صراع أجنحة الإعلام الأمريكي بين مؤيد ومعارض لـ"النار والغضب" حول ترامب
كتب - مصطفى سيف
كتاب "النار والغضب.. ترامب داخل البيت الأبيض"، أثار ضجة سياسية، وعلى الرغم من أنَّ هناك انتقادات كثيرة للكتاب؛ إلا أنَّ البعض اعتبره كتابًا سياسيًا موثوقًا على الرغم من أنَّه لا يتعدى كونّه "ثرثرة ونميمة" على حد تعبير البعض.
واشنطن بوست في مقال لأحد كُتّابها يُدعى "جوناثان مارتن" قال في مقاله بعنوان: "من النار والغضب إلى العاصفة السياسية": "إنه يلد الحقائق، يملأ التفاصيل ويُوزّع مع المعايير المهنية في خدمة النجاح والمكانة".
واشنطن بوست على النقيض تمامًا من جميع الوسائل الإعلامية الأمريكية التي مدحت الكتاب وشكرت صاحبه، ويضيف مارتن: "إنني أتكلم بالطبع عن الكاتب مايكل وولف، الذي ألقى كتابه "النار والغضب: داخل البيت الأبيض ترامب"، كتابًا مناسبًا تمامًا، إذا لم يكن مرضيًّا في نهاية المطاف، عن الأشهر التسعة الأولى من الفوضى للرئيس ترامب"".
ويشير "مارتن" إلى أنَّ الكتاب أثار أسئلة كثيرة حول استقرار ترامب العقلي، وبغض النظر عن ذلك، يمكن أن يكون من الصعب تحقيق الحقيقة غير المؤكدة من الرئيس الذي تباهى منذ فترة طويلة بقمع الصحافة".
ويمدح مارتن مؤلف الكتاب، مايكل وولف، فيقول: "يصبح أقوى عندما يكتب على ما يعرف أفضل، من خلال انعدام الأمن وطموحات ترامب وغيرها من وسائل الإعلام".
علاوة على أنَّ العنوان مسروق من كتاب شهير أيضا لمؤلفه راندال هانسن، المؤرخ، والذي كان بعنوان: "النار والغضب: قصف الحلفاء لألمانيا 1942-1945".
أمَّا صحيفة أتلانتك الأمريكية مدحت الكتاب وقالت إنَّه في سنغافورة، نفدت نسخ بعض المكتبات بعد أقل من 24 ساعة من إطلاقه؛ بينما في بريطانيا لم يستغرق سوى دقائق فقط.
ونقلت عن ساندرا تايلور، رئيس قسم العلاقات العامة والأحداث في شركة "ووترستونيس" التي تتخذ من لندن مقرًا لها: "لقد أثار النار والغضب مستوى من الاهتمام لم نره في عنوان سياسي في وقت ما" عنوان "هو أن يكون أكبر كتاب سياسي في السنة"، وقد أصبح الأكثر مبيعًا أيضا في أمازون بأستراليا وكندا وألمانيا.
على النقيض تمامًا مجلة التايم الأمريكية نددت بالكتاب؛ وأشارت إلى أنَّ الناس الذين يشترون الكتاب خاطئون، وهدف المؤلف هو كسف المال فقط.
أمَّا "هانسن" فيقول في تصريحات للمجلة إنَّ الناس اختلط عليها الأمر بين كتابه وبين كتاب "وولف"، مشيرًا إلى أنَّ مبيعات كتابه قفزت في الأسبوع الماضي، ويركز كتابه على تكتيكات القصف التي قتلت مئات الآلاف من المدنيين الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، في حين سجل كتاب وولف الاضطرابات داخل البيت الأبيض دونالد ترامب.
وتقول المجلة إنَّ بعض القراء الجدد قد اشتروا كتاب هانسن، إلا أنَّهم لم يجدوا فيه أي شيء عن ترامب، ما جعلهم يشعرون بالإحباط.
بينما تقول صحيفة "شيكاغو تربيون" إنَّ الكتاب ممل وسيئ جدًا، الأمر الذي يكشف أنَّ الصحيفة تهاجم الكتاب لصالح "ترامب"، مشيرة إلى أنَّ "وولف" تمكن من جعل كتاب "هلامي" (غير واقعي) لظاهرة حقيقية.
وتقول الصحيفة إنَّ "وولف" هو أحد رجال "روبروت مردوخ"، أشهر رجل أعمال أمريكي، وصاحب صحيفة "نيويورك تايمز"، مشيرة إلى التناقض الذي يحتوي عليه الكتاب من خلال عبارات ذكرها عن ترامب.
وتضيف: "عندما يخرج (وولف) بمراقبة مثيرة للاهتمام من واشنطن، تتمثل في تعنت إدارة ترامب تجاه نساء وزارة العدل، فإنه لا يأتي بجديد ولا يخوض في العمق أكثر.
وتتابع: "(النار والغضب) لا يملك الكثير من الخيال، فهو يفتقر إلى حجة أبعد من ترامب نفسه، فالكتاب ليس إلا صورة وهمية استطاع من خلال (ولف) جذب الأشخاص لشراء الكتاب".
بعيدًا عن أمريكا
أمَّا صحيفة "الإندبندنت"، فقد قرأ أندو جريفين كتاب وولف فوجده لا يدور مطلقًا حول ترامب؛ متسائلًا من خلال مقال نشره في الصحيفة: بماذا يفكر ترامب؟ هل يفكّر ترامب؟ هل هذا مهم؟ إنها أسئلة ربما تنتظرون أن يجيب عنها الكتاب.. لكنّه يركّز أكثر على الثقب الأسود الذي يبدو كأنه يغلف المكتب البيضاوي. وهذا الثقب الأسود ليس ترمب فحسب، لكن فكرة "الترمبية" بذاتها.
يشير "جريفين" إلى أنَّ الكتاب لا يتناول ترامب على الإطلاق، بل الناس الذين يحاولون ملء هذا الثقب الأسود، إنه كتاب عن ستيف بانون، يبدأ بتعلّقه بترامب وبصيرته البارزة في اكتشاف إمكانات ترامب، وينتهي بإشارة بانون إلى أنه مهّد الطريق لنفسه ليترشّح إلى الرئاسة الأمريكية".
وبحسب "جريفين" فإن الكتاب ليس انتقادًا فكريًا للترامبية، ولا تأريخًا سياسيًا لنهوضها، إنما هو كتاب "ثرثرة"، مكتوب لرئيس "ثرثار" أكثر من أي شخص اعتلى الرئاسة الأمريكية، رئيس وجد الشهرة من خلال موهبته في عرض "برامج الواقع".



