الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أولياء الله المهاجرون إلى مصر

أولياء الله المهاجرون
أولياء الله المهاجرون إلى مصر
كتب - السيد علي

شرفت مصر بأن تكون مهبط الرسالات وموطن الأنبياء وقبلة العلماء وأولياء الله الصالحين، إذ أمضى سيدنا يوسف، عليه السلام، حياته كلها في مصر، وهي التى تجلى الله سبحانه فيها على سيدنا موسى وكلَّمه الله وهو فى أرض مصر تكليمًا.

كما شرفت مصر بأن استضافت المسيح عليه السلام وأمه السيدة مريم ابنة عمران، وانتقلا منها معززين إلى القدس الشريف.

وكانت مصر قبلة لأولياء الله الصالحين والعلماء الذين عاشوا فيها حتى وفاتهم مثل السيدة زينب والسيدة عائشة والسيدة نفيسة والإمام الشافعى وغيرهم الكثير من أولياء الله الصالحين اللذين اتخذوا من مصر موطنا  .

السيدة زينب

ولدت السيدة زينب بنت الامام على بن ابى طالب رضى الله عنه، بعد مولد شقيقها الإمام الحسين بسنتين فى شهر شعبان من السنة الخامسة لهجرة المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم.

شاركت أخويها، الحسن والحسين، فى جميع ميادين الجهاد، وأخرجت من المدينة المنورة فى عهد الدولة الأموية إلى مصر.

ولقد كانت السيدة العقيلة عاقلة لبيبة جزلة كريمة، وكانت فى البلاغة والشجاعة شبيهة بأبيها الإمام على كرِّم الله وجهه وأمها الزهراء رضى الله تعالى عنها.

حملت تدبير أمور أهل البيت بعد استشهاد أخيها سيدنا أبى عبد الله الحسين، فهى من أجلِّ أهل البيت حسباً وأعلاهم نسباً، وأكثرهم شرفاً وصيتاً.

اختارت السيدة زينب رضى الله تعالى عنها مصراً لتسكنها لما عرفت من حب أهلها وواليها لأهل البيت، فدخلتها فى أوائل شعبان سنة 61 هجرية، ومعها فاطمة النبوية وسكينة وعلى أبناء شقيقها الإمام الحسين رضى الله تعالى عنهم جميعاً.

يروي بعض المؤرخين أن السيدة زينب رحلت إلى مصر بعد معركة كربلاء ببضعة أشهر واستقرت بها 9 أشهر ثم ماتت ودفنت حيث المشهد الآن ، والمشهور أن المسجد مبني فوق قبر السيدة زينب.

السيده نفيسة

ولدت نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب في مكة في 11 ربيع الأول 145 هـ، وأمها زينب بنت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، انتقل بها أبوها إلى المدينة المنورة وهي في الخامسة؛ فكانت تذهب إلى المسجد النبوي وتسمع إلى شيوخه، وتتلقى الحديث والفقه من علمائه، حتى لقبها الناس بلقب «نفيسة العلم» قبل أن تصل لسن الزواج.

تقدّم الكثيرون للزواج من نفيسة لدينها وعبادتها، إلى أن قبل أباها بتزويجها بإسحاق المؤتمن بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وتم الزواج في رجب 161 هـ، فأنجبت له القاسم وأم كلثوم.

وفي سنة 193 هـ، رحلت السيدة نفيسة مع أسرتها إلى مصر، مرورا في طريقهم بقبر الخليل، وحين علم أهل مصر بقدومهم خرجوا لاستقبالهم في العريش. وصلت نفيسة إلى القاهرة في 26 رمضان 193 هـ، ورحّب بها أهل مصر، وأقبلوا عليها يلتمسون منها العلم حتى كادوا يشغلونها عما اعتادت عليه من عبادات، فخرجت عليهم قائلة: «كنتُ قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى.» ففزعوا لقولها، ورفضوا رحيلها، حتى تدخَّل والي مصر السري بن الحكم وقال لها: «يا ابنة رسول الله، إني كفيل بإزالة ما تشكين منه». فوهبها دارًا واسعة، وحدد يومين في الأسبوع يزورها الناس فيهما طلبًا للعلم والنصيحة، لتتفرغ هي للعبادة بقية الأسبوع. فرضيت وبقيت. ولمَّا وفد الشافعي إلى مصر سنة 198 هـ، توثقت صلته بنفيسة بنت الحسن، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في رمضان، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء. وأوصى أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204هـ، وصلّت عليها إنفاذًا لوصيته.

وفي رجب 208 هـ، أصاب نفيسة بنت الحسن المرض، وظل يشتد عليها حتى توفيت في مصر في رمضان سنة 208 هـ، فبكاها أهل مصر، وحزنوا لموتها حزنًا شديدًا، وكان يوم دفنها مشهودًا، ازدحم فيه الناس لتشييعها.

السيدة عائشة

السيدة عائشة هى بنت جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر بن الإمام على زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهى أخت الإمام موسى الكاظم.

وأجمع المؤرخون علي قدوم السيدة عائشة إلي مصر ووفاتها فيها.

ويقول السخاوي في (تحفة الأحباب) أن السيدة عائشة مدفونة في مصر، وأنه عاين قبرها في تربة قديمة علي بابها لوح رخامي مدون عليه ” هذا قبر السيدة الشريفة عائشة من أولاد جعفر الصادق ابن الإمام محمد باقر ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه”.

 كان ضريح السيدة عائشة في البداية صغيراً وبسيطاً، ثم أهتم بعمارته الفاطميون والأيوبيون، حيث أنشأوا بجوار الضريح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم.

وعندما أحاط صلاح الدين الأيوبي القاهرة والعسكر والقطائع والفسطاط بسور فصل بين قبة السيدة عائشة و بين القرافة، ثم فتح باب في السور إلي القرافة سمي بباب عائشة، و يعرف الآن بباب القرافة. وألحق بالضريح مسجد يعرف بمسجد السيدة عائشة، اعاد بناؤه عبد الرحمن كتخدا سنة 1176 هـ/1762م. ثم هدم المسجد وأُعيد بناؤه سنة 1971م علي ما هو عليه الآن.

الإمام الشافعي

أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ ، وهو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام في علم التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء. وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً. أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: «كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس»، وقيل أنه هو إمامُ قريش الذي ذكره النبي محمد بقوله: «عالم قريش يملأ الأرض علماً».

ولد الشافعي بغزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أُذن له بالفتيا وهو فتىً دون عشرين سنة. هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلباً للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي). عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ.

وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، حتى توفي في مصر سنة 204 هـ.

تم نسخ الرابط