الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

قصة البدر وسلواه 1-2

قصة البدر وسلواه
قصة البدر وسلواه 1-2

في الوقت الذي دخلت فيه الأحلام دائرة المستحيل، وتاهت الحقائق بين ثنايا الحاضر الأليم، وأصبح الحب الحقيقي ذكرى من الزمن الماضي الجميل، ودثر الوفاء والصدق تحت غبار تقلبات عصرنا الفقير.

فقد رأيت شعاع نور وأمل اخترق غشاء عتمة سماء الواقع، نعم!

رأيت قلب الخيال يتحول لواقع ملموس،

لمست الأمل الذي كان يحاول اليأس تحويله إلى سراب؛ تحول هو إلى ظل أسود اندثر تحت بريق الجواهر التي تم إحياؤها !

لقد رأيته: نعم رأيته وحاورته! وكان مستحيلا ألا أرى رمز الوفاء والإخلاص في (القرن الواحد والعشرين)!

جلست أمامه أنظر في عينيه وهو يتحدث، لم أستطع الإشاحة بنظري عنه بالرغم من أن هذه ليست طبيعتي! عبرت مشاعره إلى دواخلي وكأنها سهام صوبها برفق إلى قلبي! وهو يتحدث؛

كان عقلي غائبا في خَدَره! كنت في صراع بين الواقع والخيال، كنت كمن سقط في الفراغ وقد استُلَّتْ منه روحه، ثم بعد عناء وجهد استطعت التغلب على دويِّ أفكاري وفرط شغفي وقمت بإيقاف الصراع الدائر داخلي، ثم أطلقت العنان لقلبي حتى يستمتع بتذوق أنبل وأروع قصة واقعية أتشارك أحداثها بحواسي، شعرت بالأحاسيس التي شعرَ هو بها وكأني داخله أحسها معه، ورأيت الأحداث وكأنها فيلم سينمائي متجسد في شفافية عينيه،

أول مرة أرى وأشعر وأستمتع صدقًا يتألق في صوت ونظرة وملامح إنسان.

 وهو يحكي؛ لمحت لآلئ الدمع المحبوسة في مقلتيه تتلألأ تارة وتنطفئ تارة أخرى، من شفافية مشاعره وصدقه شعرت أني شاركته قصته وكأنها حدثت أمام عيني وفي وجودي! (حينما كانت تتألم دواخله كنت أتألم معه وكأن روحينا اقترنتا برباط غير مرئي)!

وبعد أن روى لي قصته ومشوار مرض حبيبته الذي واصل علاجها ورقد يمينا ويسارا وتداين وسافر بها، رغم بساطة حاله وبالرغم من علمه ألا أمل في شفائها وأن محاولاته مجرد تمديد عمرها أياما لكنه لم يكف عن المحاولات حتى آخر نفس لها! ثم فقدانه لوالده وأخته أيضا بنوع من المرض الذي أصاب حبيبته، وكيف عانى مُرّ الحرمان من أقرب الأقربين إليه، ثم بدأت محاورته..

كيف كانت زوجتك باختصار؟

رد بنظرة متأملة وابتسامة تشع بهجة واشتياقا وكأنه يراها أمامه: كانت حياة داخل حياة، رأيت فيها جمال الدنيا وبهجتها وعندما رحلت! فجأة تغيرت نظرة عينه وانطفأ بريق ابتسامته وواصل بنظرة حزينة أذابت قلبي وكأنه زهرة آلت إلى الذبول؛ بعد لحظة صمت وأسى.. أخذت كل ذلك معها.

سألته: لماذا لم تفكر في الزواج بعدها؟!

أجاب: إلى الآن لم تفارق زوجتي قلبي وعقلي، وخشيت أن أضع من أختار في مقارنة مع حبيبتي فتفوز معشوقتي الراحلة وأظلم الأخرى !

سألته: كم سنة مضت على وفاتها؟

أجاب: أربع سنوات و٤٤يوما وعشر ساعات!

سألته: ذكرت في حديثك عندما سألتك عندك أولاد قلت لا الحمد لله! لماذا حمدت الله على ذلك؟!

رأيت دمعة لاحت في أعماق عينيه ثم بعد لحظة صمت أجاب: قد عشت الحرمان وكيف كان قاسيا فلن أتحمل حرمان فلذات أكبادي أمهم.

وعاودت؛ سؤاله مرة أخرى: هل تذكر موقفا أثر فيك كثيرا من زوجتك؟

أومأ بابتسامة مشعة ثم قال: كنت أتفحص أوراق زوجتي بعد وفاتها ثم وجدت ورقة بخط يدها كتبت فيها (تمنيت القمر والله رزقني ببدر) هذا كان من مواقفها الرائعة رحمها الله.

سألته: ما هو سر وفائك لزوجتك؟

أجاب: وفاؤها وإخلاصها لي هو ما جعلني وفيا لها، كثيرا من الصفات الجميلة ارتشفتها منها، عشنا سويا اثنتي عشرة سنة لم يشتك أحدنا من الآخر مرة واحدة تُذكر.

فهذا الوفاء أنسبه لها.

ثم فاجأني بسؤال لم يكن متوقعا! فقال: هل إذا تزوجت لن أكون وفيا لها؟

قلت له: سيدي: السعادة يجب أن تكون لأمثالك فإن لم تسعد أنت من يحق له السعادة؟!

هذه كانت أول قصة واقعية رائعة أشهد أحداثها بجوارحي وأرجو أن أشهدها تتجسد من جديد حاضرا أو مستقبلا.

والآن أعلن بكل أسف وأسى أنه لم يتفاعل أحد مع المبادرة التي أطلقتها الأسبوع الماضي وأقول لأصدقائي نعم قد بالغتُ في حسن ظني وأعترف بأنني كما قلتم ما زلتُ أعيش في زمن رحل وولى لكن لن أعلن استسلامي أبدا لأن معنى وجود هذه القصة الحقيقية أن الأمل سيظل يشع في أعالي سماء الواقع.

ولا نعلم لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا !

 

[email protected]

تم نسخ الرابط