فى أيدى تجار الأعضاء البشرية وأصبحوا قطع غيار للاغنياء
- ليس لهم مأوى ولا صديق سوى الشارع وبعضهم ينحدر من عائلات كبيرة فشلت فى علاجهم
- الدين يحرم تجارة الأعضاء ويجيز التبرع بها اذا دعت الحاجة وطالما ليس هناك ضرر على المتبرع
- رئيس علم اجتماع الجريمة يطالب برعيتهم وتوفير دور ايوا ومتخصصن لعلاجهم
- مصدر بالصحة : لا يوجد حصر لاعداد المجاذيب وليس هناك مستشفى لعلاجهم
- التضامن : يندرجون تحت قانون التضامن الأجتماعى رقم 37 ويمثلون 10%من سكان مصر

 

على أرصفة الطرقات ، وتحت ظل الأشجار ،أمام المساجد وفى ساحات الأضرحة الصوفية طائفة من الناس الذين ليس لهم مأوى ولا صديق سوى الشارع تجدهم فى ثيابا رثة وشعر أشعث يتسكعون فى الطرقات ويفترشونها يحصلون على طعامهم من التسول ومن  خلال المناسبات العامة والخاصة عندما تقترب منهم يتمتمون بعبارات والفاظ قد لا تفهمها ولكن ملامح وجوههم تحكى الكثير ونظرات عيونهم تخبء المثير، لا ضررمنهم ولا ضرار ، بعضهم ينحدر من عائلات كبيرة فشلت فى علاجهم بعدما اصيبوا بأمراض عقلية استعصى على الأطباء علاجها، ولم يكن أمام زويهم سوى حبسهم  داخل المنزل حتى الموت، أو تركهم هائمون فى الشوارع حتى لا يعكروا صفوا حياتهم بسبب سلوكهم الغير سوى انهم " المجاذيب " او الهبل او العبط " كما يطلق عليهم البعض واذا أردت أن تختصرفقل " المهمشون فى الأرض" قليل جداً من يعرفهم ويهتم بهم فلا أحد يعرف من أين اتوا والى أين ذاهبين ؟ تجدهم ليلاً  نهاراً  شتاء وصيفاً حتى اصبحوا سمة شوارع بعينها ،ودمية فى أيدى الأطفال فى كثير من الوقت يرشقونهم بالحجارة ويسيرون خلفهم يرددون " العبيط أهه"أو " المجنون اهه" حتى سقطوا فريسة سهلة، وسلعة رخيصة فى أيدى اناس تحالفوا مع الشيطان فنزعت من قلوبهم الرحمة وماتت ضمائرهم  فاستباحوا دمائهم  وسرقوا أعضائهم ، وباتت حياة هؤلاء الناس فى خطر بعدما فجرت المواقع الإلكترونية ،وصفحات التواصل الأجتماعى  واقعة العثور  على جثة واحداً من أشهر المجاذيب بمحافظة قنا جنوب الصعيد ، منهوبة الأعضاء البشرية الأمر الذى أصاب الشارع القنائى بحالة من الخوف "بوابة روزاليوسف " اقتربت من هذه الفئة  لتكشف النقاب عن حياة المغيبون فى الأرض "المجاذيب"


البداية كانت من ساحة مسجد القطب الصوفى مسجد سيدى عبد الرحيم القنائى ، حيث كان لنا لقاء مع الشيخ على ناصف امام مسجد بمحافظة سوهاج ومحب لاال البيت صاح قائلا " المجذوب شخصا متيم بحب ال البيت جذبه الله اليه" وليس هولاء الناس الحفاة العراة الذين يتسولون فى الطرقات فهم مجانين هبل مكانهم "الخانكة "مطالبا بضرورة تطهير الساحات والطرقات منهم


وبالتجول بساحات الطرق الصوفية وبالقرب من ساحة الطريقة "التيجانية " حاولنا الأقتراب من هؤلاء الأشخاص وكان أحدهم جالس على الرصيف فى ثياب مقطعة يتلفظ بعبارات معقدة وإذا بشخص فى العقد الرابع من العمر ينادى قائلا " مالك بيهم يا استاذ دول ناس على الله  اتركهم وحال سبيلهم وخلى بالك دول واصلين قوى مع ربنا وممكن يؤذوك" وعلى الفور توجهت اليه وواصلت معه الحديث بعد ان عرفته باننى "صحفى " فقال والله يا استاذ كل واحد منهم ليه حكاية، لا يعلمها الا الله ولكن هم يتجمعون بساحة مسجد القنائى لتحميهم من غدر الشارع وحتى يجدو من يعطف عليهم بالطعام من زوار المكان .


واستطرد قائلاً انه كان له بن عم يدعى "حازم" أصيب بمرض خلال فترة تأديته الخدمة العسكرية ووالده كانت حالته المادية بسيطة تعب من كثرة الذهاب للاطباء والمشايخ الذين فشلوا فى علاجه فقرر حبسه فى المنزل وبعد فترة تمكن من الخروج خارج المنزل واختفى وبعد عام عرفنا مكانه ورجعناه وكان بيختفى فترة ويرجع ولكن اختفى منذ فترة كبيرة ولا احد يعلم عنه شىء وهناك من يقول  انه مات فى حادث سيارة منهياً حديثه قائلا "ربنا يتولانا برحمته "
 
وبالتنقل فى شوارع مدينة قنا ، كان خبر العثور على جثة المجذوب "حمدى طه "  منهوشة الأعضاء البشرية باحدى الزراعات يتردد وبقوة على ألسنة الناس ،وأكد لنا محمود صلاح معلم أن هناك حالة من الرعب والخوف تسيطر على الناس فى ظل تضارب الأخبار فهناك من يقول ان الخبرصحيح وان هناك مافيا لتجارة الأعضاء البشرية بالفعل يتزعمها أطباء وهم من فعلوا ذالك فى الوقت الذى نفت فيه الأجهزة الأمنية تلك الأخبار مشيرا  الى انهم يشعرون بالخوف على أنفسهم وأبنائهم فى ظل الشائعات والأخبار الغير مؤكدة المنتشر فى البلد والتى تزداد يوما بعد يوم مطالبا الأجهزة الأمنية بضرورة الأفصاح عن أبعاد هذه القضية وكشف حقيقتها .


الحال فى قرى محافظة قنا لم يختلف كثيرا فلا تكاد قرية تخلوا من "المجاذيب"  ولكن فى القرية يجدون من يحنو ويعطف عليهم على عكس المدينة ففى قرية دندرة قال لنا الشاب المثقف " محمد مصطفى" أحد أبناء القرية أن عائلات القرية الثرية أو الفقيرة تحب تلك الطائفة وتحنو عليها وتقدم لها الطعام والشراب المتاح حيث يعتبرونه ( بركة) سوف تحل على من يكرمه لانه انسان نقى صافى لا يحمل حقد ولا حسد ولا كره ولا غل وكل ما يتمناه من الحياة لقمة يأكلها وجلباب يلبسه وعندما يموت احد هؤلاء الناس المهابيل يحزن عليه الكثير من الناس من قلوبهم ويتأثرون به بالغ الأثر


وبسؤال الدكتور سيد عوض استاذ علم اجتماع الجريمة ورئيس قسم الاجتماع بجنوب الوادى ، عن تحليله لتلك الشخية  أكد أن غياب عقل تلك الفئة بسبب قصورعقلى او ازمة تعرضوا لها فى حياتهم  يجعلهم معرضين للعديد من المخاطر وأسوأ هذه المخاطر هو القتل والحصول على الأعضاء البشرية ومن المخاطر أيضا أن أمثال هؤلاء يفتقدون الإدراك السليم ولذا فقد يتعرضون لممارسات لا أخلاقية بحكم أن الشارع المصرى فى تلك الفترة يحوى العديد من الهاربين من السجون المصرية بعد ثورة يناير2011ولذا يجب  على الدولة  أن تولى رعايتها لتلك الفئة وتضعهم تحت رعاية متخصصين .


وتشير الباحثة الأجتماعية خديجة فيصل مهدى أن "المجاذيب " من الفئات المهمشة فى المجتمع المعرضة للخطر فهم فاقدين للعقل والرعاية الأمر الذى  يجعلهم عرضة للابتزاز والعنف والعديد من الأمراض والحوادث كضحايا لمافيا سرقة الأعضاء البشرية وقطع غيار في أجساد الأغنياء  لذلك هم يشكلون خطرا على أنفسهم و على غيرهم و من هنا لا بد من تكاتف جميع أجهزة الدولة في إنشاء مراكز رعاية متخصصة لهم توفر علاجا شاملا متعدد الأبعاد تبدأ بالوقاية الصحية وصولا إلى إعادة التأهيل والاندماج وسط أفراد المجتمع ، بحيث تهيئ لهم سبل الحياة الكريمة.
 
 
ويؤكد بركات الضمرانى مدير مركز حماية لحوق الأنسان بالصعيد  انه يوجدعدد كبير لم يتم احصاؤه من اى من المهتمين بتلك الشريحة من المتخلفين عقليا الذين  تمتلىء بهم الشوارع ومنهم من نطلق عليه مصطلح معتوه وهم جميعاصحبة ظروف طارئه المت بهم دون ان يكون لهم اى ذنب بهاوللأسف تلك الشريحة  لم تجد ادنى اهتمام من الدولة، اوالمؤسسات حتى اصبحوغيرمرغوب بهم اجتماعياً، وهناك من يبتعدعن اماكن وجودهم لذالابدمن نظرة انسانية من الدولة، والمجتمع بكل طوائفه وفئاته لتلك الشريحة امابتوفير اماكن للعلاج اودور لرعايتهم  ،وتوفيرالأمن والأمان لهم قبل ان يقعوا فريسة لتجارالأعضاء ،الذين لايشعرون باى حرمة لادمية الأنسان وظروفه التى ادت به الى هذه الحالة .


كما  يجب على الدولة ان تجرم وتغلظ العقوبات فى تلك الحالات ، وخاصه فاقدى الأهلية يجب ان ترعاهم الدولة بكل مؤسساتها وتتحمل مسؤليتهاتجاههم لانهم مصريون.
 
ويشير  الضمرانى انه يجب ان يكون هناك  دور كبير لرجال الأعمال  ،وأهل الخيرالذين تمتلىء بهم مصرولها دين كبيرعليهم فعليهم ان ينظروا ،نظرة انسانية لهؤلاءالذين لاذنب لهم فيماوصلوا اليه ، واصبحوغيرمرغوب بهم فهم فى المقام الأول مواطنون مصريون  ،ولهم كامل الحقوق ،وعليهم تحمل مسؤلياتهم الأنسانية والأجتماعية تجاه هؤلاء.
 
ويوضح الشيخ عبدالحميد احمد امام مسجد ناصر بقنا وعضو نقابة الأمة والدعاء، أن  المجذوب انسان لا حول له و لاقوة  ،ويجب على المجتمع أن لا يعتقعد فيه غير انه انسان يحتاج للرعاية ،ولا يجوز اهانته او الأساءة اليه .


وعن حرمة تجارة الأعضاء البشرية أكد عبد الحميد انه لا يجوز للانسان بيع أعضاء جسده لانه ملكا لله وليس محلا للبيع  .


وأشار عبد الحميد ان الكثير من أهل العلم اجاز التبرع بالأعضاء إذا دعت الحاجة إلى ذلك بشرط الا يكون هناك خطر على صحة المتبرع وان يكون غرض المتبرع تفريج الكرب عن أخيه المسلم.


ودعى عبد الحميد أبناء محافظة قنا ،وكافة اطياف المجتمع أن ينتبهوا لمثل هؤلاء الذين يتاجرون بأعضاء الناس مناشدا بضرورة تبليغ الجهات المعنية فى حالة ثبوت تورط اى شخص فى مثل هذه الأفعال وكشف أمره أمام الرأى العام.


وفى نفس السياق كشف مصدر بصحة قنا ، أنه لا يوجد حصر لاعداد هؤلاء المجاذيب بشوارع المحافظة وليس هناك اى نوع من أنواع الرعاية كما انه لاتوجد مستشفيات لعلاج مثل هذه الحالات .
 
من جانبه قال حسين السيد وكيل وزارة التضامن الأجتماعى بقنا ،أن تلك الفئة تندرج تحت قانون التضامن الأجتماعى رقم 37والذى يندرج تحته كل ذوى الأحتياجات الخاصة وكافة اشكال الإعاقة والذين يمثلون 10%من جملة سكان مصر .


وأشار حسين انهم يتمتعون بكافة الحقوق ولكن ذالك من خلال المنافذ المشروعة وهى وحدات التضامن الأجتماعى المنتشرة بقرى المحافظة فعلى من يتولى أمر أى شخص معاقا  ذهنيا أو اى شكل من أشكال الأعاقة يتوجه الى اقرب وحدة اجتماعية لتسجيل بياناته حتى يتثى له الحصول على الرعاية متمثله فى مبلغ مالى قدره 323جنيه للفرد بالاضافة  الى منحة حالة ملحة يحصل عليها مرة واحدة فى السنة  ومساعدات عينية  ، ولكن الثقافة الصعيدية والتى ترى ان هذا شىء من العار والخجل  تقف حاجز أمام هؤلاء فى الحصول على حقوقهم .
وأوضح حسين أنه عند طرح  الوزارة برنامج" تكافل وكرامة والذى يساعد الأسر ذات الدخل القليل  ظن أن الناس سيصطفون طوابير أمام  الوحدات الأجتماعية ولكن للاسف البرنامج بدء منذ شهرين فى 33وحدة اجتماعية ببعض مراكز المحافظة ولم يسجل سوى 20الف اسرة خلال الشهرين


وعن توفير دور ايواء لتلك الفئة تحميهم من الشوارع  قال حسين انه لا يوجد بالمحافظة ولكن يوجد بالعاصمة القاهرة


ووجه حسين نداء لمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية بالتعاون معا من أجل توفير أماكن لايواء هذه الحالات من الشوارع وحمايتهم

كماناشد جامعة جنوب الوادى ومعاهد الخدمة الأجتماعية ووسائل الأعلام بأن تقوم بدورها فى التوعية وكيفية التعامل مع مثل تلك الحالات وكيفية

 

تم نسخ الرابط