حسن الشرق: أنا هارب إلى الفطرة
كتب - عبد الحليم حفينة
تصوير - محمد الوكيل
بمظهر بسيط وبالقرب من مدينة المنيا، اعتاد أن يستقبل زواره، هيئته توحي بأنه عائد لتوّه من عصر الدولة الحديثة للفراعنة، ملامح وجهه ذات التفاصيل والثنايا الثائرة والنتوءات التي نشأت عن كفاحه المعيشي تغلف عينا راضية تشعرك بالكرامة والاكتفاء. تشعرك لوحاته الفنية أنك تجلس أمام فنان حديث روحه ضاربة بجذور التاريخ، أو بتعبيره هو "هارب من زمن الفراعنة".
حسن الشرق، فنان فطري مصري تبوأ مكانة رفيعة بين فناني العالم الفطريين، رغم أنه لم يترك قريته (زاوية سلطان) إلا من أجل سفر عمل خاطف، يعود بعده سريعًا إلى قريته؛ حيث متحفه ولوحاته وروح القرية التي تأسره.
يقول حسن الشرق لـ"بوابة روزاليوسف" إنه لم يتلق تعليما أكاديميا في مجال الفن، وأنه قام بتعلُّم الفن ذاتيًا إلى أن وصل للعالمية؛ حيث تُعرض له لوحتان بمتحف اللوفر في فرنسا، إضافة إلى لوحتين أُخريين بمتحف بروتسي بألمانيا والذي يُعرض فيه تمثال نفرتيتي.
عن بداية رحلته مع الفن يحكي "الشرق" عن اكتشاف موهبته، والتي بدأت في المرحلة الابتدائية، حيث كان يرسم على الحوائط والمقاعد، إلى أن تعرف على رسوماته مدرس مادة العلوم الذي دعم موهبته وتبناها، ويستكمل "الشرق" قصة البداية مع الفن، فيقول إنه لم يكن هناك مكتبة يشتري منها الألوان، فقد كان يتعامل مع العطار كما لو كان المكتبة، فيشتري منه الأعشاب لاستخلاص الألوان منها.
رغم رفض والده للعمل بمهنة الفن، إلا أنه كان يستغل الأوراق التي كان يغلف فيها والده الجزار اللحوم – على حد وصفه- للرسم عليها، فقد كان والده يرغب في أن يرث مهنة الجزارة التي يعمل بها، إلا أن المستشرقة الألمانية "أورزولا شيورنج" كان لها دور بارز في اكتشافه سنة 1985، الأمر الذي كان بمثابة طريقه نحو العالمية.
أقام "الشرق" المعرض الأول له في ألمانيا بمدينة شتوتجارت، ثم فى ميونيخ عام 1989 تحت إشراف المستشرقة الألمانية "أورزولا شيورنج"، وفى عام 1991 أقام معرضًا بفرنسا، وفي متحف اللوفر ثم في سويسرا، وفى عام 1994بقصر "برج برنبخ" الشهير بألمانيا وبعدها مُنح مفتاح مدينة نيولابك الألمانية عن مجموعة أعماله الفنية.
وعن ارتباطه بالقرية، يقول "الشرق": "أنا دائما ما بحبش المدينة وبتوه في المدينة.. أنا دائمًا من مطاريد المدينة"، ويؤكد "الشرق" أن القرية المصرية ما زالت حافظة للقيم والمبادي والتقاليد، ودائم فيها قيمة الكلمة، مشيرًا إلى أنه لم يرسم المدينة، لكنه رسم الريف المصري، والنيل والجبال، والعادات والتقاليد المصرية، حتى الألعاب الريفية كلعبة التحطيب لعبة التنورة، ليلة الحناء والأستغماية.
مؤخرًا أقام الشرق متحفًا خاصًا بقريته التي تقع بالقرب من تل العمارنة، وهي المدينة التي بناها إخناتون، أحد أهم حكام الدولة الحديثة بمصر القديمة، وهو ذات الملك المصري الذي وصفت الصحف الغربية به حسن الشرق باعتباره أحد الفراعنة الهاربين من هذا الزمن، ويقع المتحف على مساحة 1800 متر، يجمع فيه أعماله الفنية، ويستقبل الزائرين فيه من كل دول العالم، ويأمل الفنان حسن الشرق أن تقدر الدولة جهوده وتحافظ على فنه.



