إثيوبيا وإريتريا يبدآن عهدًا جديدًا بعد عقدين من الصراع
كتب - مصطفى سيف
وصل رئيس وزراء إثيوبيا، أبي أحمد، اليوم الأحد، للعاصمة الإريترية أسمرة، في أول زيارة رسمية منذ قرابة عقدين في محاولة لرأب الصدع بين البلدين الجارتين، وكان في استقباله الرئيس أسياس أفورقي، وسط حضور شعبي حاشد امتد على جنبات الشوارع المؤدية للمطار.
وفي 27 يونيو الماضي، أعلن وزير الخارجية الإثيوبي ورقينه جبيو في ختام زيارة وفد إريتري رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية عثمان صالح إلى أديس أبابا، أن رئيس وزراء بلاده سيلتقي رئيس إريتريا "في أقرب وقت".
واستقلت إريتريا عن إثيوبيا عام 1993 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود، لكن صراعًا حدوديا حول بلدة بادمي اندلع مجددا بينهما عام 1998، حيث قطعت العلاقات الدبلوماسية منذ ذلك الحين، وشهدت الجزائر في ديسمبر 2000 توقيع اتفاقية سلام بين البلدين أنهت الحرب الحدودية، والشهر الماضي أعلنت إثيوبيا التزامها بتنفيذ كامل الاتفاقية وترسيم الحدود مع إريتريا.
وأشار رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في خطاب تنصيبه في إبريل إلى أن تغييرًا كبيرًا في السياسة قد يكون في المستقبل - فقد دعا إريتريا إلى حل خلافاتهم، قائلاً إن الجارتين "ليسا متشابكين فقط في المصالح ولكن أيضا في الدماء".
وقال أبي إن الجنود الذين تم نشرهم في بلدة بادم المتنازع عليها قد عانوا من "آثار نفسية"، وفقًا لما ذكرته شركة "فانا برودكاستينغ كوربوريشن".
ويكتسب إعلان أبي أهمية خاصة لأنه يأتي بعد الإفراج عن الآلاف من السياسيين والنشطاء والمتظاهرين المسجونين، بمن فيهم المواطن البريطاني أنداراجو تسيج الذي كان محتجزًا على ذمة أحكام بالإعدام، ووعد بإصلاحات أوسع.
على الرغم من أنَّ إثيوبيا لم تنسحب من المناطق المتنازع عليها بعد، لكن القيام بذلك سوف يفي بمطلب إريتري معلن منذ فترة طويلة، ويمكن للصناعات الإريترية خدمة الأسواق النامية لجارتها الجنوبية الأكبر حجمًا والأكثر اكتظاظًا بالسكان.
في حين يرى المحللون أن العلاقات التطبيعية ستفيد البلدين، ويقول مارك لافيرني من المركز الوطني للبحوث العلمية في باريس: "سوف تكسب إريتريا الكثير، لأنها ستكون قادرة على متابعة الزخم الاقتصادي لإثيوبيا".
ويجادل ولدريماريم بأن تسوية النزاع مع إثيوبيا يمكن أن تحفز المستثمرين الأجانب على اعتبار أن إريتريا خالية من الخوف من تحمل غضب أديس أبابا.
"ومن المرجح أن تحسين العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا سوف تزيد من ترسيخ تأهيل الدولة الإريترية على الساحة الدولية"، كما يضيف.
السلام أيضًا بحسب تقارير أجنبية تناولت الأمر فإنّه يمكن أن يساعد أيضًا في حل مشكلة إثيوبيا وهي عدم القدرة على الوصول إلى البحر، حيث إنّها تعتبر بلد غير ساحلي، بعد أن انفصلت عنها إريتريا.
بعض المحللين يقولون إن تحولات السياسة من جانب الولايات المتحدة ودول الخليج تجاه البلدين ونزاعهما ربما لعبت دورًا في تسريع الذوبان الدبلوماسي، حيث إنَّه لطالما اتهمت إريتريا الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانبها، وألقت باللوم على واشنطن لفشلها في دفع إثيوبيا للالتزام بحكم الحدود، ودعم عقوبات مجلس الأمن ضدها.
يقول ولدريماريام، باحث في الشؤون السياسية، إن الولايات المتحدة، ربما قررت أن الوقت قد حان للعثور على حليف جديد بعد أن سمحت جيبوتي، جارة كل من إثيوبيا وإريتريا التي تستضيف أيضًا قوات أمريكية، للصينيين بفتح قاعدة عسكرية على أراضيها.
كما عززت إريتريا في السنوات الأخيرة العلاقات مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي أفادت التقارير أنها افتتحت قاعدة عسكرية في ميناء عصب الجنوبي في إريتريا، كما أن كلًا من حلفاء إثيوبيا قاد البعض لرؤية دور خلف الكواليس في الخليج.



