عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

ياسمين سعيد تكتب : السمان والخريف مرثية للثوريين المنهزمين

ياسمين سعيد تكتب : السمان والخريف مرثية للثوريين المنهزمين
ياسمين سعيد تكتب : السمان والخريف مرثية للثوريين المنهزمين

يهاجر طائر السمان مع مقدم الخريف من المناطق الباردة إلى المناطق الدافئة فيعبر بحارا ةمحيطات مواصلا الليل بالنهار لعدة أسابيع إلى أن يصل منهكا إلى شواطئ المتوسط حيث الدفء والطعام الوفير، لكن الصيادين المحترفين ينشرون شباكهم على الشاطىء ،وحين تقبل أسراب الطيور لا تكاد تبصر الشباك المنصوبة لها من شدة تعبها وحنينها للدفء،فتسقط فيقبضة الصيادين لتواجه الموت..



هذا هو مغزى عنوان قصة نجيب محفوظ "السمان والخريف"التي كتبها عام 1962 وقام بإخراجها للسينما حسام الدين مصطفى ..والقصة في حقيقتها رثاء حار لجيل من الثوار الفاسدين ؛فبطلها "عيسى الدباغ"محمود مرسي –وهو المعني برمز السمان في القصة وهو وفدي قديم ضحى بشبابه في سبيل الثورة ضد الاحتلال والفساد ودخل السجن مرات عديدة ،لكنه بعد صعوده مع حزبه الذي انتصر في الانتخابات يبدأ سلوكه في الانحراف ،يصبح مرتشيا ويحقق ثراء ملحوظا من استغلال نفوذه..لقد أصابه اليأس من قيام الثورة التي عمل من أجل قيامها ، وفي غمرة يأسه طاله الفساد مثلما طال كثيرا من القيادات والزعامات وفجأة تقوم الثورة التي أخذت على عاتقها أن تحقق الأهداف التي ناضل من أجلها عيسى الدباغ زمنا طويلا..

ولكنه وبدلا من أن يلتحق بالثورة وصفوفها يحال إلى لجنة تطهير تحقق معه وتدينه وتحيله إلى المعاش المبكر وهو في قمة عطائه ليضيع في زوايا النسيان، ويتابع والحسرة تنهشه قضايا بلده الذي يقود نضاله في الداخل ضد بقايا النظام القديم وفي الخارج ضد الاستعمار والآلات العسكرية.

ويسقط عيسى  في دوامة البحث عن طريق الخلاص..في العلم أم في الإيمان مثل كل أبطال نجيب محفوظ في تلك المرحلة ..في "اللص والكلاب" و"الشحاذ" و"القاهرة30" و"السراب".. فأبطال هذه المرحلة يبحثون عن خلاص أرواحهم في مواجهة متغيرات اجتماعية عنيفة في زمن ثورة قائمة أو على وشك أن تقوم.. إن عيسى الدباغ في الرواية يختار طريقا مغايرا يرمز له بذلك الشخص الغامض الذي يؤكد له أن المستقبل الحقيقي معه ..إنه الرسول القادم من اليسار من الاشتراكية التي كانت التي كانت تلوح من بعيد كحلم غامض فينضم إليه عيسى ويتبعه..

ومع الأسف فقد انزلق المخرج" حسام الدين مصطفى" برواية محفوظ التي تمثل مرثية للمناضلين القدامى الذين فقدوا الطريق الصحيح إلى سرد تفاصيل علاقة البطل عيسى(محمود مرسي) بفتاة الليل زيزي (نادية لطفي) وتحول الفيلم إلى نوع من الدفاع الحار عن فتاة لي فاضلة اختارت الطريق المستقيم بعد قيام الثورة التي وفرت لها سبل العيش الكريم فتفرغت لتربية ابنتها التي أنجبتها سفاحا من عيسى وقتما كان في عز مجده وقمة نفوذه وثرائه ..

تحول الفيلم للأسف إلى دفاع ساذج عن روح وبطولة فتاة ليل شجاعة تابت وأنابت وعادت لجادة الصواب ورفضت أن تمد يد العون لعيسى أثناء محنته وضياعه فقد عاملته مثلما عاملها حين قذف بها إلى الشارع وفي بطنها جنين منه ورفض أن يعترف بحملها منه وجاء الدور لترد له الصاع صاعين، وتتركه ضائعا هائما يمشي على طريق البحر الصاخب في مدينة الاسكندرية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز