الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

"ضحوا بأكبادهم".. "سماح" تبرعت لنجلها.. و"شريف" أنقذ والدته من الموت

ضحوا بأكبادهم.. سماح
"ضحوا بأكبادهم".. "سماح" تبرعت لنجلها.. و"شريف" أنقذ والدته
الدقهلية - مي الكناني

كان الألم يعتصرها، كلما رأت فلذة كبدها يتلوى من الوجع أمامها، 5 سنوات قضتها سماح عوف، 41 سنة، من مركز دكرنس، تتنقل من مستشفى لآخر، بحثًا عن علاج لنجلها الأوسط أسامة.

لم يتعد الابن 17 عامًا، لكنه كان يحمل وجعًا ضاعف عمره، فعينيه لم تظهران من الاصفرار، وجسده النحيل لم يعد يتحمل، حتى قررت الأسرة عرضه على مستشفى أطفال المنصورة، أملًا في علاجه.

3 سنوات قضاها أسامة داخل المستشفى دون تحسن، وشتته الأطباء ما بين إصابته بفيروس A والالتهاب الكبد المناعي تارة، ومرض نادر لم يعرف بعد تارة أخرى، لتلجأ الأم لأحد الأطباء الذي غير وجهتها صوب مستشفى كبد شربين.

سعت الأم لإجراء كل التحاليل اللازمة لنجلها دون أن تدري ما أصابه، مناجية ربها بأن ينقذهما من هذا الاختبار الصعب، وبعد مرور 60 يومًا تلقت الطامة، فنجلها مصاب بتليف كبدي ويحتاج لمتبرع في أسرع وقت، لم تفكر لحظة في إنقاذ حياته، ومنحته قطعة من جسدها، ونقلته لمركز جراحة الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة.

تضحية سماح بكبدها لنجلها لم تكن شيئًا جديدًا، فبمساندة زوجها واجهت كافة الظروف الصعبة لتربية أبنائها، وكل همهما هو تنشئتهم على بر الوالدين.

 العلاقة التي تربط أسامة بوالدته لم تكن عادية، وأصر الاثنان على تجهيزهما للعملية في غرفة واحدة، وقضى وقتهما يخففان عن بعضهما حدة التوتر، لكن دموع الابن غلبته، وطالب والدته بالعدول عن رأيها، لكنها أصرت تقول الأم: "كنت بحاول أطمنه، وأقولو حاجة بسيطة ومتخفش، كان نفسي أعمض وافتح ألاقيه كويس وفايق، وبعد العملية أول حاجة عملتها روحت أشوفه، والحمد لله إحنا الاتنين كويسين، وابني في حضني سليم معافى".

"شريف": بزرع جزء من جسمي في الجنة

أما المهندس شريف توفيق عبدالشافي، فضرب مثالًا في الوفاء ورد الجميل لوالدته، وتبرع لها بفص كبد لإنقاذ حياتها التي كان يهددها السرطان كل لحظة.

فترة كبيرة قضتها مفيدة أحمد، 60 سنة، من قرية بسنديلة بمركز، تعالج من التليف الكبدي بالحقن الحراري، حتى تدهورت حالتها وانتشرت البؤر السرطانية بجسدها، ولم يكن أمامها خيار سوى الزرع، وإيجاد متبرع يتوافق معها، خلال شهرين.

عرض أبنائها الـ 6 التبرع، وسارت نجلتها الكبرى في الإجراءات المطلوبة، لكن اختلاف حجم الكبد وقف حائلًا بينهما، ليصر أسامة على رد جزء من جميل والدته، كل ذلك وسط توسلاتها بتركها تقضي حياتها كما كتبها الله، حفاظا عليهم، "لكن أقنعتها إن الأعمار بيد الله، ويا نعيش سوا يا نموت سوا".

أجرى الدكتور محمد عبدالوهاب، المشرف على برنامج الزراعة بجامعة المنصورة، الجراحة في 30 سبتمبر الماضي، ونجح في زرع أمل جديد ليس فقط داخل مفيدة، ولكن أسرتها كلها.

مازال المهندس شريف يتذكر يوم العملية، ويقول "كنت بهديها وأقولها متخافيش، وأول ما فوقت طلبت أشوفها ودكتور محمد قالي ممنوع تتحرك، لكن لو مشيت 3 خطوات هطلعك ليها، وفعلا كان عندي عزيمة وقومت اطمنت عليها".

"أنا بزرع جزء من جسمي في الجنة، الأم هي جنة ربنا على الأرض"، هكذا عبر الابن عن تضحيته لإنقاذ حياة والدته، وتحمله لألم كبير بدأ يتراجع رويدًا رويدا، ليعلن الاثنان انتصارهما على المرض، وعودة الحياة لأسرة توفيق عبدالشافي مجددًا.

تم نسخ الرابط