
"محمود قابيل" بطل حرب الاستنزاف ورجل السلام الذي سافر لإسرائيل

كتب - أمل عبد المجيد
كانت كلمات والده تعلق بذهنه دائماً عندما علم برغبته بأن يصبح ضابطاً بالجيش ( لوتحب الانضمام للجيش من أجل الدفاع والموت في سبيل بلدك فلا مانع من الانضمام له ، لكن لو كنت تريد شيئاً أخر فلا ).
الفنان "محمود قابيل" صاحب الشخصيته الهادئة وكأنه في تحد صامت مع نفسه لا ينتهي، ذلك العائد للفن جاء حاملا رسالة فنية وهي أن الاعمال الدرامية لابد أن تحمل مشاعر جميلة ومواقف نبيلة بعيداَ عن تجارة المخدرات والمؤمرات والخيانة والعنف.
الا أن أرتباطه بالحياة العسكرية قد أكسبه صفات جادة وأخلاق الفرسان ولم يكن ذلك الارتباط وليد الصدفة بل أنه كان حلماً يراوده منذ طفولته وكان بكاءه في نصر أكتوبروالعبـور فرحــــاً و حزناً في أن واحد ، فرحاُ بالانتصار العظيم وحزناً لانه كان يتمني ان يشارك بحرب أكتوبر وكانت أصابته بالعمليات الحربية خلال حرب الاستنزاف حائلاً دون ذلك.
ولد "محمود قابيل "بالقاهرة في 8 ديسمبر عام 1946 لكنه نشأ وتربي بالاسكندرية و كان ترتيبه الثالث بين أخوته ،تخرج من مدارس الليسيه ،كان والده يعمل مديراً لضرائب الاسكندرية الي جانب اهتمامه بالسياسة وأنتمائه لحزب الوفد الا أنه فضل الابتعاد عن السياسة بعد ثورة 23 يوليو نتيجة للخلاف بين الاحزاب ورجال الثورة واستقال من عمله بالحكومة وأتجه للعمل الحر .
فقد محمود قابيل والده وهو صغير لم يتعدي عمره 12 عاماً ،واتجه اخيه الاكبر للعمل بالمجال الاقتصادي والاخ الاصغر اتجه لمجال الاستيراد والتصدير .
لكن محمود قابيل كان مصراً علي تحقيق حلم طفولته بأن يلتحق بالكلية الحربية ، بالرغم من رفض والدته لذلك لانها كانت ضد الثورة وتعتقد أنها سبباً في وفاة والده حزناً.
وبالفعل ألتحق قابيل بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1964 وشارك في حرب 1967 في وحدات أستطلاع خلف خطوط العدو . وكان ضمن مجموعة شاركت في جمع المعلومات التي بني عليها خطة تحطيم خط بارليف .
كما شارك في حرب الاستنزاف وأصيب ثلاث مرات أثناء العمليات الحربية إلا أن أصابته منعته من المشاركة في حرب السادس من أكتوبر. مما أستدعي نقله إلى عمل إدارى بالمؤسسة العسكرية ، لكنه رفض ذلك وقرر الاستقالة من الجيش ،كان تأثره بالحياة العسكرية سبباً في صعوبة تأقلمه مع الحياة المدنية .
وكانت تجربته الاولي أمام الكاميرا وهو لايزال ضابطاً بالجيش من خلال فيلم تسجيلي تحت عنوان " الطريق الي النصر " للمخرج سعيد مرزوق 1975 وفي نفس العام تعرف علي المخرج رمسيس مرزوق الذي تبناه فنياً لكنه توفي 1977 وكان فقده مؤلماً لمحمود قابيل .
قام بتمثيل العديد من الادوار في السينما آنذاك كان أخرها دوره في فيلم "الملاعين "1979 ، وفي تلك الاثناء كان يعمل مديراً لأحدي الشركات السياحية .
لكنه أبتعد فجأة عن التمثيل بشكل مفاجئ بعد "معاهدة كامب دافيد "وذكر في أحد الاحاديث الصحفية أنه تم وضعه في "القائمة السوداء " بجامعة الدول العربية ، وذلك بسبب سفره لإسرائيل وقد برر موقفه هذا بأنه كان يعمل في تلك الفترة مستشاراً لشركة سياحية مصرية وكانت المناسبة التي سافر فيها هي أفتتاح أول خط طيران بين تل أبيب والقاهرة .
وبرر موقفه هذا بأنه مؤمن بالسلام وحق الشعب الفلسطيني في العودة للقدس بالاضافة الي حبه الشديد للرئيس السادات ومبادرته للسلام مع أسرائيل .
وبسبب تلك الزيارة قطعت الدول العربية أي تعاملات فنية مع "محمود قابيل"، ولم يستطع الصمود طويلا أمام ذلك التيار الذي يحاربه في فنه وترك مصر وسافر الي أميركا 1981 وعمل مع أخيه في المجال الزراعي . وهناك تزوج من أم ولديه ( أبراهيم وأحمد )وهناك درس الزراعة وإدارة الاعمال .
وبعد مرور 12 عاماً بأميركا فوجئ بمكالمة تليفونية من المخرجة "إيناس الدغيدي " تخبره فيها بضرورة العودة لمصر لانه لم تعد هناك أية مقاطعة له .
عاد محمود قابيل للفن بعد أنقطاع دام 14 عاماً وكان أول ظهور له بعد العودة بفيلم " لحم رخيص" للمخرجة إيناس الدغيدي 1995 .
وحازت أدواره علي أستحسان الجمهور . وكانت له بصمة كبيرة علي الدراما الرومانسية وأصبح له قاعدة جماهيرية كبيرة في فترة قصيرة .
كما أنه تولي منصب سفير للنوايا الحسنة بمنطقة الشرق الاوسط عام 2003 وكانت له مجهودات في رعاية الطفل ودعم حملات مكافحة الامراض ومناهضة منع الفتيات من التعليم .
رغم قلة أعماله في هذة الأونة الا أن ظهوره يعني الرومانسية الهادئة بالرغم من أكتساب شعره اللون الابيض وظهور علامات السن علية، نجد ادائه يحمل طابع فني مميز قلما نجده في الدراما المصرية .