الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

تركيا والسودان.. التقارب بأي ثمنٍ لحلفاء الإخوان

تركيا والسودان..
تركيا والسودان.. التقارب بأي ثمنٍ لحلفاء الإخوان
كتب - مصطفى سيف

كلما ازدادت عزلتهم، تجدهم يذهبون شرقًا وغربًا بحثًا عن حليف جديد، هكذا هم الإخوان وبالأخص في تركيا والسودان بعد التحالف الأخير بين أنقرة والخرطوم والتعاون العسكري بينهما.

 

تركيا تواجه أزمات سياسية وعلى رأسها القمع والتنكيل بالصحفيين، والقضاة، خاصة بعد الإنقلاب المزعوم ضد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ولا يُخفى أنّه زعيم الحزب الإخواني الحاكم في تركيا، حزب العدالة والتنمية.

 

الرئيس السوداني، أيضا، عمر البشير، يواجه أزمات اقتصادية وسياسية طاحنة بسبب إقرار الموازنة المالية لعام 2018، وهو ما انتقده البعض بسبب أنَّ ميزانية الدفاع والأمن القومي وحده تبتلع ثلاثة أرباع الميزانية، حيث إن الدفاع 23 مليارا، مقابل 5 مليارات للتعليم و2 مليار للصحة.

 

الصادق المهدي اعتبر أنَّ "البشير" يتعامل مع جزيرة "سواكن" على أنَّها "صفقة شخصية" بينه وبين "أردوغان" مطالبًا البشير بضرورة إعلان بنود القصة.

 

يبدو طريق الرئيس التركي محفوفًا بالمخاطر وينطوي على مغامرة بالغة قد تؤدي إلى خسائر كبيرة في العلاقة مع دول أخرى.

 

عَرَض الرئيس السوداني على نظيره التركي في منتدى الأعمال السوداني-التركي استثمار مليون فدان لزراعة القطن والحبوب الزيتية.

 

يرى بعض المراقبين أنَّ هذه الخطوة مغامرة كبيرة لأن رهان الخرطوم على حكومة أردوغان التي تتزايد عزلتها الدولية بسبب الأجندة الأيديولوجية قد تفقد الخرطوم بسببه الكثير من العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج التي مكنتها من تخفيف أزماتها في السنوات الماضية.

 

200 رجل أعمال رافقوا "أردوغان" خلال زيارة له إلى السودان؛ الأمر الذي كشف حجم التحوُّل في سياسة البلدين لمحاولة تخفيف عزلتهما ومتاعبهما الاقتصادية.

 

ويرى متابعون للشأن التركي أن أجندة الإسلام السياسية ودعم فروع جماعة الإخوان المسلمين هي التي تحرك سياسات أردوغان، الذي أفقد الاقتصاد الكثير من أسواق المنطقة بسبب تلك السياسات.

 

وعانى السودان لفترة طويلة من متاعب اقتصادية كبيرة بسبب التقلبات السياسية لحكومة الرئيس عمر البشير التي تغير تحالفاتها بين فترة وأخرى، وقد ازدادت متاعبها الاقتصادية قبل سنوات حين راهنت على التقارب الاقتصادي مع إيران.

 

وبحسب مراقبون تنم زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان وتونس وتشاد عن إستراتيجية تركية للتمدد السياسي من بوابة الدعم الاقتصادي.

 

يحلم الرئيس التركي بالعودة إلى أمجاد الخلافة العثمانية التي تسببت في إنهيار العالم الإسلامي، وامتلأت الفترة بكثير من المذابح والمجازر ضد السودان نفسها.

 

إطلال تركيا على البحر الأحمر من خلال جزيرة سواكن يمنحها فرصة ثمينة تبحث عنها وفشلت فيها من قبل؛ وهي محاولة تهديد الأمن القومي لمصر ودول الخليج العربي التي تكافح لكفّ يد إيران في اليمن.

 

بيد أن التركيز التركي على اتفاقيات ذات طابع عسكري وأمني على البحر الأحمر تكشف عن نوايا أنقرة في استهداف أمن الدول العربية المطلة على هذا البحر، وأنها لم تكتف بالحملات الدبلوماسية والإعلامية التشويهية لتمر إلى البحث عن وسائل لاستفزاز مصر والسعودية وبينها التمركز في السودان.

 

ويعتبر المراقبون أن زيارة الخرطوم وتونس ونجامينا تحمل دلالة واضحة على أن أنقرة تضع عينيها على ليبيا، وأنها تنتظر فرصة نجاح الحل السياسي فيها لتقفز إليها عبر الاستثمارات مستفيدة من دعمها لجماعات سياسية وقبلية وميليشيات إسلامية مسلحة في العاصمة ومصراتة ما يساعدها على دخول ليبيا من موقع قوة.

 

رئيسة المجلس المركزي لحركة مشروع تونس، وطفة بلعيد، اعتبرت في تصريحات صحفية أن الهدف التونسي من زيارة أردوغان هو إعادة التوازن للميزان التجاري في تونس لأن الواردات من تركيا كبيرة جدًا وأصبحت تؤثر سلبًا على المنتج التونسي وعلى عملية تسويقه.

 

قطر وتركيا يتحركان بالفعل في غرب أفريقيا خاصة بعد الاجتماع الأخير الذي عقده حزب "تواصل" الموريتاني الإخواني.

 

البعض عبّر عن مخاوفه من محاولة البلدين "تركيا وقطر" لإعادة تدوير ملف الإخوان غربًا وبعيدًا عن السعودية التي نجحت في تطويق أداء الجماعة في الشرق العربي.

 

تُعّد زيارة أمير قطر إلى دول غرب أفريقيا هي بمثابة تمهيد الطريق للنفوذ التركي الذي يحمي النظام القطري المُحاصر بعد إعلان دول عربية بارزة من بينها مصر والسعودية والإمارات قطع العلاقات معها بسبب دعمها الدائم للإرهاب.

 

تواجد المسؤول العسكري القطري في الخرطوم أثناء زيارة "أردوغان" للسودان كشف النوايا الحقيقية للثلاثة بلدان "تركيا وقطر والسودان" عمّا ينوون فعله في المستقبل تجاه تزايد عزلتهما الدولية.

 

وتجد تركيا التي تورّطت تحت حكم رجب طيّب أردوغان، في صراعات دامية وملفّات شائكة أثرت سلبا على علاقاتها الإقليمية والدولية، وانعكست بشكل واضح على وضعها الاقتصادي وحتى الأمني، في الأزمة القطرية، فرصة ثمينة لاحتواء الدوحة والاستفادة من ثروتها الهائلة المتأتية من عائدات الغاز الطبيعي.

 

وباتت قطر بفعل عزلتها عن محيطها الخليجي والعربي مدار صراع شرس بين تركيا وإيران الساعية بدورها للفوز بحصّة من الكعكة القطرية.

 

ووفّرت قطر لتركيا موطئ قدم في منطقة الخليج، ملّبية بذلك طموحات رجب طيّب أردوغان لتزعّم العالم الإسلامي وإحياء "أمجاد" من يسمّيهم "أجداده" العثمانيين.

 
تم نسخ الرابط