الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

القضاء ينقذ 805 أفدنة من قبضة طارق نور

القضاء ينقذ 805 أفدنة
القضاء ينقذ 805 أفدنة من قبضة طارق نور
كتب - رمضان أحمد

- طارق نور تنازل عن 271 فدانا منها لرجال أعمال أخرى

- المحكمة: طارق نور تصرف في أراضي الدولة وكأنه المالك.. وتنازله صدر ممن لا يملك

- هيئة القضاء العسكري اعترضت على تقنين وضع اليد

في حكمين مهمين لكشف ملف فساد الأراضي، أصدرتهما المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع برئاسة المستشار الدكتور حسني درويش، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، وعبد النبي زاهر وعبد العزيز السيد وكريم شهاوي، نواب رئيس مجلس الدولة، أعادت في الحكم الأول للدولة 405 أفدنة مغتصبة من شركة ديزرت ليكس ويمثلها طارق نور، والحكم الثاني أعادت 400 فدان أخرى تنازل فيها طارق نور عن 271 فدانًا لرجال أعمال آخرين هم علوي محمد تيمور وشريف محمد علي ونيهال إسماعيل نبيل ومن بينهم نجله كريم طارق نور، وصفته المحكمة بأنه تنازل ممن لا يملك وفيما لا يملك من أراضي الدولة على مرأى من الجهة التي ناط بها القانون الحفاظ على أراضي الدولة حتى يتلافى حظر تملك الـ100 فدان وتنازله بلا مقابل آية على التحايل على القانون في أنكى صوره وأكحل حالاته وهم مغتصبون لها غير مالكين أصلًا.

وقضت المحكمة في الحكم الأول بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر من القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلا، ورفض الدعوى المقامة من طارق محمود عبد الفتاح نور الممثل القانوني لشركة ديزرت ليكس لتملك 405 أفدنة بطريق مصر- إسكندرية الصحراوي بسعر مائتي جنيه للفدان، لأن ثمن الفدان الواحد خمسين ألف جنيه وفقًا للجنة العليا لتثمين الأراضي عام 2007، وألزمته المصروفات عن درجتي التقاضي.

كما قضت المحكمة في الحكم الثاني بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر من القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلا، ورفض الدعوى المقامة من علوي محمد تيمور وشريف محمد علي ونيهال إسماعيل نبيل لتملك 400 فدان بطريق مصر- إسكندرية الصحراوي بسعر مائتي جنيه للفدان لأن ثمن الفدان الواحد خمسين ألف جنيه وفقا للجنة العليا لتثمين الأراضي عام 2007، تنازل منها طارق محمود عبد الفتاح نور الممثل القانوني لشركة ديزرت ليكس عن 271 فدانا وهو غير مالك أصلا لها، وألزمتهم المصروفات عن درجتي التقاضي.

 

 

 

الطاعنون طلبوا تمليكهم الفدان بـ200 جنيه وقدرته اللجنة العليا لتثمين الأراضي بـ50 ألفا عام 2007

أولًا: ماذا قالت المحكمة في الطعن الأول الخاص برفض تملك لطارق نور لـ405 فدانا بمائتي جنيه للفدان حال كون اللجنة العليا لتثمين الأرضي قدرتها بخمسين ألف جنيه عام 2007:

قالت المحكمة أن الثابت بالأوراق كما ما هو بيِن من كتاب رئيس اللجنة العليا لتثمين الأراضي الموجه إلى الشركة الطاعنة– على نحو ما ورد بحافظة مستنداتها المقدمة منها أمام هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 25/10/2017 – أن اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة قدرت للفدان الواحد بمبلغ 50.000 خمسين ألف جنيه وفقًا للتصريح الذي طلبته الشركة الطاعنة من محكمة أول درجة بناء على المعاينة التي تمت في 28/3/2007 للأراضي الواقعة عند الكيلو 74 طريق مصر- إسكندرية الصحراوي الداخل فيه زمام الأرض محل التداعي، وكان عليها الامتثال وسداد مديونية الدولة إن أرادت لنفسها سبيلا، لكنها آثرت أن تضع يدها على مساحة الـ405 أفدنة بعد قدمت الشركة بتاريخ 18/4/2012 شيكًا بمبلغ أربعمائة وخمسة آلاف جنيه فقط، وتمت تسويته بتاريخ 25/6/2012، لأرض يتخطى ثمنها عشرين مليون جنيه عام 2007 بحسبان أن اللجنة العليا لتثمين الأراضي قدرت سعر الفدان بخمسين ألف جنيه، حسبما أفاد كتاب الإدارة المركزية والتصرف بالهيئة، المؤرخ 25/7/2013 المقدم رفق حافظة مستندات الشركة الطاعنة ذاتها، مخالفا بذلك الحد الأقصى لتملك الأراضي الصحراوية والمستصلحة بمائة فدان الذي حدده القانون رقم 148 لسنة 2006 ودون أن تنصاع إلى تقدير اللجنة العليا على نحو ما سلف، غير عابئة بحرمة أراضي الدولة، ومن ثم يكون طلب الشركة الطاعنة تمليكها كامل مساحة 405 أفدنة وبسعر مائتي جنيه للفدان على نقيض ما قدرته اللجنة العليا لتثمين الأراضي، وعلى خلاف الحظر الوارد بالقانون رقم 148 لسنة 2006 بتحديد مائة فدان كحد أقصى لتملك الأراضي الصحراوية المستصلحة مخالفًا لحكم القانون.

وأضافت المحكمة أن رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف قد أحال بتاريخ 12/12/2010 طلب الشركة الطاعنة لتقنين وضع يدها على مساحة الـ405 أفدنة للمستشار القانوني للهيئة آنذاك، والذي أبدى رأيه القانوني في ذات يوم 12/12/2010 أورد به أنه بصدور قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 أصبح لا يجوز التصرف في أراضي الدولة سوى بالمزاد العلني، وأنه بصدور القانون رقم 148 لسنة 2006 يجوز التصرف بطريق الاتفاق المباشر لمن قام باستصلاح وزراعة مساحات وضع اليد قبل صدور القانون المذكور بحد أقصى مائة فدان، وأنه من ثم يتعين الالتزام بأحكام القانون المذكور، لكنه أورد مباشرة عقب كلمة الالتزام بأحكام القانون المذكور عبارة "الذي لا يسري على الطلب المقدم من الشركة"، مما يشوبه بالتناقض الشديد، الأمر جعل الجهة الهيئة في حيرة من أمرها بشأن ما أورده من ضرورة الالتزام بأحكام القانون وفي الوقت ذاته عدم سريانه على مُقدم الطلب، فكيف يستقيم الالتزام مع الإعفاء منه! وأضحت الهيئة عاجزة عن اتخاذ قرار صريح في اجتماع مجلس إدارتها لبحث هذا الموضوع، مما اقتضى من السيد رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف إلى كتابة تأشيرة بتاريخ 15/12/2010 قوامها "تصدق طبقًا للقواعد".

وأشارت المحكمة أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية في الأصل العام تستقيم حارسة على المصلحة العامة بحكم كونها أمينة على الأراضي التي تقع تحت سيطرتها بنصوص القانون، ويجب أن شغوفة على إعمال وجه السياسة الاقتصادية والتنموية للدولة، فالمصلحة العامة التي ترمي إليها الهيئة حال أبرام عقود تملك الأرض للأفراد يكون مُوقدها أهدافا اجتماعية تعززها خطط سياسية تنموية رسمت الدولة ملامحها وحددت سماتها وأناطت للهيئة تشكيل تفاصيلها، ومن ثم فإن القبول الصادر من الهيئة يتعين ولا مراء أن يتلازم مع هذه الاعتبارات ويقترن بخطط الدولة في هذا النطاق فلا يحيد عنها ولا يرتضي عنها بديلًا، وهذا الأمر في مجمله يستقيم وجهًا من أوجه المصلحة العامة جدير باحترامه وبالتالي فإن القبول الذي يصدر من الهيئة قد يتغير وتتبدل أحواله بتبدل أحوال وظروف مناحي التيارات الاقتصادية والتنموية التي تهب على البلاد، إذ قد يصدر قبول لطائفة من الأفراد بتملكهم مساحات من أراضي الهيئة في ظل سياسات وموجبات تبرره، ثم ينقلب الأمر على خلاف ذلك لطائفة أخرى في حقبة زمنية مختلفة ويصير أمر التملك لا يتلاءم مع سياسات تنموية مستحدثة حلت محل سابقتها، بمراعاة القواعد والضوابط الحاكمة في شأن التملك، في نطاقها الموضوعي والزمني.

وذكرت المحكمة أن اعتبارات المصلحة العامة لصيقة بمسألة تنفيذ سياسات الدولة الاقتصادية والتنموية وهذه السياسات بطبيعتها خاضعة لمنطق التغيير والتبديل الدائم الذي لطالما لا يثبت على حال لكونه يوائم احتياجات الدولة ومتطلباتها التي هي أيضا بطبيعتها متغيرة، ومن ثم فلا تثريب عليها إن هي عدلت مسار سياساتها في تملك الأراضي التي في جعبتها كانعكاس لتغير سياسة الدولة في هذا المضمار، ولا يتحدى في هذا الشأن بسابقة موافقتها لطائفة من الأفراد بالتملك في ذات النطاق الجغرافي المرفوض لطائفة أخرى، إعمالًا لصحيح القانون دونما تعسف أو انحراف، لكون هذا الأمر يجد مردوده في تغير سياسات الدولة التنموية والتي تعتبر قرارات الهيئة كيان لا ينفرط عنها، طالما تباينت الظروف والأحوال المصاحبة لكل حالة على حدة، على نحو لا يجعل كل منها متطابقا ومماثلًا للآخر. ومادامت الهيئة قد التزمت جادة الصواب في رفضها للطلب المقدم إليها لتملك الأرض، وسارت على الدرب القويم المقرر لها، فاتخذت من سياسات الدولة سبيلًا ومن موجباتها التنموية منهجًا، وكان باعثها في ذلك الأخذ بأسباب المحافظة على دعائم المصلحة العامة وتعزيز أركانها، والأمر برمته ينصب في نهاية المطاف في تقدير القاضي الإداري– العاصم من القواصم- الذي عليه أن يوازن بين هذه الأمور مجتمعة في ضوء الأوراق والمستندات التي تحت نظره وحصيلة ملابسات وظروف الموضوع الذي هو بصدده في كل حالة على حدة.

واستطردت المحكمة أن المشرع أجاز التصرف في العقارات أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلالها بطريق الاتفاق المباشر لواضعي اليد عليها الذين قاموا بالبناء عليها أو لمن قام باستصلاحها واستزراعها من صغار المزارعين، بحد أقصى مائة فدان في الأراضي الصحراوية والمستصلحة، وعشرة أفدنة في الأراضي الزراعية القديمة، وكذلك بالنسبة إلى زوائد التنظيم، وفي غير ذلك من حالات الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية تقتضيها المصلحة العامة، وذلك كله وفقا للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، يتضمن الشروط التي يلزم توافرها لإجراء التصرف أو الترخيص، وتحديد السلطة المختصة بإجرائه واعتماده وأسس تقدير المقابل العادل به وأسلوب سداده. وبالفعل صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 بتاريخ 4/11/2006 تطبيقًا لأحكام القانون رقم 148 لسنة 2006 المشار إليه، متضمنا قواعد وأسس التصرف في أراضي وعقارات الدولة حرص في مادته الأولى على التأكيد أنه مع عدم الإخلال بحق الدولة في إزالة التعدي على أملاكها الخاصة بالطريق الإداري يعمل في شأن تطبيق أحكام القانون 148 لسنة 2006 المشار إليه بالشروط والقواعد والإجراءات التي تضمنتها مواده وأهمها ما تضمنته المادة السادسة منه بأن يكون التعامل على الأراضي التي تمت زراعتها قبل العمل بأحكام القانون 148 لسنة 2006 سواء الأراضي الصحراوية المستصلحة أو الأراضي الزراعية القديمة وفقًا للشروط الآتية: أولًا: ألا تزيد مساحة الأراضي الصحراوية المستصلحة والمستزرعة على مائة فدان. ثانيًا: ألا تزيد مساحة الأراضي الزراعية القديمة على عشرة أفدنة. ثالثًا: أن يتوافر للأرض مصدر ري دائم.

ثانيًا: ماذا قالت المحكمة في الطعن الثاني الخاص برفض تملك كل من علوي محمد تيمور وشريف محمد علي ونيهال إسماعيل نبيل لـ400 فدان بمائتي جنيه للفدان حال كون اللجنة العليا لتثمين الأراضي قدرتها بخمسين ألف جنيه عام 2007 وإبطالها لتنازل طارق نور عن 271 فدانا لهم:

 

 

التنازل عن 271 فدانا كان بلا مقابل وهو آية على التحايل على القانون في أكحل صوره

قالت المحكمة أنه بتاريخ 25/12/2008 تقدم الطاعنون لتقنين وضع يدهم على مساحة 400 فدان بناحية الكيلو 74.5 غرب طريق مصر- إسكندرية الصحراوي مرفقا بالطلب أصل إقرار بالتنازل عن الـ400 فدان من شركة ديزرت ليكس التي يمثلها طارق نور لصالح كل من الطاعنين الثلاثة ومعهم نجل المتنازل كريم طارق نور بواقع 100 فدان لكل منهم بواقع 100 فدان لكل منهم، وبتاريخ 18/2/2011 تقدم الطاعنون بالطلب رقم 30363 لإعادة البحث المساحي وقد أرجته الهيئة المطعون ضدها فعلا وثبت لديها أن المساحتين (أ وب) تم معاينتها على النحو التالي (أ) كمال صبرة بمساحة 75 فدانا (ب) حاتم صبرة بمساحة 72 فدانا و4 ط و8 س داخل مساحة التنازل من الشركة الوطنية للتنمية والتشييد والمقدم عنها طلب انتفاع رقم 800 في 13/7/1986 لمساحة 1200 فدانا وطلب شراء برقم 9740 في 13/10/1991 بمساحة 2000 فدان باسم الشركة المذكورة لصالح شركة ديزرت ليكس طارق نور وشركاه عن مساحة 1034 فدانا، ثم تقدم الطاعنون بطلب آخر مرفقًا به شيك بمبلغ 400.000 أربعمائة ألف جنيه، وقد أفادت الشؤون القانونية بالهيئة بكتابها رقم 7485 في 4/9/2011 أن المساحات الثلاث لكل من كمال صبرة وحاتم صبرة والطاعنين تم التعامل عليها باسم طارق نور شركة ديزرت ليكس وهم واضعو اليد عليها، وأفادت الهيئة بأن المعاينات تمت في 2008 أي بعد صدور القانون رقم 148 لسنة 2006، كما أفادت أنه لا توجد ثمة عقود مبرمة من الهيئة لطارق نور سواء عقود إيجار أو بيع.

وأضافت المحكمة أنه على الرغم من اعتراض هيئة القضاء العسكري بوزارة الدفاع على تقنين وضع اليد محل النزاع منذ 30/10/2012 وخلو الأوراق من موفقة القوات المسلحة فإن الثابت أيضا بالأوراق أن رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف قد أحال بتاريخ 21/11/2012 طلب الشركة الطاعنة لتقنين وضع يدها على مساحة الـ271 فدانا للمستشار القانوني للهيئة في ذلك الوقت والذي أفاد أنه لا مانع من السير في الإجراءات، بل إن الثابت من الأوراق كذلك أن رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف قد أحال بتاريخ 15/11/2009 طلب الشركة الطاعنة لتقنين وضع يدها على مساحة الـ271 فدانا للمستشار القانوني للهيئة آنذاك، والذي أفاد أنه لا مانع من السير في الإجراءات، مما يمثل مخالفة صارخة لأحكام المادة الثانية من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية التي ألزمت الهيئة العامة لمشروعات التعمير بأن إدارتها لهذه الأراضي والتصرف فيها واستغلالها بمعرفتها بعد أخذ رأي وزارة الدفاع وبمراعاة ما تقرره في هذا الشأن من شروط وقواعد تتطلبها شؤون الدفاع عن الدولة، وهو ما لم يتحقق في الأرض محل النزاع، وهو ما كان يجب أن يغيب عن ذهن المسؤولين عن تلك الهيئة ولا عن فكر المستشارين القانونيين الذين أدلوا برأيهم بالموافقة على السير في الإجراءات رغم اعتراض هيئة القضاء العسكري.

وأكدت المحكمة أن الأوراق نطقت عن فساد ملف أراضي الدولة دون رقيب أو حسيب، وتجد المحكمة الإدارية العليا التي تتربع على قمة محاكم مجلس الدولة بحكم ما وسده إليها الدستور والقانون من إرساء قيم الحق والعدل أن تكشف النقاب عنه، فالبحث المساحي الذي تم بمعرفة المختصين بالهيئة المطعون ضدها أثبت أن المساحة محل الطلب طبقًا للإحداثيات المرفقة داخل مساحة سبق التعامل عليها باسم طارق نور شركة (ديزرت ليكس) وأن الطاعنين تقدموا لتقنين وضع يدهم على الـ400 فدان مرفقا بالطلب أصل إقرار بالتنازل عن الـ400 فدان من شركة ديزرت ليكس التي يمثلها طارق نور لصالح كل من الطاعنين الثلاثة ومعهم نجل المتنازل كريم طارق نور بواقع 100 فدانا لكلٍ منهم، بل وثبت لديها أن المساحتين (أ وب) تم معاينتها على النحو التالي: (أ) كمال صبرة بمساحة 57 فدانا (ب) حاتم صبرة بمساحة 72 فدانا و4 ط و8 س داخل مساحة التنازل من الشركة الوطنية للتنمية والتشييد والمقدم عنها طلب انتفاع رقم 800 في 13/7/1986 لمساحة 1200 فدانا وطلب شراء برقم 9740 في 13/10/1991 بمساحة 2000 فدانا باسم الشركة المذكورة لصالح شركة ديزرت ليكس طارق نور وشركاه عن مساحة 1034 فدانا، وقد أفادت الشؤون القانونية بالهيئة بكتابها رقم 7485 في 4/9/2011 أن المساحات الثلاث لكل من كمال صبرة وحاتم صبره والطاعنين تم التعامل عليها باسم طارق نور شركة ديزرت ليكس وهم واضعو اليد عليها، وأفادت الهيئة بأن المعاينات تمت في 2008 أي بعد صدور القانون رقم 148 لسنة 2006، كما أفادت أنه لا توجد ثمة عقود مبرمة من الهيئة لطارق نور سواء عقود إيجار أو بيع.

وأوضحت المحكمة كشفت الأوراق أن الطاعنين تقدموا بطلب آخر برقم 36748 مرفقًا به عقد فرز وقسمة رضائية فيما بينهم فقط كأفراد في غيبة الدولة على مساحة 400 فدانا موضحًا به مساحة 271 فدانا على النحو التالي: علوي محمد تيمور 71 فدانا ونيهال إسماعيل نبيل 100 فدان وشريف محمد على 100 فدان، أما مساحة 129 فدانا فاتفقوا فيما بينهم على ما يلي: علوي محمد تيمور 29 فدانا وكريم طارق نور 100 فدان وأنهم يلتمسون من الهيئة المطعون ضدها استكمال الإجراءات على مساحة 271 فدانا، وتأجيل مساحة 129 فدانا لحين انتهاء النزاع القائم بينهم وبين كل من كمال صبرة وحاتم صبرة، رغم أنها جميعا أراضي الدولة لم تبرم الهيئة عقودا عليها لكل من ذكروا، ومؤدى ما تقدم يكون التنازل الحاصل من طارق نور للطاعنين تنازلًا لا يعتد به ويتجرد من قيمة قانونية له، لأنه وقع ممن لا يملك، وفيما لا يملك من أراضي الدولة، حيث أفصحت الهيئة أنها لم تحرر عقد بيع نهائي له، ومن ثم فإن المذكور تصرف في أراضي الدولة وكأنه هو المالك وليس الدولة، ومما يكشف زيف هذا التنازل أنه حرر بلا مقابل، وهو أمر يخرج عن المجرى العادي للأمور الذي يأخذ فيه الشخص مقابلًا لما يعطيه، ويناقض المنطق العاقل، إذ كيف يتنازل شخص عن أراضيه بلا مقابل، فهو لا يخرج عن كونه هبة أو تبرع، وهو أمر غير مألوف في علاقات الأشخاص خاصة لا تربطهم صلة، وهم يقسمون أراضي الدولة فيما بينهم ويفرزون مساحات منها، وعلى مرأى ومسمع من الهيئة التي ناط بها القانون الحفاظ على أراضي الدولة الداخلة في نطاق اختصاصها، ليكون لكل منهم نصيب لا يتجاوز حظر المائة فدان وهم مغتصبون لها غير مالكين أصلًا، وفي ذلك آية على التحايل على القانون في أنكى صوره وأكحل حالاته. وقد تركت الهيئة المطعون ضدها الحال كما هو، فلا هي أبرمت العقود معهم وفقًا لما قررته اللجنة العليا لتثمين الأراضي، ولا هي أصدرت قرارات لإزالة تعدي المعتدين، بل مكنتهم من أراضي الدولة سنين عددا وبثمن بخس، ألا ساء جميعًا ما يزرون.

وذكرت المحكمة وكان القانون رقم 148 لسنــة 2006 بشأن تعديل بعض أحكام قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 والمعمول به اعتبارًا من أول الشهر التالي لتاريخ نشره الحاصل في 15 / 7 / 2006- أي المعمول به اعتبارا من أول أغسطس 2006 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 بتاريخ 4/11/2006 تطبيقًا لأحكام القانون رقم 148 لسنة 2006، كما أن الثابت بالأوراق كما ما هو مبيِن من كتاب رئيس اللجنة العليا لتثمين الأراضي الموجه إلى الطاعنين– على نحو ما ورد بحافظة مستنداتها المقدمة منها أمام هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 25/10/2017– أن اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة قدرت للفدان الواحد بمبلغ 50.000 خمسين ألف جنيه وفقًا للتصريح الذي طلبه الطاعنون من محكمة أول درجة بناء على المعاينة التي تمت في 28/3/2007 للأراضي الواقعة عند الكيلو 74 طريق مصر- إسكندرية الصحراوي الداخل فيه زمام الأرض محل التداعي، وكان يتعين عليهم الامتثال وسداد مديونية الدولة إن أرادوا لأنفسهم سبيلا، لكنهم اَثروا أن يضعوا أيديهم على مساحة 271 فدانا بعد قدموا بتاريخ 12/4/2012 شيكًا بمبلغ أربعمائة ألف جنيه فقط، وتمت تسويته، لأرض يتخطى ثمنها ثلاثة عشر مليون جنيه، بحسبان أن اللجنة العليا لتثمين الأراضي قدرت سعر الفدان بخمسين ألف جنيه، حسبما أفاد كتاب الإدارة المركزية والتصرف بالهيئة المؤرخ 11/11/2013 المقدم رفق حافظة مستندات الطاعنين أنفسهم, دون أن ينصاعوا إلى تقدير اللجنة العليا على نحو ما سلف، غير عابئين بحرمة أراضي الدولة، ومن ثم يكون طلب الطاعنين تمليكهم مساحة 271 فدانا، وبسعر مائتي جنيه للفدان على نقيض ما قدرته اللجنة العليا لتثمين الأراضي بسعر خمسين ألف جنيه للفدان الواحد مخالفًا لحكم القانون.

واختتمت المحكمة حكميها التاريخيين أنه لا يوهن من سلامة هذا النظر، الموافقات التي حصل عليها الشركة الطاعنة التي يمثلها طارق نور ورجال الأعمال الآخرين من جهات أخرى ذات صلة فهي محض إجراءات تمهيدية لا تلزم الهيئة التي ناط بها القانون إجراء التعاقد بشيء، لأنه في مجال بيع أراضي الدولة وفقًا للأدوات والضوابط التي في زمام ولاية الهيئة لا يعول على الطلب الصادر من الأفراد أو الجهات الخاصة للتلويح بمركز قانوني أو حق مكتسب لهم على الأرض- موضوع طلبهم- بحسبان إن هذا المركز لم يولد أصلًا ما دام لم يصادفه قبول صريح وليس ضمنيًا يتلاقى معه تحت مظلة موجبات قانونية تظلله، وبالتالي فإن الاعتصام بوجود حق أو مركز قانوني لأصحاب الطلب هو ادعاء باهت بهتانًا مبينًا، لا يقام له وزنًا ولا يستوى على سوقه، حتى إن صاحب ذلك إجراءات ومعاينات قامت بها الهيئة بعد تقديم الطلب باعتبار أن جملة ما قد يحيط الطلب من إجراءات اتخذت بسببه وما حظي به من معاينات أُجريت من جراء تقديمه لا تستوي بديلًا عن قبول معتبر صادر بإرادة صريحة من السلطة المختصة بالهيئة، والقول بخلاف ذلك يفتح الباب على مصراعيه للعبث بأراضي الدولة فيعرضها لأهواء تجافي الغايات المرصودة لها تذكيها مآرب غير سوية تأباها المصلحة العامة.

 

 

تم نسخ الرابط