التحليل النفسي لسائق قطار حادث محطة مصر
كتب - عبد الحليم حفينة
مشهد يومي اعتيادي، لأصوات القطارات وحركة الركاب، فجأة يتحول المشهد إلى كرات من اللهب، تطارد رواد المحطة لتوقع بينهم قتلى ومصابين، هذا ما حدث في حادث حريق محطة مصر بالأمس، نتج عنه حريق هائل، ثم نيران تشتعل في مواطنين سالمين، يتوجهون إلى أعمالهم أو يستعدون لأسفارهم، هكذا كانت الصورة المأساوية التي تابعها الجميع بحزن وألم.
خلف هذا المشهد المريع سائق قطار مستهتر كان قد ظهر بالامس ويدعي علاء فتحي، سائق جرار وردية رقم 2302 أكثر إثارة للجدل، ملامح هادئة، واسترسال في الكلام لا يبعث عن شعوره بالمسؤولية، "بوابة روز اليوسف"، أجرَّت تحليلًا نفسيًا للسائق خلال حواره مع الإعلامي وائل الإبراشي، للوقوف على الأبعاد النفسية له والتي قد تكون تسببت بشكل مباشر في الحادث.
في هذا السياق، تقول الدكتورة هبة عيسوي، أستاذ الطب النفسي، بجامعة عين شمس، في البداية وقبل الحديث عن لقاء السائق مع الإعلامي وائل الإبراشي، يجب أن نقف عند مشهد مهم جدًا، وهو عند نزول السائق من الجرار للاشتباك مع زميل له، الأمر الذي يوضح أنه يتميز بشخصية اندفاعية، تتعامل مع المواقف بطريقة انفعالية، وهذا النمط من الشخصيات تبدو ردود أفعالها مستهترة وفيها الكثير من اللامبالاة.
وتضيف عيسوي، من خلال تحليل الحادث، نستطيع أن نرصد ثلاث سمات نفسية لشخصية السائق، وهي الانفعال والاندفاع واللامبالاة، وهذا النوع من الشخصيات لا يستطيع أن يتحمل الضغوط، ويتعامل بانفعال يشبه تصرفات الأطفال، وظهوره التلفزيوني يخبرنا بأنه لم يستطع تحمل الحادث، وهو الآن في مرحلة الصدمة الأولى، وهو لم يعرف حجم الخطأ الذي ارتكبه بعد، والابتسامة التي ظهرت على وجهه تشير إلى أنه لم يستوعب الموقف ككل، وهذا أمر طبيعي مع الشخصية الانفعالية الاندفاعية.
ولفتت خبيرة الطب النفسي، إلى أن هناك تغيرات نفسية كثيرة سوف تطرأ على السائق خلال الأيّام المقبلة، وسوف يظهر منه الكثير من المواقف المتضاربة، سنجده مثلًا يضحك ثم يبكي، وهذه هي مرحلة الصدمة المتوسطة، وشدَّدت على ضرورة مراجعة ملف السائق وزملائه للوقوف على خلفيات المواقف التي بدرت منه خلال الفترة الماضية.
واختتمت، أستاذ الطب النفسي، بأن كل الموظفين الحكوميين الذين يتعاملون مع الجمهور، ويتحملون مسؤوليات حساسة، مثل سائقي القطارات والمترو، وغيرهم، يجب أن يخضعوا لفحص نفسي سنوي، يرفق بملف الموظف، نظرًا لاحتمال إصابة أحدهم باضطراب نفسي، وهو الأمر الذي قد يتسبب في كارثة.



