نيرمين القويسني تفتح خزائن أسرار إحسان عبد القدوس (2-2)
تصوير - سماح زيدان
حوار - خالد حماد
لهذا السبب غضب منه عبد الناصر
إحسان ساند ثورة 52 وكان أول المطالبين بتأميم الصحافة المصرية
أمينة السعيد أوحت له بقصة «أم خديجة» ولم تنشر بعد
حدثته عن صديقي الـ«تربي» فكتب «أنا لا أكذب ولكني أتجمل»
الكاتب المصري صحى شعبنا النعسان..
وعلّمه كلمة "الحرية والإنسان"..
وكلمة "الثورة" أهداها لكل لسان..
عاشت بلادنا وعاش الكاتب المصري
وعشت للشعب كاتب مصري يا إحسان..
صلاح جاهين
كلمات صلاح جاهين ترددها "نيرمين القويسني" المولودة عام 1943، في كل مرة أشرف بمقابلتها، تستعيد كل ما فات وكأنها تعيش لتروي عن ذلك الذي أثار دهشة قرائه وفتنهم بالحكاية عبر الرواية والقصة، عبر كتابته الصحفية والتي لا تقل دهشة في جمالها عن الرواية والقصة، 35عاما هي عمر الاقتراب من الكاتب الصحفي والروائي إحسان عبد القدوس، عاشتها ضيفتنا بالقرب منه بكل ما فيها من إثارة ومحبة لتروي لنا القويسني عن إحسان عبد القدوس.
ما سبب غضب عبد الناصر من إحسان عبد القدوس؟
السبب هو كتابته للقصص رغم أن أحد أعمال إحسان عبد القدوس كانت تحمل اسم الثورة، ولعب إحسان دورا كبيرا في تهريب اثنين ممن اغتالوا أمين عثمان وهم السادات وشخص آخر لا أتذكر اسمه الآن، كان يحتاج للسفر إلى سوريا.. وقام بتهريبه. وبعد أن وصل كان الرجل قد كتب إليه خطابا وتركه في بريد إحسان قبل مغادرته القاهرة يشكره فيه.
وعبد الناصر والسادات كانا صديقين له، لكن العلاقة تغيرت مع الوقت والتي بدأت بسجن العديد من صحفيي روزاليوسف ومنهم الرسام جمال كامل، وهو أحد أبرز الرسامين ويعتمد عليه اعتمادا كليا؛ وهذا ما دعاه أن يكتب خطابا إلى عبد الناصر يطلب منه العفو عن جمال.
والسادات كان أحد المقربين من إحسان، وكان دائم الزيارة له وحضر فرح أحمد عبد القدوس، لكنه على خلاف مع محمد كونه منضما إلى جماعة الإخوان المسلمين.
(1).jpg)
هل كان دخول إحسان عبد القدوس السجن من اللحظات الحرجة في حياته؟ وهل تجربته مع السجن دفعته لكتابة رواية؟
خرج بعد هذه التجربة القاسية، وقد اهتزت علاقته بعبد الناصر وتحولت من العلاقة بصديق إلى العلاقة برئيس جمهورية، كان قبل دخوله السجن يناديه يا"جيمي"، ولكن بعد دخوله السجن صار يناديه يا ريس.
تضيف القويسني: تعرض للسجن قبل الثورة وبعدها، لكن سجنه بعد الثورة أثر فيه كثيرا، فهو أحد القليلين الذين دافعوا عن الثورة وكتبوا عنها بإيمان، وكان من أوائل المطالبين بتأميم الصحافة المصرية.
على المستوى الإنساني كان يحب والدتي جدا، وكان يناديها "حماتي" في أغلب الأحيان، وعندما توفيت حزن كثيرا لفراقها وتبع جنازتها مع أنه نادرا ما يخرج في تشييع جنازة، وظل طوال النهار في المدافن مع أنه كان يكره الزحام جدا.
ماذا عن الأبطال الحقيقيين لرواياته؟
كان شغوفا بالاستماع إلى حكايات الناس، يستمع إلى هذا الرجل، وينصت إلى تلك المرأة؛ يبحث دوما في طيات أحاديثهم عن نسيج لقصة درامية أو رومانسية يصنع منها رواية ذات مغزى ودلالة، يلتف حولها الناس؛ كان يحب أن ينقل للجمهور قصصا واقعية لأناس حقيقيين من لحم ودم؛ ليعبر بما يكتبه عن نبض المجتمع وينقل منه وإليه صورة حية يأخذ منها القارئ خبرة في فن التعامل مع الشخوص على أرض الواقع.
لقد أشاع الناس أن المرأة هي بطل رواياته، ولكن هذا على العكس تماما فقد كان الرجال يقصون عليه حكاياتهم أكثر، وأعتقد أن العقاد هو من أشاع ذلك عنه، غير ذلك أن العقاد كان دائم السب له ولغيره من الكتاب.
وتشير القويسني إلى قصة العقاد والكتابة لروزاليوسف، هذا عندما طلبت منه روزاليوسف الكتابة للمجلة مقابل 50 جنيها فرفض بشدة وعندما أعادت عليه الطلب ولكن بـ70جنيها وافق على الفور؛ ذلك لكونه كان يحب الفلوس.
قصة "زوج خديجة"
القصة الوحيدة التي لم ينشرها في حياته هي قصة زوج خديجة، وقد نشرت مسلسلة في مجلة صباح الخير، وقمت بجمعها وتسليمها إلى أبنائه إلا أنها لم تنشر في كتاب، طلبت منهم أن ينشروها فرفضوا بحجة أنه لم ينشرها في حياته.
القصة تشغلها حكايات عن طلبة الجامعة، وقد كتب افتتاحية يشكر فيها "أمينة السعيد" لأنها هي من أوحت لها بهذه القصة.
"عاشت بين أصابعه"
هى قصة الفنانة نجاة مع كامل الشناوي، القصة معروفة في الوسط الصحفي والثقافي، كتبها إحسان وأضاف إليها الكثير من مخيلته.
أنا لا أكذب ولكني أتجمل
بعد وفاة أمي عام 73 كنت أقيم بشقة والدتي بمصر الجديدة، ولأن زوجي كان وقتها مسافرا إلى اليابان، ولأن المقابر كانت في طريق صلاح سالم، كنت أذهب إليها يوميا أثناء ذهابي لجريدة أخبار اليوم، في ذلك الوقت تعرفت على ابن التربي، والذي ربطت بيننا صداقة وثيقة جدا دعته إلى أن يحكي هذا الشاب قصته. فقد كان شابا وسيما ويدرس بكلية العلوم قسم الرياضة البحتة، كان متفوقا جدا في دراسته. أحب زميلة له، وأحبته الفتاة جدا وهي لا تعلم شيئا عنه؛ فقد كان لا يستطيع أن يحكي لمحبوبته أي شيء عن تفاصيل حياته. حتى زملائه كان يخشى أن يعرف أي منهم حقيقته، فكان يمشي من العتبة إلى صلاح سالم حتى لا يعلم أحد أين يسكن، وكيف يعيش وسط الأموات. كان معقدا جدا من هذا الوضع الذي لا ذنب له فيه، لدرجة كان يقول لي ليه "مش إنتِ اللى ساكنه في الترب وأنا اللي أديكِ البقشيش". ولأني كنت قريبة منه جدا كنت أقول له "وماله هات جنيه بقشيش ياللا علشان آخد تاكسي واروّح"، كنت أشعر بأزمته خاصة.
ساعدته في السفر إلى السعودية ليعمل بالجامعة، وصار حتى أصبح أستاذا، وأصبح ثريا جدا. وأثناء سفري إلى السعودية لآداء فريضة الحج، قابلته هناك واستضافني في بيته، وحتى الآن عندما يأتي إلى مصر يأتيني. وجدت نفسي أحكي هذا للأستاذ إحسان عبد القدوس كان يتابع حديثي بانبهار ودهشة غير مسبوقين عن هذا الشاب؛ وجدته يكتب "أنا لا أكذب ولكني أتجمل "وكانت هي المرة الأولى التي يتم فيه طرق موضوع مثل هذا على مستوى الكتابة وعلى المستوى السينمائي فكانت الحرية والحب هي قضيتها الأولى، وقد كان يقول دوما أن الحب والحرية مسئولية كبيرة.
(1).jpg)
من أطلق هذه الرصاصة
كنت فى زيارة إلى الفلبين مع زوجي الكاتب الصحفي جمال حمدي بعد وصولنا إلى مطار القاهرة وفي طريق عودتنا إلى البيت ، فجأة سقط شخص مغشياعليه غارقا في دمائه أمام سيارتنا، التفت الناس حول السيارة وأخرجونا منها وتم القبض على جمال وتم اقتياده إلى الحجز بعد تشريح جثة الرجل تم اكتشاف أنه مات إثر طلقة اخترقت رأسه وخرج جمال من القضية. كانت هذه القصة التي كتبها هي قصة لمعاناة عشتها وزوجي.



