الأمين العام للأمم المتحدة لـ"الطيب" : الإسلام دين المحبة والتسامح والرحمة
كتب - بوابة روز اليوسف
أكد الأمين العام للأمم المتحدة ، انطونيو جوتريتش احترامه للإسلام ، وتضامنه مع المسلمين في هذه الأوقات العصيبة، مشددا على أن الاسلام دين محبة وعطف وتسامح ورحمة وإحسان.
ودعا جوتريتش في كلمته بمقر الأهر ، عقب مباحثاته اليوم، الثلاثاء ، مع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ، شيخ الجامع الأزهر ، الى البعد عن الخلافات والتركيز على ما يوحدنا ، والعمل معًا من أجل مستقبل أفضل للجميع، في كل مكان.
وأشار في كلمته إلى أنه جاء كأمين عام للأمم المتحدة ، ورجل متدين، ليعبر عن احترامه للإسلام وتضامنه مع المسلمين في هذه الأوقات المضطربة ، حيث مر أقل من شهر منذ أودى هجوم إرهابي على مسجدين في "كرايست تشيرش" ، في نيوزيلندا، بحياة خمسين من المصلين من كمل الأعمار.
وقال " لقد تعرفنا على مدار الأسابيع، على قصص ملهمة عن الضحايا ، وقرأنا عن الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم وهم ينقذون الآخرين ، كما سمعنا كلمات زوج قضى حزنا على موت زوجته.. غير أنه أعرب عن كلمات التسامح، لأنه، كما قال، "هذا هو ما علمنا الإسلام."
وكما يقول القرآن الكريم، في سورة فُصّلت، الآية 34، " وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ".
وأردف يقول " رأينا ذلك في إنجلترا حيث رفع رجل أبيض من غير المسلمين لافتة خارج أحد المساجد وقد كتب عليها، "أنتم أصدقائي؛ سأتولى تأمينكم في صلاتكم."
ولفت إلى الهجوم الإرهابي في بطرس بيرج ، العام الماضي، حيث بادر أعضاء المجتمع الإسلامي سريعا للتعبير عن دعمهم وجمع الأموال لصالح الضحايا ، مؤكدا أن هذه هي الروح التي يدرك نها كامنة بعمق في الدين الإسلامي ، وهو دين محبة وعطف وتسامح ورحمة وإحسان.
وأشار إلى أنه كمفوض سام للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، شاهد كرم الدول الإسلامية التي كانت تفتح حدودها للأشخاص في وقت محنتهم، في عالم كانت فيه كثير من الحدود موصدة ، وهو ما يتسق مع ما اعتبره أجمل وصفة لحماية اللاجئين في تاريخ العالم.
مدللا على قوله تعالى في سورة التوبة، الآية 6: " وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ".
وأوحي هذا إلى نبي الإسلام "صلى الله عليه وسلم " قبل أكثر من أربعة عشر قرنا، قبل اتفاقية 1951 المعنية بحماية اللاجئين، مؤكدا أن حماية اللاجئين يجب أن تُمنح للمؤمنين وغير المؤمنين على حد سواء، منوها إلى أن هذا مثال مشهود على الانفتاح والتسامح ، وأنه في هذا الوقت من الصعوبات والانقسام، لا بد من الوقوف معا وحماية بعضنا بعضا.
وأوضح أنه رغم ذلك ، نشهد في جميع أنحاء العالم تصاعدا غير مسبوق لكراهية المسلمين، ومعاداة السامية، والعنصرية وخطاب الكراهية، والخوف من الأجانب ، مشيرا إلى أن خطاب الكراهية بدأ يتسرب إلى الخطاب العام السائد، حيث ينتشر كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعة ، حيث ينتشر في البلدان الديمقراطية الليبرالية والدول السلطوية على حد سواء.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة - في كلمته - إن هذه القوى الظلامية تهدد القيم الديمقراطية والاستقرار الاجتماعي والسلام ، وتقوم بوصم النساء والأقليات والمهاجرين واللاجئين.
وشدد على مسؤولية الجميع لرأب الصدع وإنهاء الاستقطاب السائد بشدة في كثير من مجتمعاتنا اليوم ، واختص الأئمة ورجال الدين بلعب هذا الدور البالغ الأهمية .
وقال إنه كان من المشجع رؤية الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، الشيخ أحمد الطيب ، والبابا فرانسيس " بابا الفاتيكان " يتعاونان في (أبو ظبي ) في فبراير الماضي ، وذلك في مظهر من مظاهر الأخوة بين الأديان.
وأوضح أن البيان المشترك الذي قدمه الإمام الأكبر، والذي أقره والبابا فرانسيس، يمثل شهادة رائعة على الاحترام المشاعر المتبادلة، من الاحترام والتسامح والسلام؛ وهي شهادة قدمها الزعيمان العالميان العظيمان للعالم ، مشيرا إلى أن الإمام الأكبر، أكد أن المسلمين دفعوا ثمناً باهظاً جراء أفعال "حفنة من المجرمين". وأن هناك إجماعا بين كافة الأديان على أن الله يحرم القتل.
ولفت إلى أن الوثيقة التي وقعا عليها حول "الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" تطالب الزعماء الدينيين والسياسيين إلى وضع حد للحروب والصراعات وفساد البيئة ، كما تدعو المسيحيين والمسلمين إلى الاعتراف والاحترام المتبادلين والعمل معا من أجل الإنسانية.
وشدد على أن الأمم المتحدة ستبذل أقصى ما بوسعها لكي تضمن أن تصل هذه الوثيقة إلى كل مكان وأن يكون باستطاع الجميع الاطلاع عليها ، معربا عن إشادته بهذه الخطوة الجريئة، وثنائه على الدعوة التي وجهها الإمام الأكبر للمسلمين في الشرق الأوسط لحماية المجتمعات المسيحية ، والمبادرات التي اتخذها الأزهر لتعزيز الوجه الحقيقي للإسلام ومواجهة الفلسفات المتطرفة العنيفة والدعاية الإرهابية، حيث إنه ليس هناك ما يبرر الإرهاب الذى يتذرع بالدين.
ودعا إلى ضرورة تعزيز التفاهم المتبادل والاستثمار من أجل تحويل الاختلاف إلى نجاح، وتطرق إلى قول النبي محمد، "صلى الله عليه وسلم" لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"
وطالب بضرورة مواجهة ورفض الشخصيات الدينية والسياسية التي تستغل أوجه الاختلاف ، والعمل من أجل المصلحة المشتركة .
وقال إن هذا هو المنطق الذي يكمن وراء خطة الأمم المتحدة "2030 " وأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر - مخطط العالم من أجل عولمة عادلة ومجتمعات شاملة ومزدهرة، مشددا على دعم وتعزيز الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان العالمية.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة ، في ختام كلمته ، أن إنسانيتنا المشتركة هي ما يربطنا جميعا ، وأنه بدلاً من الانشغال بالخلافات، يجب التركيز على ما يوحدنا، والعمل معًا من أجل مستقبل أفضل للجميع، في كل مكان.



