الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

هاربة إلى حضن المتوسط ..مهاجرة عاجية تروي مأساتها

هاربة إلى حضن المتوسط
هاربة إلى حضن المتوسط ..مهاجرة عاجية تروي مأساتها

كانت بينتو، الأم الشابة القادمة من ساحل العاج مع طفلين يبلغان عاماً وثلاثة أعوام، مستعدة للموت في البحر، بدل العودة إلى الخلف، في رحلة عبورها من الجحيم الذي عاشته في ليبيا، وها هي اليوم على متن السفينة "أوشن فايكينغ" التي أنقذتها مع ولديها الجمعة.

تتحدث بينتو عن رحلتها لوكالة "فرانس برس"  الموجودة على متن السفينة الإنسانية " عن معاناتها فى ليبيا فى طريقها إلى أوروبا

وبينما طفلها فى يدها، تلتقط بينتو البالغة 28 عاماً أنفاسها على متن السفينة التابعة لمنظمتي "اس او س المتوسط" و"أطباء بلا حدود". وتقول "لم أنم جيداً منذ وقت طويل، بدون خوف وبدون دوي المعارك".

وتستذكر بينتو الأشهر الأخيرة في ليبيا، وتتحدث عن النوم على أصوات المعارك في العاصمة الليبية وعن قلق التعرض للعنف الذي يطال القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء بحثاً عن عمل.

وعاشت بينتو ورفاقها الرعب من جديد مساء الخميس، حين سمعوا أصوات قوارب النجاة التابعة لمنظمة "اس او اس المتوسط"، وحاولوا الهرب منها. وتوضح بينتو "اعتقدنا أنها تابعة لخفر السواحل الليبيين"، مضيفةً "اعتقدنا أنهم يقومون بإخفاء علمهم ويتحدثون الإنجليزية لخداعنا".

وتتابع الشابة "فضلنا الموت في البحر على العودة إلى ليبيا".

هذه ثاني محاولة لبينتو للهرب بحراً. في المرة الأولى، "خلال شهر رمضان" في مايو، لم تكن ناجحة، فقد اعترض خفر السواحل الليبيون بينتو ومهاجرين آخرين، لتجد نفسها بعد ذلك في السجن.

 كانت بينتو قد غادرت ساحل العاج في مارس هرباً من زوج معنّف كما من أجل العمل في ليبيا. وتشير الى آثار ضرب بالحزام على ذراعيها، وتخبر أنها تزوجت رغما عنها عندما كانت تبلغ 16 عاماً.

وتتمكن النساء القادمات من غرب إفريقيا من إيجاد عمل بسهولة كعاملات منازل في بيوت العائلات الثرية.

وتركت أولادها الأربعة الأكبر سناً في بلدها، وبدأت رحلتها مع طفلها عثمان البالغ عاماً واحداً وشقيقه محمد ذي الثلاثة أعوام.

المحنة بدأت قبل شهر ونصف شهر، من مالي ثم النيجر والجزائر، سيراً على الأقدام أو في حافلات، وأخيراً إلى طرابلس، مختبئين على متن شاحنة.

وتقول "عبرنا الحدود بصعوبة بالغة، وفي بعض الاحيان زحفاً على الأرض".

لكن المسيرة الطويلة في صحراء النيجر، حيث جرحت ساقها عندما سقطت على بعض الحجارة وابنها على ظهرها، لم تكن أسوأ ما في هذه الرحلة. ولم يكن الأسوأ كذلك عبور البحر على متن قارب صغير مع 85 رجلاً وامرأة.

بينما الجحيم الحقيقي كانت الفترة التي قضتها في ليبيا حيث حاولت ان تفر من مركز الاحتجاز، أو كما تصفه بينتو "السجن"، من خلال الاختباء. وتوضح "يمسكون بك أينما كنت ويرمون بك في السجن

وعندما تودع مركز الاحتجاز، عليك أن تدفع مالاً ليخرجوك منه. لكن "لم يكن معي أموال"، تخبر بينتو، متابعةً "لحسن الحظ، كان معي ابني الرضيع عثمان، وهذا الأمر ساهم في حمايتي. لكن كان هناك امرأة أخرى حامل، تعرضت للضرب كل يوم، كانوا يضربونها حتى بأجهزة إطفاء الحريق".

 

وتروي بينتو "في السجن، لم يقدموا لنا شيئاً، فقط المنظمات غير الحكومية  مثل "أطباء بلا حدود" و"الصليب الأحمر"، أحضرت لنا طعاماً".

وتتذكر بينتو أنه في أحد الأيام جاءت بعثة أوروبية لزيارة مركز الاحتجاز من دون أن تسعفها ذاكرتها على تحديد تاريخ هذه الزيارة.

وتقول "طلب منا رئيس الشرطة أن ننظف كل شيء حتى لا يدرك البيض أننا نعاني! قال أحد الحراس إنني قادرة على إخبار قصتي. لكن "أعضاء البعثة" جاؤوا برفقة المدير...لذلك، ابتسمت فقط، وقاموا بالتقاط الصور، وغادروا".

وتوضح أنها كانت تخشى قول أي شيء خوفاً من رد الفعل.

وتعتمد أوروبا على ليبيا ، وهي بلد في حال حرب، لمنع عبور المهاجرين انطلاقاً من شواطئها.

وفي يوليو، تعرض مركز الاحتجاز الذي كانت بينتو فيه للقصف وقتل أكثر من 50 شخصاً في الضربات. وتروي "استهدف البناء الذي كان فيه الرجال. هربنا ونحن نسير فوق الجثث. أطلق الحراس النار علينا".

اختبأت بعد ذلك عند سوداني إلى حين موعد الرحيل الثلاثاء نحو الساعة 22,00 "20,00 ت غ". ولا تجيد بينتو السباحة كما لم تكن تعرف ان منظمات إنسانية تجول في البحر المتوسط.

وتابعت "رحلنا هكذا، بدون أن نعرف أي شيء"، ولم تكن تدرك أيضاً فرص أن تتمكن سفينة إنسانية من رصد القارب الذي كانت على متنه.

وتجهل بينتو أين سترسو بها السفينة "اوشن فايكينغ"، لكن الأهم بالنسبة اليها أن تكون بعيدة من طرابلس.

 

تم نسخ الرابط