280عملية تنقيب عن الآثار في بلد الأجداد
الأقصر- محمد راشد
ظاهرة جديدة تشهدها محافظة الأقصر بصعيد مصر، بدت تمثل خطرا كبيراً على المواطنين خاصة الفئة الشبابية الطامعة نحو ثراء سريع، فالظروف الاقتصادية التي كانت تمر بها المدينة السياحية بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير جراء انخفاض معدلات السياحة بها، وتوقف الحياة المعيشية كون ذلك المجال الأوحد الذي يعمل به معظم أبنائها حدا بأبرياء الفكر منهم إلى السير وراء تدابير الدجالين للبحث في ظلمات الليل عن وهم من بعده سجن أو حقيقة مصحوبة بغدر يؤدي إلى مصرعهم .
في الآونة الأخيرة، كانت قد انتشرت حوادث التنقيب عن الآثار حتى وصلت إلى وقائع قتل وخطف بعض الطامعين في الثراء السريع مما أدى أنتشار حالة من الذعر بين المواطنين.
فمنذ أكثر من ٣ أشهر لقي شاب مصرعه يدعى "محمد.ع" إثر محاولته التنقيب عن الآثار بأحد المنازل بمدينة القرنة غربي المحافظة - ذلك قبل أن تعلن أسرته عن اختفائه منذ أسبوع في ظروف غامضة حتى تكشفت ملابسات الحادث
عبد المنعم عبد العظيم - مدير مركز دراسات الصعيد - قال في بيان صادر إن المركز بالتعاون مع مديرية أمن الأقصر كان قد رصد منذ عام ٢٠١٦ حتى اللحظة ما يقرب من ٢٨٠ محاولة للتنقيب عن الآثار الكاملة والجزئية والقطع الأثرية بالعديد من مناطق المحافظة وتباينت هذه المحاولات ما بين فردية أو جماعية مما يدل على وجود مخططات لسلب آثار المدينة .
واضح عبد العظيم أن معظم القائمين على تلك المحاولات تترواح أعمارهم ما بين العشرينات والثلاثينات أي في مقتبل العمر ، لكن غاية الثراء السريع في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها الدولة ضيقت خانة التفكير لدى أبناء تلك الفئة العمرية وحصرته على أمر التنقيب عن كنوز الأرض .
ويضيف محمود همام - باحث أثري أن العديد من المناطق بالأقصر تحوي كنوزاً أثرية بباطنها لكن أشهرها والتي تكثر بها حوادث التنقيب عن الآثار هي منطقة القرنة الآثرية والتي شهدت الحادث الأخير لمصرع الشاب ومنطقة الكاب الآثرية وأرمنت والطود، تلك المناطق تقع بالمدينة أما خارجها فتعد منطقة الجبلين بمدينة إسنا أشهر المناطق بالمدينة والتي دائماً ما تشهد حوادث التنقيب عن الآثار .
ويرى عبد الله أن جنون التنقيب عن الأثار أو ما اعتبره البعض " هوس " يعد حلماً لكثير من مواطني الأقصر خاصة الشباب فرغبة الثراء السريع جعلتهم يبحثون ولو عن قطعة أثرية واحدة تحت منازلهم خاصة مع انتشار ادعاءات الدجالين بوجود الأثار تحت معظم منازل الأقصر .
ويفيد حسان . ب " - أحد مواطني مدينة القرنة غربي الأقصر أن عمليات البحث أو التنقيب خاصة في منطقته الغنية بالقطع الآثرية لا يتخللها أي مظهر من مظاهر العشوائية إلا القليل منها بالطبع، والشيوخ والدجالين والمشعوذين اشتركوا في انتشار الظاهرة خاصة بعد ثورة ٢٥ يناير وجعلوها ظاهرة شعبية بعد تعدي الكثير من الأهالي على الأراضي المملوكة للدولة .
وأضاف أنه كان من ضمن المنقبين ذات يوم عن الآثار لكن تم النصب والاحتيال عليه حيث تم اعلامه بواسطة شيخ من الشيوخ بأن أسفل منزله القديم " لُقية " يجب الحفر حتى الوصول إليها مع الاشتراط أنه سيساعده لأنه " خبير " في مجال التنقيب بمساعدة " الچن " واحضار عدداً من الأبخرة المكلفة وأموال طائلة لعمال الحفر حتى لا يفضحون الأمر .
ويستطرد أنه بعد ما يقرب من مضي عام كامل من بدء أعمال الحفر قامت الشرطة بالقبض عليه وعلى باقي المشاركين وتم الحكم عليه بالسجن ٥ أعوام ولما خرج وجد أن الشيخ سافر بباقي الأموال التي أخذها منه ، كما علم أن الأمر من بدايته كان احتيالاً عليه ليس أكثر من ذلك
يقول " مؤمن . ع " وهو أحد الشباب الذين كانوا يتوسطون في عمليات التنقيب أن ما يسمى ب" اللقية " أمر حقيقي موجود بالفعل غير مخترع والعديد من الشواهد التي حضرها بنفسه أكدت له ذلك، لكن المقابل المادي نظير القيام بها أصبح كبيراً للغاية في الفترة الأخيرة لذلك أصبحت الأعمال تتم في مناطق يتأكد وجود أثار بها وتتم بعناية
ويطالب خالد محمد - خبير أثري بضرور مواجهة تلك الظاهرة من الدولة و تغليظ العقوبات المقررة في قوانين حماية الآثار فمعظم عقوباتها التي تتراوح ما بين السجن عامين أو أكثر والتغريم بمبالغ زاهدة بالنسبة لحجم المنقب عنها، فعلى سبيل المثال أحد المواطنين يعلم جيداً أن بجواره منطقة أثرية ويعلم العقوبة بأنها تتراوح من ٣ إلى ٥ سنين لكنه سيخرج بعد ال٥ سنين تلك يقوم ببيع القطعة المكتشفة ويحصل على ملايين الدولارات اذا فهو " الكسبان " ، ويضيع على الدولة حقها.



