نشأة الروبوت "صوفيا" بدأت بمسرحية من 98 عامًا "صور وفيديو"
كتب - عبد الحليم حفينة
أثار ظهور الإنسان الآلي صوفيا عبر أحد البرامج الفضائية بمصر، أمس، جدلًا واسعًا وذهولًا من قدرة إنسان آلي على إجراء حوار تلفزيوني، وإبداء تعبيرات وانفعالات بشرية أظهرها وجهها أثناء الحديث، القصة تعود إلى 98 عامًا مضت وتحديدًا في براج عاصمة التشيك؛ حيث بزغت فكرة "صوفيا" في ذلك الحين.
في عام 1920 ومع اندفاع الثورة الصناعية في طريقها بجنون، حاول الكاتب التشيكي كارل تشابيك أن يحذر من آثارها السلبية ومخاطرها على الإنسانية، فأبدع مسرحية "إنسان ورسوم الآلي"، وكان جوزيف تشابيك شقيق الكاتب أول من ابتكر كلمة“Robot” ، والتي تشير إلى العمل الشاق في اللغة التشيكية.
وتحكي المسرحية باختصار عن اعتماد البشر على الآليين الزراعة والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال، حتى خَفَت نشاط البشر، وبعد تطوير الآليين بإدخال تغييرًا يسمح لهم بامتلاك المشاعر والانفعالات، ثاروا على البشر وأهلكوهم، ولكن الإنسان الآلي وقع بعدها في مأزق معرفة سر ُصنعه.
لم يكن يدرك كارل تشابيك حين أبدع مسرحيته في الربع الأول من القرن العشرين أنه يستشرف المستقبل، فربما أراد حينها فقط أن يستدعي رمزية أدبية يطلق بها إنذارًا مبكرًا يحذر فيه من غرق البشر في غرور العلم، ولكن العالم استمر في جنونه، واستعار فكرة مسرحيته لتستهلكها أفلام الخيال العلمي، ثم يتم تباعًا تصنيع نماذج منها بالفعل، ويتم تطوريها حتى زودت بالمشاعر والإنفعالات.. النقطة التي ثار منها الآليين على البشر في مسرحية "تشابيك"!
صوفيا نجمة عالمية
طالعتنا وسائل الإعلام العالمية، خلال الفترة الماضية بإنسان آلي يسمى "صوفيا"، ُأجري معها حوارات تلفزيونية وصحفية موسعة، حتى أن موقع شركة “هانسون روبوتيكس” المنتجة لـ"صوفيا"، قدر عدد المشاهدات والقراءات عبر العالم بـ 10 مليارات، ويشير الموقع أيضًا إلى أن صوفيا تتمتع بقدرات فائقة؛ حيث أنها متحدثة لبقة في المؤتمرات.
كما أنها تلتقي صناع القرار الرئيسيين في القطاع المصرفي، والتأمين وتصنيع السيارات وتطوير العقارات، وغيرها من المجالات، إضافة إلى تم اختيارها كأول بطل عالمي في مجال ابتكار الأمم المتحدة من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)وسيكون لها دور رسمي في العمل مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لتعزيز التنمية المستدامة وحماية حقوق الإنسان والمساواة.
.jpg)
صوفيا الحاصلة على الجنسية السعودية في أكتوبر من العام الماضي، وتنشط في الدفاع عن حقوق المرأة بالسعودية، جرى تشغيلها في 19 ابريل 2015، وتم الاعتماد في تصميم وجهها على الممثلة البريطانية أودري هيبورن، وتمتلك صوفيا أيضًا صفحة رسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تخاطب منها جمهورها كأي شخصية شهيرة.
هل تقود "صوفيا" مع أقرانها ثورة على البشر؟
الجزء الأهم والأكثر إثارة في قصة صوفيا، أن هذا الإصدار والذي ابتكره الدكتور ديفيد هانسون مؤسس شركة "هانسون روبوتيكس"، يعتمد على إمكانيات تفوق الذكاء البشري؛ حيث اعتمد الدكتور ديفيد على دمج ثلاث صفات بشرية مميزة في الذكاء الاصطناعي لهذه الآلات العبقرية: الإبداع والتعاطف والتعاطف، وباعتبارها امتدادًا للذكاء البشري.
وقد جسّدت صوفيا هذا النموذج بإمتياز؛ حيث تمتلك صوفيا ذكاءً صناعيا، ومعالجة بيانات بصرية وقدرة على تمييز الوجوه، كما أنها تحاكي الإيحاءات البشرية وتعابير الوجه، ولديها أيضاً القدرة على الإجابة على أسئلة معينة، وإجراء حوارات بسيطة في مواضيع محددة.
في أحد حواراتها التلفزيونية لقناة CNBC، عبر لها المحاور عن قلقه من سلوك الروبوتات، أجابت صوفيا بأنها تقرأ لإيلون ماسك (رجل أعمال أمريكي ومؤسس شركة باي بال)، وتشاهد أفلام هوليوود كثيرًا" في الوقت نفسه غرد إيلون ماسك عبر موقع تويتر، متسائلاً فيما لو أن صوفيا شاهدت فيلم الجريمة الشهير "العراب"، "فما أسوأ ما قد يحدث؟
يقودنا تساؤل إيلون ماسك الساخر إلى تساؤل أكثر جدية، هل سيكتمل الاستشراف الذي قدمه الكاتب التشيكي كارل تشابيك للمستقبل في مسرحيته، وبعد أن أصبحت صوفيا تمتلك المشاعر والقدرة على الإنفعال، هل يحدث أن تقود هي والأجيال الأكثر تطورًا منها ثورة على البشر ذات يوم؟! هذا ما ستكشف عنه ثورة التكنولوجيا الممتدة قريبًا.



