علي بنه يكتب: قصة قصيرة.. التكامل
مساء اليوم، جلس ينتظر صديقه على المقهى، تعلو وجهه علامات الحيرة والتوتر، تعصف بذهنه الأفكار، كيف سيطرح الأمر عليه؟ وكيف سيستقبله؟ فهما صديقان منذ الطفولة، وحتى الآن، وأصبحت زوجاتهما صديقتين.
يتبادلان الزيارات، في المناسبات وغير المناسبات، كل منهما يطلع الآخر على مشاكله، طلبا للرأي والمشورة، وفي لقائهما الأخير، كان يبدو مهمومًا، سأله صديقه قائلًا:
-- مالك مشغول وحزين ليه؟
-- مراتي تعباني ومنكدة عليا حياتي.
-- صلي على النبي يا عم ووحد الله مافيش مشكله ملهاش حل، إيه اللي حصل؟
-- ماشفتش يوم حلو معاها.
وأخذ يحكي عنها، يؤكد تنافر طباعهما، يسوق الأدلة والبراهين، يسرد أسباب فشلها في إسعاده، أفعالها، سلوكها تجاهه، منذ زواجهما وحتى اليوم، يؤكد أنه أصبح يهرب من المنزل، ليرتاح منها، نظر له باستغراب ودهشة قائلًا:
-- ياعم أحمد ربنا، دا أنت في نعمة، وحطها على راسك، مراتك جوهرة ومنتش عارف قيمتها.
-- دا أنت بتتريق بقى.
-- أُمال لو ربنا ابتلاك بمصيبة زي مراتي، كنت عملت إيه.
-- ليه في إيه، أنا شايف مراتك ست العاقلين، وكنت أتمنى مراتي تبقى زيها، دا أنت تتحسد عليها.
راح يقص عليه حياته معها، يصف البؤس الذي يعيش فيه، ولولا وجود الأولاد، كان طلقها، ليتخلص من العذاب وحياة الشقاء التي تغرقه فيها، واسترسل في سرد سلوكها وأفعالها التي أحالت حياته لجحيم، فنظر له باندهاش وسخرية قائلًا :
-- أنت محدث نعمة، فعلًا، يدي الحلق للي بلا ودان، يا ريت مراتي كانت نصها
-- ها ها ها ياعم خدها وخلصني منها، علشان تعرف إن الله حق، وتقدر قيمة مراتك ها ها ها ها.
-- ها ها ها ها ها آخدها ها ها ها.
ثم ذهبت ضحكة كل منهما فجأة، تجحظ العيون، يستغرقان في فكر عميق يحدث ضجيجا في صمته، ينظر كل منهما في وجه الآخر متأملًا، يبحث عن شيء ما، افترقا، كل منهما قد عقد العزم على أمر ما، لم يصرح به للآخر، وبينما هو جالس، يغوص في لجة من الافكار، هل عليه صديقه، بوجه يبدو عليه ارهاق التفكير، يجلس قبالته قائلًا:
-- أنا اتكلمت مع مراتي عن مشاكلك انت ومراتك، اكتشفت إن مراتك اشتكت لمراتي منك.
-- واشتكت مني في إيه؟ ومراتك قالت ليها إيه؟
-- مراتي قالت ليها حافظي على بيتك، ومتخربيش على نفسك وأولادك، وجوزك راجل محترم، ويا ريت كل الأزواج زيه.
-- وأنا كذلك اكتشفت إن مراتك اشتكت منك لمراتي.
-- قالت ليها إيه؟
-- مراتي قالت لمراتك، بلاش دلع، يا ريت جوزي يبقى زي جوزك، كنت بقيت اسعد وحدة في الدنيا، اتلمي وربي ولادك.
راح كل منهما ينظر في وجه الثاني، ينتظر الاجابة عن سؤال، طرحه في صمت على الآخر.



