السادات وثورة يوليو.. قصة رجل سجنه الملك فألقى البيان الأول للثورة
كتب - محمد عمران
تنظيم الضباط الأحرار الذى قادة ثورة يوليو ضد الملك فاروق وباركها الشعب المصرة عام 1952 لم يكن تنظيم يضم شباب من محبى السلطة أو الساعين للنفوذ ولكن هذا التنظيم كان قوامه الاساسى ضباط خاضوا الكفاح سنوات وحملوا ارواحهم فداء للوطن ولم تكن الثورة الا نتاج لكفاحهم ضد الاحتلال الانجليزي الذي كان يعتبر مصر أحدى إقطاعياته ومن هؤلاء الضباط الرئيس الراحل محمد أنور السادات رفض الاحتلال البريطاني لمصر، وطلب من زملائه بالجيش بضرورة تكوين جبهة لطرد الاحتلال من مصر في عام 1938.
ولد محمد أنور السادات في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر سنة 1918م في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية لأم سودانية من أصل مصري، وأب مصري، تلقى تعليمه الأول على يد الشيخ عبد الحميد عيسى في كتاب القرية، ثم انتقل إلي مدرسة الأقباط الابتدائية بطوخ ، وفي عام 1935م، التحق بالكلية الحربية لاستكمال دراساته العليا، حيث تخرج منها ضابطاً برتبة ملازم ثانٍ سنة 1938م، وعين في مدينة منقباد بمحافظة أسيوط بالمنطقة العسكرية هناك.
تزوج السادات مبكراً وكانت زوجته الأولى السيدة إقبال عفيفي واستمر زواجه منها لمدة تسع سنوات، وأنجبت منها ثلاث بنات، رقية، وراوية، وكاميليا.
ثم تزوج قبل ثورة يوليو بعام من السيدة جيهان رؤوف سنة 1951 والتى أنجبت له ثلاث بنات وولد؛ لبنى، وجيهان، ونهى، وجمال.
ضد الاحتلال من البداية
كان السادات يعمل ضابط بمنطقة منقباد العسكرية بأسيوط وكان يتخذ من حجرته مكان لعقد اللقاءات مع زملاءه الضباط، وكان السادات يؤمن بأن القوة وحدها هي التي يمكن من خلالها إخراج البريطانيين من مصر وتغيير النظام الملكى الفاسد وحاشيته المسيطرين على مقدرات الوطن.
وشغل الاحتلال البريطاني لمصر بال السادات، كما شعر بالنفور من أن مصر محكومة بواسطة عائلة ملكية ليست مصرية، كذلك كان يشعر بالخزى والعار من أن الساسة المصريين يساعدون في ترسيخ شرعية الاحتلال البريطاني، فتمنى أن يبنى تنظيمات ثورية بالجيش تقوم بطرد الاحتلال البريطاني من مصر، فقام بعقد اجتماعات مع الضباط في حجرته الخاصة بوحدته العسكرية بمنقباد وذلك عام 1938، وكان تركيزه في أحاديثه على البعثة العسكرية البريطانية ومالها من سلطات مطلقة وأيضا على كبار ضباط الجيش من المصريين وانسياقهم الأعمى إلى ما يأمر به الإنجليز، كما شهدت هذه الحجرة أول لقاء بين السادات وكل من جمال عبد الناصر، وخالد محي الدين.
وفي أوائل 1939 اختارته القيادة للحصول على فرقة إشارة بمدرسة الإشارة بالمعادي هو ومجموعة أخرى كان منهم جمال عبد الناصر، لم يكن عنده أمل في العمل بسلاح الإشارة الذي أنشئ حديثًا في الجيش حيث كان من أهم أسلحة الجيش في ذلك الوقت، ولابد لوجود واسطة كبيرة لدخوله، وفي نهاية الفرقة كان عليه إلقاء كلمة نيابة عن زملائه قام هو بإعدادها، وكانت كلمة هادفة ذات معنى علاوة على بلاغته وقدرته في إلقاءها دون الاستعانة كثيرا بالورق المكتوب، وذلك ما لفت نظر الأميرالاي إسكندر فهمي أبو السعد، وبعدها مباشرا تم نقله للعمل بسلاح الإشارة، وكانت تلك النقلة هي الفرصة التي كان السادات ينتظرها لتتسع دائرة نشاطه من خلال سهولة اتصاله بكل أسلحة الجيش، كانت الاتصالات في أول الأمر قاصرة على زملاء السلاح والسن المقربين، ولكن سرعان ما اتسعت دائرة الاتصالات بعد انتصارات "الألمان" تحت حكم هتلر عام 39، 40، 41 وهزائم الإنجليز.
السادات يخطط لثورة فى ميدان الرماية
في هذه الأثناء تم نقل السادات كضابط إشارة إلى مرسى مطروح، كان الإنجليز في تلك الأثناء يريدون من الجيش المصري أن يساندهم في معركتهم مع الألمان، ولكن الشعب المصري ثار لذلك مما أضطر على ماهر رئيس الوزراء في ذلك الوقت إلى إعلان تجنيب مصر ويلات الحرب كما أقر ذلك البرلمان بالإجماع وبناء على ذلك صدرت الأوامر بنزول الضباط المصريين من مرسى مطروح وبذلك سوف يتولى الإنجليز وحدهم الدفاع، وذلك ما أغضب الإنجليز فطلبوا من كل الضباط المصريين تسليم أسلحتهم قبل انسحابهم من مواقعهم، وثارت ثورة الضباط وكان إجماعهم على عدم التخلي عن سلاحهم إطلاقا حتى لو أدى ذلك للقتال مع الإنجليز لأن مثل هذا الفعل يعتبر إهانة عسكرية، واستجاب الجيش الإنجليزي وانصاع للضباط المصريين.
وفى صيف 1941 قام السادات بمحاولته الأولى للثورة في مصر، وان بدت الثورة التى خطط لها خطة ساذجة فقد كانت معلنة، حيث كانت تقضى بأن كل القوات المنسحبة من مرسى مطروح سوف تتقابل بقرب من ميدان الرماية بفندق مينا هاوس بالقرب من الأهرامات حيث توجد هناك ثكان عسكرية ومعسكرات للجيش وذلك بعد ان اعلان السادات ذلك لعدد من قادة وضباط كتائب الجيش التى تحركت من مرسى مطروح وكان لديهم تزمر مما حدث معهم وتعامل القوات الانجليزية معهم ومحاولتها سحب الاسلحة منهم الشىء الذى يعد أهانه لشرفهم العسكرى مما يستوجب الثورة والغضب حتى لا يتم الاستهانة مرة اخرى بالجيش المصرى وقواته ، وفعلا وصلت مجموعة السادات الخاصة إلى الفندق وانتظرت الآخرين للحاق بهم، حيث كان مقررًا أن يمشى الجميع إلى القاهرة لإخراج البريطانيين ومعاونيهم من المصريين، وبعد أن انتظرت مجموعة السادات دون جدوى، رأى السادات أن عملية التجميع فاشلة ولم تنجح الثورة.
السادات والحرب العالمية
السادات كان مهتم بالتواصل مع التيارات السياسية واللقاء مع السياسيين المناهضين للاحتلال ممن لهم أفكار وطنية تحرريه من قبضة الاستعمار ومنهم عزيز باشا المصرى الذى التقى به أكثر من مره وعندما علمت المخابرات البريطانية بلقاءته المتعددة تم استدعاءه وطلب منه قطع علاقته به وذلك فى عام 1941 ولكن السادات كان لديه عناد كبير فرفض وأصر فتم معاقبته بالسجن ووعند خروجه كانت الحرب العالمية الثانية على اشدها وكان الالمان يحققون انتصارات مذهلة فى بداية الحرب وحاول السادات ان يتواصل مع الالمان على أمل تنتصر المانيا فى الحرب بما يساهم بان تساند مصر فى نيل استقلالها عن بريطانيا فكتشفت المخابرات الانجليزية والبوليس السياسى ان السادات يتواصل مع الالمان والمتعاطفين معهم فتم القبض عليه وسجنه للمرة الثانية عام 1943 بموجب الاحكام العرفية التى كانت مفروضه فى ذلك الوقت ولكن السادات هرب من السجن برفقة صديقه حسن عزت، وعمل عتالاً تحت اسم مستعار، هو الحاج محمد، متنقلاً من محافظة لأخرى حتى أواخر سنة 1944م، ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945م، أسقطت كل الأحكام العرفية، وعاد أنور السادات إلى بيته بعد ثلاث سنوات من المطاردة وعاد لمنصبه كضابط بالجيش.
السجن للمرة الثالثة
شخصية أنور السادات وطبيعته المتمردة اعادته إلى السجن للمرة الثالثة بعد اتهامه بالمشاركة فى اغتيال أمين عثمان وزير المالية في حكومة الوف فى عهد الملك فاروق وكان يتم حبس السادات انفرادياً اغلب فترة سجنه لمنعه من التأثير على زملاءه بالسجن من افكاره الثورية حيث كان السادات يتمتع بجرأة فى الطرح وبلاغة فى النقاش وبعد سجنه عدة سنوات تم أسقاط التهم عنه ، وأفرج عنه. في عام 1949م و انفصل عن زوجته الأولى، وتقدم لخطبة السيدة جيهان صفوت رؤوف، وعمل في الأعمال الحرة مع رفيقه حسن عزت.
السادات يقرأ البيان الأول للثورة ويحمل وثيقة تنازل فاروق عن العرش
في عام 1950م عاد إلى عمله في الجيش بمساعدة من صديق قديم. وفي عام 1951م انضم إلى الضباط الأحرار، وتسارعت الأحداث السياسية في مصر، حتى اندلع حريق القاهرة، وأقال الملك وزارة النحاس الأخيرة وبعد تخطيط ولقاءات سرية بين الضباط الاحرار وفى ليلة 22 يوليو1952 تحركت قوات الجيش لتحاصر الملك وحاشيته وتسيطر على مقر الحكومة والبرلمان ومقر قيادة القوات المسلحة وفى الساعة السابعة صباح يوم 23 يوليو كانت مصر كلها تنتظر البيات الأول لثورة يوليو والذى اذيع بصوت لتعرف مصر والعالم ان المصريين فى طريقهم لانهاء الحكم الملكى وبداية حقبه جديدة ليحكم المصريين انفسهم ، انور السادات الذى اسندت له مهمة القاء البيان الأول للجيش أسندت إليه أيضاً مهمة حمل وثيقة التنازل عن العرش إلى الملك فاروق الذى وقعها فى صباح يوم 26 يوليو وغادر فى مساء نفس اليوم خارج البلاد على متن يخت المحروسة.
في عام 1953م أنشأ مجلس قيادة الثورة جريدة الجمهورية، بعد اعلان مصر جمهورية فى 18 يونيو 1953 وأسندت مهمة رئاسة التحرير إلى السادات.
عام 1954م تشكلت أول وزارة لحكومة الثورة، وتولى السادات منصب وزير الدولة.
في عام 1957م انتُخب السادات عضواً في مجلس الأمة لمدة ثلاث سنوات.
في عام 1960م انتُخب رئيساً لمجلس الأمة من 1960م إلى 1961م، والفترة الثانية من 1964م إلى 1968م له واختاره مجلس الشعب رئيساً بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر عام 1970 في عام 1969م اختاره الزعيم جمال عبد الناصر نائبا.
في عام 1973م قاد الحرب ضد إسرائيل، وقاد مصر والعرب إلى الانتصار العسكري الأول فى تاريخها ضد إسرائيل.



