الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

المخرج "يزن نجدة أنزور": السينما السورية لم تمت رغم الحرب.. ومصر يمكنها أن تقدم أفلامًا عالمية

المخرج يزن نجدة أنزور:
المخرج "يزن نجدة أنزور": السينما السورية لم تمت رغم الحرب..
سوريا - الين ديب

السينما العربية مهمة والمنافسة صعبة والأزمات عوّدت الناس على قرصنة الأفلام ورؤيتها بالمنازل

وصلت السينما السورية، اليوم، إلى مفترق طرق ما بين النجاح والتدهور، وازدادت الأخطاء الإخراجية وبات نقص الإبداع مشكلة تؤرق عقول المختصين في الإبداع، غاب الفن وظهرت الرسائل الشخصية بأدوات سينمائية، قُدّمَت على شكل "فيلم سينما"

وفي المقابل، نرى جيلا من الشباب الطموح، يمتلك فكرًا جديدًا، والأهم من ذلك الجرأة في طرح موضوعات واقعية، من الممكن أن تجعل السينما السورية تخطو أولى خطواتها نحو العالمية.

وفي حوار "بوابة روزاليوسف" مع المخرج السوري "يزن نجدة أنزور" أكد أهمية وجود الفكرة والخيال والأداة ووجود الضمير الفني لإنجاح المنظومة السينمائية السورية، وإلى نص الحوار..

* هل تعتقد أن السينما التي تقدم اليوم أقرب بواقعيتها إلى الخيال والمبالغة؟ أم أنها نقل وتجسيد للواقع؟

- الخيال بالتأكيد غير محصور بأسلوب "ألف ليلة وليلة"، فمن الممكن أن نقدم سينما خيالية معاصرة، تحاكي الواقع بطريقة فنية جديدة، وتتيح المجال للمخرج بتقديم رؤيته الإخراجية دون حواجز أو عوائق، ولكن ذلك يتطلب من المخرج الثقافة والخبرة الكافية، بجميع المفردات والأدوات الإخراجية، التي تمكنه من تحقيق مراده وتوصيل فكرته، وأظن أن المشاكل الإنتاجية، تجبر المخرج بالابتعاد قليلًا عن الخيال، ليصير فيلمه واقعيًا، ولكن برأيي ما تنقله قنواتنا الإخبارية يكاد يفوق ما تقدمه السينما، وأحيانًا تفوق الخيال.

* أصبحت الحرب موضوعًا رئيسيًا للسينما، يتفنن المخرجون بتجسيده بأساليب مختلفة، برأيك، هل باتت الحرب عملة لوجهين، هما الألم والترف؟

- تجسيدنا للحرب السورية يكاد يكون تجسيدًا لموقف المخرج والكاتب، أكثر من محاولة لتفصيل أسباب الأزمة الحقيقية ومحاولة معالجتها، ومع ذلك كان هناك أكثر من فيلم جيد عن واقعنا، لكننا نحتاج لأفلام تتحدث عما بعد الأزمة، فكلنا بتنا نعرف الأوضاع والأسباب التي أدت لما جرى.

* ما انطباعاتك عن السينما المصرية، وما رأيك بفيلم حرب كرموز للمخرج الشاب "بيتر ميمي" والذي حقق أعلى الإيرادات خلال موسم العيد الأخير؟

- السينما المصرية مهمة ولديها تاريخ كبير يحسب لها، وتربينا جميعنا على أعمال نجومها، أرى تقدم جيد بالسينما المصرية، والفيلم المذكور بالتأكيد هو خطوة مهمة لإدخال عنصر الأكشن بشكل احترافي للسينما المصرية، وهذه التجربة تحتاج إلى الصقل لتصبح تجربة متكاملة، فإذا استفادت السينما المصرية منها ستقدم أفلاما بمستوى عالمي، وتوجه الإنتاج المصري لتبني هذه الأعمال الضخمة، نابع من كون شباك التذاكر بمصر، فاعل وقوي وقادر على استرجاع تكاليف الأفلام مع بعض الأرباح، بعكس بعض السينمات العربية ومنها السورية.

في الفترة الأخيرة ازدادت شركات الإنتاج بشكل كبير، ونلاحظ بعض الشركات يرأسها أسماء ليس لها علاقة في الفن بالعموم، هل تعتقد أن للسينما اليوم نصيب كبير في تبييض الأموال؟

- من الجميل أن تجد منتجًا يتبنى فكرة وقضية ويقدم لها كل المتطلبات الإنتاجية لتقدم كسينما أو دراما حتى لو لم يكن ضليعا بالفن ولكن اهتمامه بهذا القطاع الثقافي المهم يحسب له، بسوريا اغلب الأفلام هي من إنتاج المؤسسة العامة للسينما مع غياب كبير للإنتاجات الخاصة وذلك يعود لما ذكرته سابقا ضعف شباك التذاكر وعدم استرداد تكلفة الفيلم حتى! هذا الشيء غير صحي فالسينما تحتاج لروح المنافسة لكي تتطور، وردًا على موضوع تبيض الأموال فأظن أن قطاع الدراما يعاني من هذا الموضوع بشكل كبير، وذلك أضر بالدراما السورية مع الضغوط التي فرضت علينا أصلًا نتيجة الأوضاع السياسية مما دفع الدراما المحلية لحمل العديد من الإنتاجات التجارية الضعيفة.

أين أفلامنا العربية من جوائز المهرجانات العالمية.. وأين تكمن الأزمة؟

- السينما العربية مهمة، فنحن نتكلم عن الوطن العربي من المحيط للخليج، وبالتأكيد هناك العديد من التجارب الجيدة التي توجت ببعض الجوائز العالمية، ولكن المنافسة صعبة جدًا لعدة أسباب منها ضعف الإنتاج وعدم وجود الحرية الكافية للكاتب والمخرج لتقديم أفكارهم، وهروب الكثير من الخبرات والمواهب الفنية للخارج، مع يأسهم من الأوضاع الداخلية، وإصرار المنتجين لتقديم أعمال متوجهة للداخل، ولا تحمل الطابع العالمي، والخوف من الأفكار والإبداعات الجديدة، بالإضافة لعدم وجود شباك تذاكر محلي حقيقي، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، مع هذه الأزمات وتعوّد الناس على قرصنة الأفلام ورؤيتها بالمنازل.‏

* متى نرى مخرجينا خارج حدود الوطن.. وهل تسعى لذلك؟

- سأتحدث عن نفسي، وأنا ما زلت ببداية مسيرتي الفنية، وقدمت بعض الأفلام القصيرة التي حملت أفكارًا جديدة، سواء كأسلوب أو كفكرة، ورغم ذلك أطمح بقوة إلى كسر الروتين، لتقديم فن جديد يحمل الطابع العالمي بأفكاره، ولكن هناك بعض الصعوبات والعوائق التي يجب على أن أتغلب عليها، وأخطط لتقديم فيلم روائي طويل، جديد كليا بأفكاره وطرحه وجرأته، آمل أن أنجح بإنجازه، وبالتأكيد سأخبركم عن أي شيء جديد عنه.‏

* الهند استطاعت غزو العالم بأفلامها، متى يمكننا أن نفعل ذلك؟

- الهند بلد المليار ونصف المليار شخص، بالتأكيد السينما ستنجح بقوة عندها، ولكن مازالت السينما الهندية متوجهه للداخل، أكثر منها للخارج، ومازلنا نشاهد أغنية بكل فيلم، ومؤثرات بصرية غير منطقية، ولكن هذا الأسلوب أحبه الكثيرون فتابعوه بكل بساطة.‏

* كيف تصف تجربتك الإخراجية المتوارثة عن الأب والجد؟ وما مدى تأثيرك بوالدك المخرج نجدة إسماعيل؟

- بالتأكيد وجود والدي وجدي، حملني مسؤولية كبيرة، لأقدم فنًا يليق باسم عائلتي، وذلك دفعني لاتعلم كل الادوات الإخراجية بداية من التصوير وانتهاءً بالمونتاج والجرافيك وهندسة الصوت، وحاولت بصدق أن أعتمد على نفسي ولا استخدم الواسطة أبدا، والحمد لله تكللت جهودي ببعض النجاحات، فحصلت على المرتبة الأولى بدبلوم علوم السينما، وحصلت أنا وصديقي المخرج عبد الله السيار، على جائزة أفضل إخراج عن فيلم "خبز"، ولقي فيلم "الله معنا" و"تاتش" تقبل الجمهور والعديد من الإشادات، والان انتهيت من تصوير الفيلم الروائي الطويل "حنين الذاكرة" بالتعاون مع ثلاثة مخرجين "علي الماغوط" و"سيمون صفية" و"كوثر معراوي"، وكنت مسؤولًا عن المرحلة الأولى بالفيلم، ولدي طموحات كبيرة وأفكار جديدة، آمل أن تسمح لي الظروف بإنجازها، وأن أستطيع أن أقدم ما أطمح حقًا لتحقيقه.

* وأخيرًا.. السينما السورية إلى أين؟

- السينما السورية مهمة، ورغم الحرب لم تمت، وتقدم كل سنة العديد من الأفلام، ولكنها كما قلت تحتاج إلى مساندة إنتاجية ضخمة، واسترجاع لثقافة مشاهدة الفيلم بصالات السينما، من خلال تطوير قاعات العرض وزيادتها، والترويج الإعلامي، وتبني أفكار خارجة عن المألوف، فشعب بدون سينما هو شعب فقير.

وفي نهاية الحوار أكد "يزن" بقوله: نحن نحتاج للثقافة السينمائية كبند أساسي في أفلامنا، والتي غابت منذ القرن العشرين، ومن الضروري أن نقدم سينما تحترم مشاهديها وتحترم صنّاعها.

تم نسخ الرابط