الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

نشوى سلامة تكتب: الأبواب المغلقة

نشوى سلامة تكتب:
نشوى سلامة تكتب: الأبواب المغلقة

حينما تَحول الأقدار بين الأخلاء ونبقى بعيدا لسنوات وتنغلق الأبواب، تظل بعضا من ذكرياتنا هي ما نرغب فقط أن نعيش عليها، ونحاول لأن نتقدم لأبعد من ذلك في علاقاتنا وحياتنا، فلكل منا أمور أُخر حلوه ومره، انسحب إليها في حياته طوعاً، وتسللت هي إلى حياتنا قسراً، فلا سلمنا منها ولا يئست هي منا، ولم نستطع إلا أننا كففنا أيدينا عن طرق الأبواب بيننا، حتى لا نصطدم بما ورائها، حتى لا تقتل الأمور العفنة حلاوة ما تبقى لنا من ذكريات، حتى لو ظل هذا البعد هو نمط حياتنا حتى الممات.

وحينما كانت تتواجه الاعين، ونادرا ما كانت تتواجه، كانت لا ترى إلا ما كانت تراه قديما، وقتما كان الزمان لنا وقتما كانت الاعين ما بها انكسار، لامعه، فرِحه، اما هذه العيون فقد ذبلت، فملؤها حسرة وربما خِزى وأغلب الظن أنه ندم، ولكن يأتي الزمان علينا بقوته ويأبى ان نظل هكذا، وكأنه لا يرتضى لنا أن نظل بهذه الآلام، وكأنه يعلم أنه لا حيلة لهذه الأعين، ويريد لنا أن نفتح أعيننا من جديد دونما انكسار، ولكن كيف له أن يساعدنا، وقد تشابكت أمورنا وتعقدت، حتى إنها أضاعت ملامحنا بل شكلت ملامح أخرى غير التي كنا نألفها.

ونجد أنه لا مفر إلا أن يتحول البعد إلى غياب طويل لا عودة منه أبدا، وكأنه الموت، بل هو الموت بذاته، ومن اعتاد البعد يسهل عليه اعتياد الغياب، ونجد أنفسنا حائرين أمام قفزات الزمن، الذي يتوقف فجأة بنا وكأنه يخبرنا بأن حياتكم فقط هي ما اخترتم أن تعيشوها، فأما أن ترتضوا، إما أن تظلوا في منتصف الطريق، لا تعيشون ماضيكم ولا تستطيعوا إدراك حاضركم، سيخبرنا أيضا أن قديما قد تمت أرشفته لأنه مهترئ، غير واضح، فلا تعبثوا فيه حتى لا تخسروا.

وترتضى النفس وتنأى بنفسها بعيداً عن نقطة توقف الزمن وتتوه في أحداث حاضرها، ولكنها تظل تتفكر فيم قد كُتب عليه الغياب ولا تنساه طُرفة عين، تضع أحواله دائماً أمام عيناها، يُجن لها خاطرها لو أحست أنها قد كان بإمكانها أن تخفف عنه انكساره ولم تفعل، ولكنها أيضا لاحول لها ولا قوة، ولا تستطيع أكثر من التفكر، فتحاول فقط ان تذكر لنفسها وللجميع أبهى ما كان عليه من رحلوا إلى الغياب، وتجمل لهم أقوالهم ومواقفهم علها تتخلص من واجبات اقتضت ذكرياتهم عليها إلا تتنصل منها، ولكنها تنصلت واستفاقت فقط بعد أن غابوا.

ويغلق القلب باباً هو يعرفه، وينغلق على نفسه وحيداً حزيناً، على هذا الذي اعتاد البعد حتى غاب، ولكنه ظل باقيا خلف هذا الباب.

 

تم نسخ الرابط