الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

"كريم" الباخرة الوحيدة في مصر تعمل بالبخار.. شهدت زواج فاروق ويعشقها الأثرياء

كريم الباخرة الوحيدة
"كريم" الباخرة الوحيدة في مصر تعمل بالبخار.. شهدت زواج فاروق
الأقصر - روز اليوسف

على الرغم من تقدم عوامل الزمن والتكنولوجيا والآلات الحديثة إلا أنها ظلت مخبأ لأسرار العصور الماضية بحكاياتها التي لا تنسى، متحدية تحديثات معاصريها، ولمَ لا فعراقة الماضي المرسومة على جدرانها من الداخل عدّت بمثابة جذّاب لسياح ينزلون بها من مختلف الجنسيات في غذاءٍ لعقولهم وأرواحهم.

كريم تلك الباخرة التي تقف على جانب نهر النيل بالأقصر هي المركب الوحيدة في مصر حاليًا التي تعمل بالبخار، ما جعلها مقصدًا للأثرياء من مختلف بقاع العالم في ظل ارتفاع تكلفة النزول بها كونها تعمل بوقود لا يستخدم حاليًا.

شيدت الباخرة كريم عام 1917 في إسكتلندا إحدى ضواحي المملكة البريطانية التي أهدتها برفقة عدة مراكب أخرى لملك مصر في ذلك الحين فؤاد الأول، ومن بعده الملك فاروق بصفته الابن والوريث الوحيد، ذلك قبل أن تؤول ملكيتها بعد ثورة 23 يوليو 1952 إلى القصر الجمهوري، فاستخدمها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ومن بعده الرئيس الشهيد محمد أنور السادات، ومعه زوجته جيهان السادات، قبل أن يتم بيع المركب في تسعينيات القرن الماضي في مزاد علني من وزارة الري إلى شركة سبرينج تورز السياحية التي تستخدمها الآن، في رحلاتها السياحية بين مدينتي الأقصر وأسوان.

 

مقصد للأثرياء وعشق البسطاء

محمد كمال- مدير " كريم " حاليًا- يقول لـ"بوابة روزاليوسف" إن الباخرة كريم تعد مقصدًا للأثرياء من حول العالم ليس فقط، لأنها تعمل بالبخار لكن لكونها كانت "مضيفة" زعماء مصر سابقًا عند استقبال ضيوفهم عليها، وبجانب ذلك فإن مظاهر إنشائها المحافظ عليها حتى ذلك الوقت جعلت منها مقصدًا للمتعة والاستجمام فتصميم عصري وعملها بالبخار تلك معادلة لم تكن نتيجتها سوى إضافة رونق منقطع النظير.

وأضاف كمال أن "كريم" تحفل باحتوائها على خرائط وكتب قديمة ومعالم تاريخية ودعوات لحفل زفاف الملك فاروق، جعلتها حقًا شاهدة على تاريخ قرنين من الزمان، ومقصدًا للسائحين البريطانيين والأثرياء من سائحي أميركا نظرًا لقيمتها التاريخية ولمشاركتها في احتفالية السد العالي، والتي لازمت كافة الملوك والرؤساء منذ عهد الملك فؤاد الأول وعلى مدى عقود وعقود، ظلت الباخرة الملكية "كريم" ببهائها المنشود راوية تفاصيل كثيرة وخفية من العهد الملكي القديم، ذلك العهد الذي لا يزال الكثيرون منا يبحث عن حقائق فيه يُعتقد أنها ستغير مجريات العديد من الأمور فالباخرة حافظت على لمساتها القديمة الساحرة، التي استقبلت بها زبائنها الأوائل قبل عشرات السنين وإن كانت "كريم" مقصدًا بعد كل ما قيل للأثرياء فهي كانت بمثابة العشق للبسطاء.

محمد عبد العال- قائد المركب "الريس" كما ينادونه- يشير إلى أنه توارث قيادة "كريم" عن والده منذ 16 عامًا حيث وفاته مؤكدًا أنها تمثل له "العشق" حسب تعبيراته عندما سألناه عن سبب البقاء فيها على الرغم من قلة الدخل المادي الذي تدره عليه المركب بسبب الركود السياحي في الفترة الماضية، مستطردًا "مقدرش أمشي منها ولا حتى أتخلى عنها إحنا عبارة عن حالة عاشق ومعشوق".

وقال الريس محمد: عُرض عليّ أن أعمل في مراكب أخرى براتب أعلى لكنني رفضت، ولا أدري سر عشقي لها هل هي المركب أم في أن والدي كان قائدها؟".

ويكمل محمود سيد مساعد عبد العال أن عمال المركب يتلقون دورات تدريبية وملاحية كل ٣ أعوام، لاستخراج رخص ملاحية والاطمئنان على كفاءتهم، ذلك بجانب أن الهيئات الملاحية تجعل المركب تخضع لصيانة أيضا كل ٤ أعوام.

 

"كريم" تكلفة رحلتها مرتفعة كونها الوحيدة التي تعمل بالبخار

تعد "كريم" هي الباخرة الوحيدة في مصر التي تعمل حتى الآن بالبخار فمثيلاتها "السودان واسكزمن" أضيف إليهما محركات "ديزل"، بجانب البخار، ما جعل كريم هي الوحيدة التي تعمل بالبخار في مصر.

يتابع "كمال" مدير المركب أن ارتفاع سعر الرحلة على الباخرة، يعود للتكلفة العالية التي تتطلبها معدات البخار، بجانب قيمتها التاريخية، مؤكدًا أنه مع كل ذلك فإنها غير مربحة، لكن الشركة ما زالت متمسكة بضرورة تشغيلها للمحافظة على هذا الأثر.

وعن سؤاله أكثر الجنسيات التي تنزل بالباخرة أجاب بأن الإنجليز هم أكثر السائحين الذين يقضون رحلات بها، بجانب الإيطاليون والفرنسيون والأمريكيون اهتموا بها في الآونة الأخيرة، حينما بدءوا بالاهتمام بالتاريخ الفرعوني.

وأوضح أن "كريم" استقبلت في العديد من الشخصيات المشهورة، مثل ولي عهد النمسا، وحفيد رئيس وزراء تايلاند، وملوك ورؤساء وأعضاء مجلس قيادة ثورة "الضباط الأحرار" 1952، حتى آلت ملكية الباخرة إلى شركة سبيرينج تورز عام 1992.

ويكشف كمال عن "معلومة أخرى قد لا يعلمها الكثيرون أن الباخرة كريم كانت تسمى قديمًا بـ"المحروسة2"، لكن الرئيس الراحل أنور السادات، قام بتغيير اسمها إلى كريم، ويقال أن كريم هو أحد المقربين للرئيس الراحل وأطلق اسمه على المركب تكريمًا له.

مميزات أثرية نادرة وأخرى صناعية قديمة جعلت "كريم" متفردة عن غيرها من البواخر المصممة على الطرز الحديثة والذكية، فعلى الرغم من بطء رحلاتها حيث تبحر بين الأقصر وأسوان في ٦ أيام كاملة لكن كان ذلك مثار استمتاع نزلائها الأثرياء فلا ينزل كريم إلا سائح كريم.

تم نسخ الرابط